الأقباط متحدون | دعوني أعزف على القيثارة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٠٧ | الأحد ٢٥ سبتمبر ٢٠١١ | ١٤ توت ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٢٧ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس في الصميم
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
١١ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

دعوني أعزف على القيثارة

الأحد ٢٥ سبتمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: أحمد صبح

يقول "عبد الرحمن الخميسي": "كيف أعزف على قيثارتي وأنا مشغول بالدفاع عنها؟!".. إن هذا الضجيج والعجيج، وهذه المشاغل والمشاكل التي تشغلنا بها جماعات وأحزاب كثيرة في "مصر" عن الدولة الدينية والمدنية لهو مخطط يقعون فيه عن قصد أو عن دون قصد، الأمر الذي يجعل المجتمع يبيد بعدما ساد، ويخرب بعدما عمّر، وينتهي عزه ومجده، لتعود "مصر" مرة أخرى لما كانت عليه قبل الثورة.. إن هذا التناحر الفئوي والمذهبي لا يعود إلي سوء النية أو الغباء، بل يعود إلى العجز عن تلمس معطيات العصر المتحوِّلة من جوهر العنصر النافي إلى عصر المنطق الموحد.. كل ذلك من أجل أن ننشغل بالدفاع عن القيثارة، ودون استعمالها في الصدح والعزف والغناء!!

 

 

منْ كان يتصوَّر أن الجماعات التي كانت تراهن على الحاكم تتحدث اليوم عن الحاكم المخلوع! بل منْ كان يتصوَّر أن منْ كان يشغل نفسه بالحيض والنفاس وتكفين الموتى ودفنهم، والقول البتة في تحريم لبس الكرافتة، والقول الوفا في حلق القفا، وتذكير الصحبة في فضل النزول على الركبة، والقول السديد في أن دخول المجلس النيابي ينافي التوحيد.. من كان يتصوَّر أنهم الآن يتحدثون عن الأمور العامة دون تجربة أو تعاليم واضحة محددة؟!.. كل ذلك من أجل ألا نعزف على القيثارة، وننشغل بالدفاع عنها.

 

إننا نعلم أنه لا يوجد في الإسلام رجال دين. قال تعالى: "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض..". فالدين ليس وظيفة اجتماعية. من هنا كان لملك "السعودية" علماؤه، ولـ"ابن لادن" علماؤه، وللجماعة الإسلامية علماؤها، وللإخوان علماؤهم، وهذا وضع منطقي مع دين لا كهنوت فيه. ومن هنا، فإن الشيخ "محمد عبده" كان حصيفًا لما قال: "إن الإسلام قضى على الدولة الدينية حتى لم يعد لها بعد ذلك اسم ولا رسم!". لذلك، فإن الدولة الدينية ليست خطرًا على المخالف في العقيدة فحسب، بل هي خطر على المسلمين أنفسهم؛ لأن الاعتراض سيأتي عليها من المختلفين في الأيديولوجية داخل الديانة، وأنا أوضح ذلك بالسؤال: لماذا انقلب شباب المجاهدين في "الصومال" على "شريف شيخ أحمد"؟. من هنا ارحمونا يرحمكم الله؛ لأن النبي عليه السلام قال: "أنتم أعلم بشئون دنياكم"، وأمور السياسة والحكم من أمور الدنيا، وإذا كنا في تخصصاتنا الدنيوية أعلم من رسول الله، فنحن أعلم بها- من باب أولى- من الصحابة والتابعين والفقهاء!

 

هذا يجب أن نفهمه جيدًا؛ حتى نعزف على القيثارة ولا ننشغل بالدفاع عنها. وبينما كان العالم الغربي يتقدَّم، وأجزاء من العالم غير الغربي يشرع في التحديث، خاصة في الخمسين سنة الأخيرة، بقي العالم العربي أسير ترتيبات سياسية واجتماعية بدائية. فنحن في سياساتنا لسنا متفردين من الناحية الثقافية، بل نحن أسرى في حبائل الماضي. فماذا أخذت دول النفط التي كان يتوقع لها التحديث لثرواتها الطائلة من الحداثة غير الهامبورجر وماكدونالدز وساعات رولكس وسيارات كاديلاك والليموزين؟!

 

استيراد السلع أمر سهل، ولكن استيراد قوام الحشو الداخلي والحداثة أمر صعب، مثل حرية السوق والأحزاب السياسية والمساءلة القانونية. لذلك فإن دول الخليج حصلت على نسخة زائفة من الحداثة، وإذا ما تبخر النفط فإن دول الخليج ليس لديها ما تعرضه إلا القليل. إن بعض الجماعات والأحزاب التي خرجت بعد الثورة من القمقم صوتها يرتفع الآن؛ لأن دعوتهم لها أصداؤها عندما نادوا على الناس بالمشاركة؛ لأن النظام البائد حوَّل الناس إلى مشاهدين وتركوا الأمر لحكامهم. وفي وقت كان المستقبل فيه غامضًا، ربطتهم بتقاليد تخفف من حيرتهم، وقدَّمت الأصولية للعرب غير الراضين عن مصيرهم، لغةً قوية للاعتراض في هذا المضمار، ولم يواجه الإسلام مقاومة تذكر، حيث يعتبر العالم العربي صحراء سياسية، بلا أحزاب حقيقة، وبدون صحافة حرة، وسبل قليلة للخلاف. ونتج عن ذلك أن المسجد أصبح ساحة للمناقشة السياسية، باعتباره المكان الوحيد الذي لا يمكن حظره في المجتمع الإسلامي. فقد صارت كل أسباب البغض والكراهية لنظام الحكم تنمو في المسجد، وأصبحت لغة الاعتراض هي لغة الدين. ومن هنا ظهر المزج بين السياسة والدين، والذي أصبح مادة قابلة للاشتعال، وعلى الأقل ديانات نسل إبراهيم عليه السلام (اليهودية– المسيحية– الإسلام".. كلها تؤكد على الثوابت الأخلاقية، والسياسة تقوم على المواءمة والحلول الوسط، فكانت المحصلة موقفًا لا هوادة فيه، موقفًا من الحياة السياسية يكسب فيها الفائز كل شىء. لذلك أعجب من هذه الجماعات التي قالت عن "أردوغان" "سيدنا وابن سيدنا"، ولما قال إن العلمانية تقف على مسافة واحدة من جميع الأديان، قالوا "سفيهنا ابن سفيهنا"!!.

أيها الناس، دعونا نعزف على القيثارة ولا تشغلونا بالدفاع عنها.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :