الأقباط متحدون | مرحبًا بمبعوث الأقليات
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:٠٠ | الأحد ٤ سبتمبر ٢٠١١ | ٢٩ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٥٠٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

مرحبًا بمبعوث الأقليات

الأحد ٤ سبتمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: القس أيمن لويس
كالعادة، تتزاحم الأحداث السياسية الحادثة في مجتمعنا، ولأننا منذ أن بدأنا الكتابة في هذا الموقع، أعلنا أن هدفنا هو تقديم رؤية مسيحية للأوضاع السياسية المتعلقة بهذا الملف الشائك والمعقَّد الخاص بالمسيحيين، والذي يشوبه غموض وتوجُّس بما يجعلنا لا نستطيع وضع السيناريوهات للأوضاع المستقبلية، وكالعادة نتعامل مع الأحداث بأسلوب "رد الفعل" وليس التخطيط أو الترتيب، مما يترتب عليه عدم إحراز أي تقدُّم. ومن الأحداث الظاهرة على الساحة هذه الأيام وتستفز صاحب القلم ولا يجب تجاهلها:
معضلة المبادئ الحاكمة للدستور.
عملية 29 يوليو الجهادية وإحتلال ميدان "التحرير".
المشروع الأمريكي بتعيين مبعوث لشئون الأقليات بمنطقتنا.

أولًا- معضلة المبادئ الحاكمة للدستور، والتي يرفضها أتباع التيارات الإسلامية شكلًا وموضوعًا، وهو الحل الذي لجأ إليه المثقفون وائتلاف الثورة بعد إشكالية الانتخابات أولًا أم الدستور؛ لضبط جموح المتطرفين والمغالين في الفكر الديني، والذين يريدون إتخاذ الدين ذريعة للأخذ من حقوق الآخر، وقمع الحريات.. إنهم في أعلى درجات التحفز والتأهب للقفز على الآخر والسلطة! وهم لا يخفون ما لديهم من رغبة لفرض مزيد من القيود والتمييز، فهم شديدي الإيمان بمبدأ "وإن قابلتم النصارى في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه إلى آخر العهدة". ويعلنون بوضوح أنه على النصارى (أى المسيحيين الاقباط السكان الاصليين للبلد) دفع الجزية ومن لم يعجبه فليترك البلد! وغيره كثير من الأقوال والأفعال التي تتخطى حدود الذوق واللياقة، وتؤكِّد سوء النية والتربص.

ثانيًا- ثم عملية 29 يوليو الجهادية، التي تم فيها إحتلال ميدان "التحرير"، لتتحوَّل الثورة وتخرج عن موضوعها السياسي، لتلبس الجلباب الأبيض، لتكون ثورة إسلامية، بمباركة المجلس العسكري الذي يخرج علينا ببيان لتبرير تصرفه بعد كل مرة يمنح فيها التيارات الإسلامية مزيدًا من المساحة للتمكين، ليدافع عن إنحيازه لهم بالتأكيد على مدنية الدولة!! والأعجب، إعلانه غلق الميدان بعد مليونية 29 يوليو وتحويله لسكنة عسكرية محظورة على الثوار أصحاب المطالب السياسية، ثم أعقبه تقديم الثوار الأصليين لمحاكمات عسكرية، ليكون ختامها 29 يوليو "إسلامية.. إسلامية!!!"، ليصدق القول "أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب!".

ثالثًا- المشروع الأمريكي بتعيين مبعوث لشئون الأقليات بمنطقتنا، وما أثاره من غضب ورفض التيارات الإسلامية مجتمعة! وهذا معتاد، وكما عودنا الأزهر أن يكون دائمًا مستعدًا بإصدار البيانات الساخنة عند ظهور أي جهة تتحرَّك نحو حقوق المسيحيين، وبالأمس كانت ثورة الغضب على بابا الفاتيكان وتقرير الحريات الدينية، واليوم على الإدارة الأمريكية. فأصدر بيانًا يوم الثلاثاء 2 / 8 / 2011 كإعلان رفض، ومع كامل تقديرنا واحترامنا للأزهر، لست أعلم ما شأن الأزهر، وبأي حق يرفض أو يقبل؟ فالأمر يخص المسيحيين والجهات السياسية المختصة. فالأزهر مؤسسة دينية، والقرار مصدره إدارة سياسية!. من حق الأزهر- إن شاء- مقاطعة الإدارة الأمريكية كما فعل مع "الفاتيكان"، فهو حر في ذلك، ولكن ليس له حق الدخول في شئون الآخر وخططه الخاصة بالأمور السياسية. ثم من يتطلع على البيان يلاحظ خشونة الأسلوب وقسوة الألفاظ، والروح العدائية، وإنه خرج بطريقة عفوية يغلب عليها مشاعر الغضب، مما جعله يفتقد الالتزام بالأساليب الدبلوماسية المتَّبعة في المعاملات السياسية. على العموم نحتفظ بحقنا لإظهار رؤيتنا وتقديم تحليلنا للموقف، فمن قراءتنا للبيان نرى أنه يفتقر إلى الموضوعية والحيادية والمنطقية الشمولية في قراءة الأحداث، فيقدِّم البيان الافتخار بالثقافة العربية باعتبارها النموذج الإنساني الأرقى في حقوق الآخر!!! والتعيير للمجتمع الأمريكي والغربي على ممارساته العنصرية التي لا تعرفها الثقافة العربية!! هنا مكمن الخطورة.. فطالما لا يرى أن عليه مأخذ، فلا أمل في الإصلاح. فهو لا يرى ولا يعترف بالممارسات التعسفية والإساءة والازدراء والانتهاكات بحقوق وعقائد ورموز المسيحيين، بل العكس أنه- وسائر التيارات الإسلامية- يرى أن الأقباط أسعد أقلية على وجه الأرض!!!

ودائمًا وأبدًا نجد التيارات الإسلامية بكل أنواعها وأطيافها، رغم التباين الكبير بينهم الذي قد يصل يومًا ما لدرجة المواجهة، إلا أنهم يسلكون تجاه المسيحيين بالمثل القائل "أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب". فما أن يظهر مشروع ينادي بحقوق الأقليات إلا وتثورعاصفة غضب من التيارات الإسلامية!! وإن كان قد إتفق المسلمون على رفض المشروع الأميركي ومراعاة ما يرونه دائمًا في صالح الإسلام ورفعته، والعمل دائمًا على توظيف السياسة لخدمة الدين، فمن حقنا نحن المسيحيين أن نفكر أيضًا في صالحنا. ولكن العجيب والمثير للدهشة ما ظهر من ردود فعل لبعض قادة الكنيسة وبعض المنشغلين بالسياسة والناشطين في المجال الحقوقي بالهرولة للإعلام بشجب المشروع!! وهوغاية المراد لغالبية غير المسيحيين، فخرجت المانشتات "المسيحيون يرفضون المشروع الأمريكي"!!!

للحق.. أرى أن القرار نال رضى وراحة من أغلب المسيحيين، رغم أننا كمسيحيين لا نعوِّل كثيرًا على سياسات الأمريكان لأنها غير منزَّهة الدافع، وفي الأول والأخير تحكمها أجندة المصالح، فهي المحرِّك الحقيقي للقرارات السياسية. إلا إنه يحق للمسيحيين ويكون مشروعًا لهم في ظل هذا التكتل الإسلامى الرهيب، السعي والبحث عن طرق لتحسين الأوضاع وتحقيق الحقوق، ولاسيما أن صبر المسيحيين قد تخطى الخطوط الحمراء. فمع تقديرنا لما نسمعه من اعتراف إعلامي من قبل المثقفين بمشاكل المسيحيين بـ"مصر"، إلا أن الأمر يقف عند هذا الحد، ولا توجد أي خطوات محسوسة بمعالجة حقيقية ومرضية، كما أن اهتمام الأوساط الدولية بقضية المسيحيين لا يعتبر تدخلًا في الشئون الداخلية أو تهديدًا لأمن وسلامة البلاد، وليس عار على المسيحيين الدخول في حوار مع مؤسسات دولية، وإن حدث لا داعي للتنصل منه، ولا سيما من قادة الكنيسة أو الناشطين الحقوقيين أننا نسألهم الصمت والتريث والكف عن مجاملة النزعة الإسلامية على حساب صالح وأمن وأمان المسيحيين، أو السلوك بمبدأ إتقاء الشرور. فمرحبًا بأي مبادرة دولية لمناقشة القضية. فمع أنه لم يظهر من بين المسيحيين من قال "طظ في مصر" أو من خرج ليطوف الشوارع والميادين رافعًا علم دولة أخرى، أو لم يظهر من إنضم لخلية إرهابية تخطط بتعاون وتمويل خارجي لأعمال تخريبية- إلا أنه حتى تاريخه لا يُستأمَن مسيحي ليكون محافظًا أو في موقع قيادي أو مركز حساس!. كما أن هناك أمر آخر.. ألا يوجد هناك إتصالات وأكثر من مجرد إتصالات بين التيارات الإسلامية والعديد من الدول تم رفع علمها بميدان "التحرير"؟ بل وهناك إتصالات مع "أمريكا" نفسها! ولا يعني حلال أن يكون هناك مقابلات وإتفاقات على مستوى دولي مع الإسلاميين وحرام وخيانة وطنية إن فعلها المسيحيون؟!!.

على المسيحيين أن ينظموا صفوفهم، وأن ينضجوا، ليكونوا على مستوى الأحداث، ويتحدوا، ويتفقوا على كوادر ليكونوا ممثلين لبحث قضيتهم. وعلى جمهور المسيحيين أن يدعموا هذه الكوادر بالتأييد، وعدم التشكيك في نوايهم أو رميهم بالإتهامات وملاحقتم بالشائعات، وليسمعوا ما يريد أن يقوله المبعوث أو غيره!.

فليس خيانة للوطن أن يكون هناك تعاون دولي. والمجتمع الدولي تحكمه مصالح مشتركة ومنظومة قوانين ومعاهدات. ومن حق المجتمع الدولي أن يقدِّم الإدانة- وأحيانًا التدخل- عندما ينحرف مجتمع ما أو حاكم ماعن ممارسة منظومة العدالة والقيم والحقوق المتعارف عليها دوليًا، وفي أسوأ الأحوال، لن يسمح المسيحيون أن تتدخَّل دول- مهما علا شأنها- بما يمكن أن يضر بمصالح "مصر"، أو التدخل برسم سياسات وفق أجندتها الخاصة كما نسمع عن ما تقوم به دول البترول!.

وكلمة أخيرة، علينا الاعتراف بأن صدور هذا القرار لم يأت من فراغ، فما قام به أبناؤنا أقباط المهجر الذين لا أعرف منهم أحدًا من جهود حسيسة عبر عقود، كان له هذا المردود الإيجابي. فلهم منا جزيل الشكر، ليس فقط على ما بذلوه، بل وعلى ما تحملوه من أجل إخوتهم. وفي الختام، لا أجد خير من هذا القول أتركه لكل مصري: "مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام" (أفسس 3:4)..




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :