الأقباط متحدون | أفضل طريقة لإسقاط حكومة المالكي!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١١:١٨ | الخميس ١ سبتمبر ٢٠١١ | ٢٦ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٥٠٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أفضل طريقة لإسقاط حكومة المالكي!

الخميس ١ سبتمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم :د.عبدالخالق حسين

منذ أكثر من سنة تطلع علينا، يومياً تقريباً، دعوات صاخبة على شكل مقالات، وبيانات، وتظاهرات من جهات عديدة، وبالأخص المتضررة من إسقاط حكم البعث، أو القوى السياسية التي فشلت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تطالب باستقالة السيد نوري المالكي وحكومته، ولكن دون أن يتكرموا علينا بطرح البديل المجدي، أو أن يجيبوا على السؤال: وماذا بعد استقالة أو إسقاط حكومة المالكي؟

المشكلة العراقية ليست في تعددية مكونات الشعب فحسب، بل هناك صراع داخل كل مكونة وتحالف، فالانقسام لا ينحصر في السني- الشيعي، أو العربي- الكردي- التركماني...الخ، بل وصل إلى داخل كل مكونة، وكل تحالف، وكل كيان سياسي، وأتباع كل أيديولوجية. فالصراع بين البشر نزعة فطرية، وما السني- الشيعي إلا واجهات لتبرير هذا الصراع، ولو لم يكن أهل العراق سنة وشيعة لاخترعوا شيئاً آخر تذرعوا به لتبرير الانقسام والصراع. والدليل على ذلك، هو الصراع بين التيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر، والمجلس الإسلامي الأعلى بقيادة السيد عمار الحكيم، رغم أنهما داخل إئتلاف واحد، وتحالف واحد، ومن مذهب واحد، وحتى قيادتيهما من مدينة واحدة. ونفس الكلام ينطبق على القوى السياسية العربية السنية، والكردية، والتركمانية والمسيحية...وغيرها.

فالانقسام والانشطار بيع القوى السياسية لعنة عراقية بامتياز، لذلك قالوا عن أهل العراق أنهم (أهل الشقاق والنفاق)، وهم في ثورة دائمة على الحكام، حتى بات من الصعوبة حكمه، وقد حاول مفكرون كبار عبر التاريخ، منذ اسكندر المقدوني وإلى الآن، إيجاد تعليل مقنع لهذه الظاهرة العراقية الفريدة، فلم يفلحوا. إلا إن للعلامة علي الوردي تفسير لهذه الظاهرة، إذ يعزيها إلى نزعة العراقيين إلى الجدل وتعلقهم بالمثاليات أكثر من أي شعب آخر، فقال: "إن النزعة الجدلية تجعل الناس مثاليين في تفكيرهم أكثر مما ينبغي، فإذا انتشر بينهم رأي، أو ظهر زعيم، فلا بد أن يجدوا فيه نقصاً على وجه من الوجوه. فهم يتحمسون له في البداية، ثم تقل حماستهم له شيئاً فشيئاً، إذ هم يستخدمون تجاهه أقيستهم المنطقية ومثلهم العليا، فيرونه أوطأ مما تخيلوه عنه في أول الأمر. وعند هذا يبدأون بالنفرة منه وبالانفضاض من حوله". ويضيف الوردي في كتابه (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي)، أن العراقيين في حرب دائمة، وعلى الشكل التالي:

1-القتال بين القبائل بعضها مع بعض،

2- القتال بين القبائل والحكومة،

3- القتال بين المحلات في المدينة الواحدة،

4- القتال بين القبائل والمدن،

5- القتال بين المدن بعضها مع بعض،

6- القتال بين المدن والحكومة.

ونضيف لهذه القائمة حروب صدام العبثية ضد دول الجوار.

 

وقد بلغ الانشقاق حتى في صفوف جماعة تتبنى أيديولوجية واحدة، والتي كانت في يوم من الأيام، تؤلف حزباً واحدا، فحزب الدعوة مثلاً انقسم إلى نحو 4 أحزاب أو أكثر، كذلك التيار الماركسي انشطر على طريقة التكاثر الأميبي، وهم في حالة عداء مستفحل فيما بينهم. فمن البيانات التي تصدرها التنظيمات الماركسية حصلتُ على القائمة التالية:

1- الحزب الشيوعي العراقي – اللجنة المركزية

2- الحزب الشيوعي العراقي - القيادة المركزية

3- الحزبي الشيوعي الكوردستاني

4- الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي

5- اتحاد الشيوعيين الماويين العراقيين

6- تجمع الماركسيين اللينيين الثوريين العراقيين

7- الماركسية اللينينية الماوية

8- التجمع الماركسي اللينيني العراقي

9- التيار اليساري الوطني العراقي

 

ولا بد هناك تنظيمات ماركسية أخرى لم اسمع بها. ينقل عن لينين قولاً ما معناه: إذا وجدت عدة أحزاب ماركسية في بلد واحد، فواحد منها ماركسي حقيقي، والبقية خائنة، على غرار "الفرقة الناجية". لذلك وفي مثل هذه التعددية المفرطة لأتباع أيديولوجية واحدة في بلد واحد، لا غرابة أن تفشل هذه الأحزاب في الفوز بأي مقعد في الانتخابات ما لم تنضم إلى التحالفات الكبيرة.

لقد عايشنا أحزاباً وفئات وأفراداً ما انفكوا يتغنون بالديمقراطية، والدعوة لاعتماد التداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع واحترام نتائجها، ولكن ما أن تحقق لهم ذلك بعد سقوط الفاشية، حتى وراحوا يستخدمون كل الوسائل، المشروعة وغير المشروعة، وتهييج الشارع للحط من الديمقراطية الوليدة ووأدها وهي في المهد، والدعوة للإطاحة بالحكومة المنتخبة وتحت مختلف الذرائع، والتشكيك بنتائج الانتخابات رغم أنها نالت اعتراف وثناء المراقبين الدوليين بنزاهتها، لا لشيء إلا لأنهم فشلوا في الحصول على أي مقعد برلماني، أو فشل رئيس كتلة معينة أن يكون رئيساً للحكومة كما في حالة "كتلة العراقية".

والجدير بالذكر أن "كتلة العراقية" رغم أنها حصلت على حصة الأسد في الحكومة (12 وزير+ رئيس البرلمان + نائب رئيس الجمهورية +نائب رئيس الوزراء)، ولكن مع ذلك لم يقتنعوا إلا إذا تبوأ زعيمهم أياد علاوي رئاسة الحكومة. لذلك وكما تبين، أن وزراء كتلة العراقية يعملون على شل الحكومة، وعرقلة بناء المشاريع، وخاصة الخدمية منها مثل مشاريع الكهرباء، لإفشال العملية السياسية برمتها، ودفع الشعب للاعتقاد بأن الحل الوحيد لإعادة بناء وإعمار العراق، وتوفير الخدمات، والأمن والاستقرار، هو إعادة الحكم إلى ما كان عليه قبل 2003.

أشرنا مراراً أنه ليس في العالم جماعة تتمتع بالكفاءة الهائلة على التضليل وتشويه الحقائق وكيل الافتراءات وبث الإشاعات المضللة مثل البعثيين. فمنذ سقوط حكمهم الفاشي، ولحد الآن ارتكبت فلول البعث أبشع جرائم الإبادة ضد شعبنا، ولكن كل بياناتهم بعد أية عملية إرهابية تصدر بأسماء منظمات إسلامية وهمية مثل: "دولة العراق الإسلامية" أو غيرها، مستفيدة من جرائم القاعدة وانحطاط سمعتها. فمعظم هذه المنظمات التي نسمع بها بأسماء إسلامية هي وهمية من اختراع فلول البعث لتعليق جرائمهم عليها وتبرئة البعث منها، وهي لعبة قذرة لا يجيدها إلا البعثيون.

يمتلك هؤلاء، العشرات من مواقع الانترنت، تدعمهم عدة فضائيات عربية، وينشرون يومياً العشرات من التقارير المزيفة يتفننون في إخراجها وكأنها حقائق دامغة غير قابلة للشك، للتأثير على البسطاء من الناس. ولكن ما يثير الحزن والأسى أن يلجأ ناس كانوا بالأمس القريب من ضحايا البعثيين، ليقوموا اليوم بتقليد البعثيين في التحريض ونشر الأكاذيب، وفق مقولة ابن خلدون: "المغلوب مطبوع على طبيعة الغالب".

على سبيل المثال، نقرأ هذه الأيام تقارير وبيانات مضللة، وبأسماء مستعارة، ما أن تنشر أولاً على مواقع مشبوهة، حتى وتتلقفها صحافة حزب معروف لتنشرها على أوسع نطاق بغية إضفاء المصداقية عليها لأن هذا النداء ينسجم مع أهداف هذا الحزب. لذلك، لا نستبعد أن تكون هذه المواقع المشبوهة هي تابعة بالأساس إلى الجهة التي تعيد نشرها، بحجة حق إعادة النشر، و"ناقل الكفر ليس بكافر"، والغرض من هذا اللف والدوران واضح، وهو إفشال العملية السياسية.

ولتوضيح ذلك، نذكر المثال التالي: نشر أحدهم "بياناً" جاء فيه: (دعت المنظمات إلى "تظاهرات عارمة في ساحة التحرير يوم الجمعة الموافق التاسع من أيلول باسم الملايين وأهالي شهداء الأمن المفقود وأطفالنا المسروقة أحلامهم وشبابنا العـاطلون عن العمل ونساؤنا الأرامل والمطلقات وشيوخنا الذين بخس حقهم برواتب تقاعدية بائسة والمعتقلون الأبرياء دون أوامر قضائية وسجناء الرأي".) (مقتبس من مقال الدكتور مؤيد عبدالستار، بعنوان (إسقاط حكومة المالكي .. من يدعو ومن ينفذ)، على مواقع الإنترنت يوم 25/8/2011).

لاحظ هنا المتاجرة بمآسي الناس، والدفاع عن المعتقلين. ففي رأي أصحاب البيان العتيد، أن المعتقلين والسجناء هم أبرياء، علماً بأن معظمهم قد ألقي القبض عليهم وهم متلبسين بالجرم المشهود، أو نتيجة اعترافات شركائهم في الجريمة. فهؤلاء لا يريدون اعتقال أحد من المشتبه بهم في الإرهاب، وفي نفس الوقت يطالبون الحكومة بحفظ الأمن، ويلقون عليها اللوم في حالة وقوع عملية إرهابية، ويتهمونها بالضعف وعدم قدرتها على مواجهة الإرهاب بما فيه الكفاية.

والملاحظ أيضاً، أنه إذا ما تصدى كاتب ضد حملات التشويه والتضليل، واجهوه بمختلف الوسائل والحيل والتكتيكات للتأثير عليه. فمنهم من يستخدم ضده أسلوب البلطجة والإرهاب الفكري بمقالات تسقيطية، ومنهم من يرسل رسائل عتاب ونصائح!! وصنف آخر يلجأ إلى الضغط على أصدقاء الكاتب لتوجيه النصح له بأنه (رايح زايد!!، على كيفك... إشدعوة!، والحكومة فاشلة وضعيفة وفاسدة، والناس ميتة من الجوع، وأنت في الخارج لا تعرف ما يحصل وما يجري في الداخل...!!) إلى آخر الكلام المكرر...

 

كما ويطالب الفاشلون في الانتخابات الأخيرة بإجراء انتخابات مبكرة، عسى ولعل أن يفوزوا بعدد من المقاعد هذه المرة. وهذا ناتج عن قصر نظرهم، وعدم فهمهم لمزاجية الجماهير. إنَّ إجراء الانتخابات المبكرة يعني عدم الثقة بالناخبين العراقيين الذين تحدوا تهديدات الإرهابيين، وعدم احترام الفترة المخصصة للدورة البرلمانية وهي أربع سنوات، إضافة إلى التكاليف الباهظة التي تبلغ نحو مليار دولار، والفترة المطلوبة نحو سنة للتحضير لإجراء الانتخابات، وسنة أخرى للمداولات والمناكفات بين القوى السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة، وبذلك لا نرى أية فائدة من تقديم موعد الانتخابات غير إشغال الشعب في المزيد من المشاكل والنفقات والصراعات.

ذكرنا آنفاً، أن هؤلاء السادة فشلوا في تقديم البديل المقبول لحل الأزمة، وإذا ما قدموا بعض الاقتراحات فهي في منتهى الخيال والطوباوية، تكشف عن زيف إدعاءاتهم بالديمقراطية. إذ اقترح أحدهم دعوة الأمم المتحدة لحل الحكومة العراقية الراهنة وفرض حكومة تكنوقراط. نسي كاتبنا أن هذه الحكومة التي يطالب بحلها هي نتاج انتخابات اعترفت بنزاهتها الأمم المتحدة، وهي التي اتفقت عليها قيادات الكتل السياسية الكبيرة بعد مداولات طويلة ومضنية.

 

والجدير بالذكر، أني كنت من أوائل الذين طالبوا بتشكيل حكومة من التكنوقراط المستقلين إلى أن يستقر الوضع. ولكن بعد مدة أعدت النظر في هذه الدعوة، فتبين لي أنها مجرد أحلام طوباوية غير قابلة للتنفيذ مطلقاً. إذ هناك عقبات كثيرة تواجه هكذا دعوة منها: من هي الجهة المخولة لحل هذه الحكومة المنتخبة قبل نفاد مدة دورتها؟ ومن المخول لدعوة الأمم المتحدة بالتدخل؟ وما هي الآلية التي ستعتمدها الأمم المتحدة في اختيار التكنوقراط المستقلين لتشكيل هذه الحكومة؟ فحتى لو جاءت الأمم المتحدة بملائكة من السماء السابعة لاختيار أعضاء هذه الحكومة ومهما كانت مثالية، فهل ستسلم الأمم المتحدة نفسها من تهمة الانحياز والتلاعب؟ وهل يسلم التكنوقراط أنفسهم من تهمة الفساد والرشوة والضعف؟ ألم يكن أيهم السامرائي، وزير الكهرباء السابق في حكومة أياد علاوي من التكنوقراط ومستقل، ومع ذلك سرق 300 مليون دولار وهرب إلى الخارج؟

أما طرح هكذا اقتراح في الوقت الراهن وفي هذه الظروف بالذات، فالقصد منه معروف وهو إلغاء الديمقراطية وحق الشعب في اختيار حكامه، وإرباك الوضع، وبالتالي إغراق البلاد في فوضى عارمة. وهذا ما يخطط له أعداء العراق في الداخل والخارج.

 

والمؤسف أن هؤلاء لم يستخلصوا أي درس من تجاربهم الكارثية أيام ثورة 14 تموز 1958، حيث دفعوا الثمن باهظاً. واليوم تلعب نفس الجماعات ذات الدور لإغراق البلاد في فوضى عارمة بحجة فشل حكومة المالكي، رغم أنها مؤلفة من جميع القوى السياسية الفاعلة.

إننا نقدم للسادة المطالبين بإسقاط أو إقالة حكومة المالكي النصيحة التالية: إذا كنتم حقاً تؤمنون بالديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة، وبما إن المالكي حصل على أعلى نسبة من الأصوات، ونال ثقة الأغلبية البرلمانية به وبحكومته، لذلك يجب استخدام نفس الطريقة الديمقراطية لإزاحته عن المسؤولية، إذ توجد في النظام الديمقراطي آلية سهلة ومشروعة لتغيير الحكومة، وذلك بمطالبة البرلمان بسحب الثقة من رئيس الوزراء وحكومته، وكفى الله المؤمنين شر الجدال. فإذا صوتت الأغلبية ضد المالكي وحكومته، فبها، أما إذا صوتت لصالحه وحكومته، فيجب أن تحترموا الديمقراطية وقرار البرلمان، وأن تعلموا بأن أسلوب الترهيب والتهديد بتحريك الشارع وإغراق البلاد في فوضى عارمة، هو سلاح تستخدمه الأقلية لفرض إرادتها على الأغلبية بالقوة، وهو أسلوب أثبت فشله طيلة السنوات السابقة.

مدونة الكاتب: http://www.abdulkhaliqhussein.nl/




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :