الأقباط متحدون | إغضبوا ولا تخطئوا
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٢٤ | الأحد ٣٠ اكتوبر ٢٠١١ | ١٨ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٦٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

إغضبوا ولا تخطئوا

الأحد ٣٠ اكتوبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم / مارثا فرنسيس

بينما كان الأب ينظف سيارته الجديدة، أخذ ابنه-البالغ من العمر 5 سنوات- حصاة وخدش بها على جانب السيارة، وبغضب شديد ودون التأكد من حجم الخدش وماتركه من أثر، اندفع الرجل يضرب يد إبنه الصغير عدة مرات في إنفعال، بدون أن يشعر إنه يضربه بمقبض مطرقة. وفي المستشفى فقد الطفل جميع أصابعه بسبب الكسور الكثيرة التي تعرٌض لها، وعندما رأى الطفل أباه حزيناً على ماتسبب فيه لأبنه؛ قال له: متى ستنبت أصابعي ياأبي؟ كان لسؤال الإبن وقع الصاعقة على الأب الذي لم يتفوه بكلمة واحدة، وتوجه نحو سيارته وضربها عدة مرات بيده كتعبير عن الحزن والإحساس بالذنب .جلس الأب أمام سيارته وقلبه يعتصر من الألم والندم على فعلتِه، ثم نظر الى المكان الذي خدشه إبنه في السيارة وقرأ " أحبك يا أبي" وفي اليوم التالي انتحر الأب.


يقول سليمان الحكيم "مدينة منهدمة بلا سور الرجُل الذي ليس له سلطان على إنفعالاته". الغضب هو ردٌة فعل نفسية نتيجة أسباب داخلية أو خارجية، وتختلف أسباب الغضب من شخص الى آخر؛ فقد يغضب الإنسان عند حدوث شئ غير متوقع كفقدان الوظيفة، أو نتيجة التعامل مع شخص بعينه، أو نتيجة التعرض لخبرات تُحفِّز على الضيق؛ مثل أزمات المرور والازدحام، أو بسبب ظروف الحياة المختلفة مثل الإرتفاع الهستيري للأسعار وعدم تناسب هذا الغلاء مع المرتبات والدخول المحدودة،خاصة في ظروفنا الحالية، وأحياناً بسبب المرض أو الظروف العائلية، أو نتيجة استرجاع ذكريات مؤلمة. وتختلف أيضا طرق التعبير عن الغضب من شخصٍ لآخر- علماً بأن التعبير عن الغضب يُعَد علامة صحية- غير أن العنف المصاحب لهذا التعبير قد يؤدي إلى نتائج سيئة تفوق في تأثيرها السبب الأصلي للغضب، ومن ثَم قد يؤذي إنسان ما قريبا ً له في حالة غضبه، كأن يُطلٌق رجل زوجته في لحظة غضبه أو أن يضربها كتعبير عن غضبه أو أن يعتدي أحد الوالدين بالضرب على أحد الأبناء، في لحظات الغضب سواء كان الطفل سبباً فيها أو لم يكن، علما ًبأن هذا الإعتداء الغاضب بالضرب ليس وسيلة للتربية بقدر ماهو تنفيس عن غضب الأب و الأم لأسباب متعددة قد يكون من ضمنها خطأ الطفل، و لهذا التصرف رد فعل سئ على الطفل نفسيا ً وجسدياً.

وأحياناً يتم إتخاذ قرارات أخرى خاطئة تخص الحياة أو المستقبل في لحظة إنفعالية، ونرى في هذه الأيام غضب المواطن المصري ، الذي كان يكبت شعوره بالضيق تجاه أمور كثيرة وحيوية تخص حياته، كانخفاض الأجر الذي يتقاضاه مقابل عمل ساعات طويلة مجهدة، ولايستطيع بهذا الأجر مواجهة متطلبات الحياة اليومية للإنسان العادي، من طعام ومصروفات مدارس وملابس وأدوية ومواصلات ومفاجآت اخرى، بالإضافة إلى إزدحام الشوارع، وفي هذه المرحلة الفارقة في مصر ومعظم البلدان العربية زادت مسببات الغضب والشعور بالظلم وعدم الأمان مما زاد من كثرة الإعتصامات وتعطيل الأعمال، والإنفلات الأمني،فزادت معاناةالمواطن العادي أضف الى ذلك إنعدام الديموقراطية وحرية الرأي وحرية العقيدة، مع أخطاء السلطة والحكومة والمجلس العسكري في مصر مما أدى الى مزيد من الغضب المخزون الذي بدأ بالفعل في الإنفجار. لكل إنسان الحق في التعبير عن غضبه وفي المطالبة بكل ماله من حقوق ، ولكن ليس من حق أي إنسان أن يسمح لغضبه أن يجتاح كل مايصادفه من أشخاص وأشياء؛ ليس من حق من يُعَبِّر عن الغضب المكتوم داخله أن يؤذي إنساناً آخر مهما كانت أسباب غضبه وجديتها وصدقها، أو أن يتلف ممتلكات الغير ، ليس من حق الغاضب أن يدمر سيارة ذاق صاحبها الأمٌرين حتى يدخر ثمنها ويحصل عليها؛ ليؤدي بها أعماله أو يصحب بها أطفاله إلى مدارسهم، ويدخر من راتبه الذي بالكاد يكفيه حتى يدفع أقساط السيارة، ليس من حق الغاضب أن يحرم أطفال من أبيهم بالإعتداء عليه في لحظة غضبه وإنهاء حياته، ليس من حق الغاضب أن يُتلف ممتلكات الدولة، وشوارعها ومبانيها، ليس من حق الغاضب أن يُخطئ، فلايمكن أن تكون بعض الإنفعالات السلبية التي نُسبت ظلماً للمتظاهرين هي مطالبة بحقوق ضائعة وهم يدمرون كل ماتصل إليه أيديهم، قكيف لمن يتألم لضياع حقوقه ويطالب بها-كيف يُدمر حقوق الآخرين؟ حيث يعلم جيداً كل من يحب مصر أنها لا تحتمل التخريب والتدمير ، يكفيها مايُثقل كاهلها من ديون، ويكفيها ماتحتاج اليه من إصلاحات، مصر تحتاج للبناء والتغيير والتطوير من كل فئات الشعب .


الغضب لاحدود له كما الحب أيضاً، في غضبك إختر الحب لتصبح ردود أفعالك تحت تحكمك. الأشياء صُنعت للإستعمال وخُلق الناس من أجل أن نحبهم، ولكن المشكلة في عالمنا اليوم هي أننا أصبحنا نستعمل الأشخاص ونُحب الأشياء، وفي تعبيرنا عن الغضب نجرح من نحبهم ونتلف الأشياء التي نحتاجها . مبررين لأنفسنا كل مانفعل تحت مسمى إننا في الغضب لا نعلم ماالذي نفعله.


يقول سليمان الحكيم أيضاً ان مالك روحه(أو إنفعالاته) خير ممن يأخذ مدينة، إغضب وعَبِّر عن غضبك فهذا حقك الذي لايستطيع إنسان أن يمنعك عن ممارسته، ولكن عندما تغضب لا تخطئ، وحاول أن تحول هذه الطاقة الغاضبة إلى طاقة خلاقة، إرسم، إكتب، إنفرد بنفسك قليلا حتى تهدأ واحذر ففي تعبيرك عن غضبك قد تؤذي نفسك أو تؤذي من تحبهم؛ ولابد أن تضع في الإعتبار أن اسباب الغضب قد تزول أو قد تظهر حلول للمشاكل التي سببت الغضب ولكنك لن تستطيع أن تزيل بسهولة تأثير كلمات أو افعال سلبية قد أقدمت عليها ،حيث لن يفيد الندم.
محبتي للجميع.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :