الأقباط متحدون | مشكلة الكنائس إسمها!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:١٧ | الثلاثاء ٨ نوفمبر ٢٠١١ | ٢٧ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٧٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

مشكلة الكنائس إسمها!!

الثلاثاء ٨ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى
من أقوال شكسبير المأثورة ما ذكره على لسان جولييت بطلة روايته الشهيرة "روميو وجولييت":
" ما قيمة الإسم؟ ان ما نسميها "وردة" ستكون لها نفس الرائحة الحلوة اذا سميناها بأى اسم آخر".
وخلفية هذا القول أن روميو كان قد التقى بجولييت ووقعا كلاهما فى الحب من أول لقاء. ولكن هذا الحب كان مهددا بالفشل لأن عائلتى الحبيبين كانا يعاديان ويحاربان الواحدة الأخرى. وكحل للمشكلة يطالب شكسبير على لسان جولييت من روميو ان يغير اسم عائلته. والتبرير الذى تقدمه جولييت لروميو أن الاسم شىء مصطنع لا قيمة له وأنها تحبه لشخصه وليس لإسم عائلته. وفعلا يقرر روميو أن يتخلى عن اسم عائلته حتى يفوز بحبيبته جولييت.


تذكرت هذا القول ذا المغذى الخطير وانا أتابع تطورات مبنى كنيسة الماريناب باسوان. وكان آخر هذه التطورات الخبر الذى نشر والذى يقول:
المشير يقرر اعادة مبنى الماريناب الى ما كان عليه واعتباره ليس كنيسة وإنما دار خدمات تقام فيه القداسات
والقرار الذى تم اتخاذه لحل المشكلة التى هزت مصر كان فى منتهى البساطة والغرابة. الحل كان هو ان ننزع عن المبنى تسميته كنيسة وبدلا من هذا يعاد تسميته "دار خدمة" يقام فيها القداسات. وكأن المشكلة والتى قادت الى مأساة ماسبيرو حيث قتل ما يقرب من 30 وجرح نحو 300 هو فى اسم "كنيسة" والعلاج هو مجرد تغيير الاسم الى "مبنى خدمات." وبذلك يبدو أن أسلوب معالجة شكسبير لمشكلة روميو قد انتصر، عندما طلب بلسان جولييت من روميو التخلى عن اسم عائلته كثمن ليكسب حبيبته جولييت.



من الناحية العملية يبدو ان تغيير اسم عائلة روميو كان حلا عمليا فى مشكلة العشاق. وفى حالة الصراع حول بناء الكنائس يبدو أيضا أنه حل عملى. ولكن هل هذا الحل يوفر العدل والمساواة وفوق ذلك هل يحفظ للمرء كرامته الانسانية؟
ما فائدة الحب يا مستر شكسبير اذا كان ثمنه ان يتنكر الانسان لأصله وهويته ومعها كرامته؟ لقد صدق ما قالت كوكب الشرق أم كلثوم أن الكرامة فوق الحب عندما غنت: أصون كرامتى من قبل حبى فان النفس عندى فوق قلبى. وما قيمة اعطائنا مكانا نصلى فيه يا سيادة المشير اذا كنت تحرمنا من حقنا المشروع أن نطلق علي المكان اسم كنيسة؟ أليس هذا حرماننا من حقنا أن نصلى فى مكان مشروع يقره ويحترمه الجميع وليس كمن يختلس عبادته وكأنه يرتكب عملا مشينا؟
ليست هذه أمورا شكلية تافهة لا قيمة لها. فهى تحمل فى طياتها معانى خطيرة كثيرة:


المعنى الأول: عودة العداء التقليدى للكنائس
هناك عداء قديم لكلمة كنيسة ولمنظر الكنيسة. هذا العداء عمره الآن أكثر من 1400 سنة وظهر فى الوثيقة العمرية فى تحديد مدى ارتفاع الصليب على الكنائس ووضع قيود لبناء الكنائس وترميمها. وانعكس ذلك فى رأى المذاهب الأربعة فى بناء الكنائس والذى قسم الكنائس الى من تنتمى لبلاد فتحها المسلمون صلحا أو عنوة أو استحدثت بواسطة المسلمين. وهى بصفة عامة تحد من البناء والترميم. ثم حدث تحسين طفيف بصدور الخط الهمايونى فسمح ببناء الكنائس ولكن بموافقة ولى الأمر (الرئيس). وكان المسيحيون غير راضيين عن هذا الوضع ويطالبون بإلغائه. ولكن يبدو ان ما حدث لكنيسة الماريناب يثبت أنه ليس هناك نية لتحسين الوضع بل لارجاعه للأسوأ.


المعنى الثانى: عجز الدولة عن فرض الشرعية
بدلا من ان تحاول الدولة تطبيق القانون الذى يضمن العدل للجميع تحاول مراضاة الطرف الأكثر عنفا لأنها لا تستطيع اجبارهم على قبول الشرعية. ظهر هذا فى عهد الرئيس السابق عندما كان يحرص على أخذ موافقة الأمن قبل بناء الكنائس والذى كان معناه استرضاء الجيران قبل التصريح ببناء الكنيسة. ولم يتغير شىء من هذا بعد الثورة، فوجدنا أحد أعضاء المجلس العسكرى يطلب مساعدة الشيخ حسان لاقناع الجيران بقبول بناء كنيسة أطفيح. والآن فى كنيسة الماريناب نرى أيضا المجلس الأعلى يخضع لرأى الغوغاء الذين حرقوا الكنيسة بعدم اعتبار المبنى كنيسة. هذا مع ان المبنى كان يسمى كنسية على مدى 70 عاما.


المعنى الثالث: رضوخ الأقباط لابتزاز الاسلاميين
الشىء الخطير الذى حدث عندما وافق قداسة البابا على قرار المجلس الأعلى أنه لم تحدث محاولة لابتزاز الأقباط فقط ولكن حدث قبول الأقباط لهذا الإبتزاز. الذى حدث هو سابقة خطيرة تقبل المبدأ من أساسه. ولا أستبعد بعد هذا ان ينعكس هذا على بناء الكنائس فى المستقبل فيكون هناك صعوبة فى تسميتها كنائس أو رفع الصليب فوقها أو اعطائها الشكل المعمارى التقليدى للكنائس.


الحل الذى ابتكره شكسبير لمشكلة روميو هو نفسه الحل الذى تبناه المشير لمشكلة الكنائس. روميو يظل روميوا ولكن يتغير اسم عائلته وكنائس الاقباط تظل تبنى ولكن يتغير اسمها. يمكن أن تقام فيها القداسات ويتم فيها العماد والزواج والتناول وكل الفرائض والمراسيم التى تقام فى الكنائس دون ان نسميها كنائس!
لا حصر للاسماء التى يمكن ان تستعملها. يمكنك أن تسميها مبنى خدمات أو حتى ملهى ليلى أو حتى كباريه، وبعد ذلك استعملها ككنيسة دون مشكلة. المهم أن تبتعد عن الاسم الاستفزازى المثير للفتنة الطائفية والذى يهدد أمن مصر وسلامها، وينذر بالحرب الأهلية، وقد يشعل فتيل حرب عالمية وهو (لا مؤاخذة) اسم "كنيسة"!!
Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :