الأقباط متحدون | يوم أن اتشحت مصر بالسواد
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:٠٣ | السبت ١٥ اكتوبر ٢٠١١ | ٣ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٤٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

يوم أن اتشحت مصر بالسواد

السبت ١٥ اكتوبر ٢٠١١ - ١١: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

أمام ماسبيرو وفي مساء الأحد 9/10/2011 م كانت الفاجعة ، وكان يوم الحداد ، فمن الصعب أن نجد يوماً في تاريخ مصر كيوم ماسبيرو ، والذي راح ضحيته عشرات الأقباط ، إنه يوم فريد ومجيد ؛ يوم ودعت فيه مصر الأبطال الشاهقين والباهرين ، إذ لم يكن الأمر في ذلك اليوم عادياً عندما برز العشرات المسالمين لمناياهم في حب وغبطة .


إنني أراه يوماً تاريخياً تجلت فيه قداسة الحق ، وشرف الوطنية على نحو متميز وفريد ، عندما داست المدرعاتُ القلة الماجدة ، التي وهبت حياتها لقضايا الوطن الحقيقية ، لتنتهي الأحداث بقتل مروِّع ، وموت أسيف ، وحصاد من الأرواح أليم .
وإن أعظم ما صنع أبطالنا الأماجد ، وشهداؤنا الأكارم ، أنهم جعلوا الحق قيمة ذاته ومثوبة نفسه ، فكانت أشلاؤهم مشاعل على طريق الأبد للمصريين خاصة ، وللبشرية عامة .


لقد علمتمونا أن الحق وحده هو المقدس ، وأن الانتصار للثورة هو الشرف ، وأن الولاء المطلق للحق والتضحية العادلة في سبيل مصرنا الحبيبة وحدهما اللذان يجعلان للإنسان والحياة قيمة ومعنى .
وإنني لأجاوز قدري إذا زعمت أو توهمت أنني قادر على إيفاء الشهداء في تضحياتهم وعظمتهم حقـَّهم .
إنني أستنشق عبير هؤلاء الأبطال ، وتلك العظمة ، ولا أملك إلا أن أنادي الناس كي يستمتعوا معي بهذا العبير .
وإن أصحاب المطالب الكبرى في التاريخ يعتمدون على النخوة وعلى كرامة الإنسان في مطالبهم المشروعة ، فيتوسلون إلى الناس بما فيهم من نبل المقصد ، وهم يركبون المخاطر ، وينسون الصغائر في سبيل العظائم أملاً في الوصول إلى مطالبهم الدينيـَّة والدنيوية المشروعة عن طريق المظاهرة السلمية .
ولقد تجاوز أبطال ماسبيرو منفعتهم الخاصة ، حتى يصلوا إلى منفعة الأمة كلها ، أو النوع الإنساني كله ، ولكن للأسف اصطدمت بمنافع أصحاب الجشع والخسة ، وقرب المأخذ ، وسهولة المسعى !
ولقد شهد التاريخ أن النجاح لن يُسمى نجاحاً إلا إذا تجاوز حياة الفرد أو الطائفة من الأفراد ، فإذا قيل أن الأخوة الأقباط حصلوا على حقوقهم المشروعة ، فمغزى ذلك أن أبطالاً قائمين ذهبوا وضحوا ، لتبقى الحقوق بعد ذهابهم ، لذلك فإن القيمة أبقي وأنجح لأن ذهاب الفرد أمر مفروغ منه ، لذلك فإن الذي ضحى من أجل القيمة وصل إلى الأمجاد ، كما جاء في إنجيل متـّى " من فقد نفسه من أجلي وجدها " ، وجاء في القرآن " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ "

فالصواب هنا ظاهر لمن يريد أن يراه ، لذلك فالعطف على القاتل عبث لا معنى له ولا حكمة فيه ، فما كان الشهداء في ماسبيرو يحرصون على منفعتهم الخاصة ، والتي لا تغنيهم في حياتهم العامة أو في حياتهم الباقية ، إنهم تجاوزوا بقتلهم الإنسان نفسه في سبيل معنى من المعاني ، أو مثل عال من الأمثلة العليا ، من أجل أن تتحقق المطالب الدينية والدنيوية المشروعة ، ولعلني لا أقصد إلى خلاف إذا قلت أنه لا يمكن لأحد أن يتعلل " بحفظ النظام وحفظ الأمن العام " ، فإن أحداً من الذين يعيشون على أرض الكنانة ليس له فضل قط في قيام الدولة المصرية ، ولم تقم على عهد أحد من القائمين على أرضها ، بل هى منذ آلاف الأعوام قد قامت ونمت ؛ لذلك فإن رغبة المواطنين من المسلمين والأقباط في بقاء رباط الوطن هو الذي يعطي الدولة المصرية التماسك ، وليس بقدرة القائمين على الحكم فيها .
وإذا كان البعض منا يرى أن الله خلق الإنسان من أجل أن يقتل أو يداس بالمدرعات ، فقد أساء بربه ظناً ، لأنك لن تجد عاقلاً يزرع الزرع ليحرقه ، ولا يبني البناء ليهدمه ، ولا يخيط الثوب ليمزقه ، ولا ينظم العقد ليبدده ، ففي أى الأديان أو في أى الكتب السماوية أو أى السنن النبوية وجدنا أن يتوجه الرجل لأخيه الإنسان فيسلب منه روحه ويمثـّل بجسده حتى لا يتعرف أحد على البعض من شدة المثلة !!
إننا يجب أن نستعلى على هذا الموروث الانحطاطي ، الذي نتعامل به مع المخالفين في الديانة أو المذهب ، لأن الأديان لا تدعو إلا إلى الهدايات العامة ومكارم الأخلاق ، ولنقف وبكل قوة أمام المتعصبين في الديانات ، ويجب أن يلفظهم النظام الحاكم ويحاسبهم عى تكفير وازدراء الآخر ، الذي هو شريك في الوطن والحياة ، وأن الأنبياء جاءوا هادين ومبلغين ، ولم يأتوا جبابرة أو مسيطرين
" فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر " سورة الغاشية
وإن الساحة يجب أن تشحن بآخرين – غير دعاة الفتنة – قادرين على شرح مفهوم الديانة بما يتوافق مع منطق القرن الواحد والعشرين الملزم في حقوق الإنسان
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " سورة الحج
إنني على ثقة أن الدماء الزكية لن تضيع سدى ، وان شجرة الحياة هي التي تصل إلى عنان السماء إذا تم تغذيتها بهذه الدماء .


إن الإنسانية المسكينة كانت في عطش شديد إلى هذه الدماء الزكية ، حتى تتخلى عن الأنانية والأثرة ، والتعصب والتمييز ، وحتى يعود لكل ذي حق حقه في الحياة .
سلام على الأنفس الطاهرة مدى الأيام ما قُرئت صحيفة ، سلام على شهداء ماسبيرو ؛ فقد تركتم لنا روحاً وندى ، ونبراساً وهدى ، وظلاً وظليلاً في الهاجرة ، وإنه لا يضيع حق وراءه مُطالب .
فلا عجب أن تنحني لكم الأضالع على حب ، وتنطوي عى تجلـّـة ، ولذويكم منا مزيد المحبة والفضل ، ومن الله الصبر والسلوان




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :