الأقباط متحدون | القراءة وتغذية العقل
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢١:٠٦ | الاربعاء ١٧ اغسطس ٢٠١١ | ١١ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٨٨ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

القراءة وتغذية العقل

الاربعاء ١٧ اغسطس ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

  بقلم : اللأب القمص أفرايم الأورشليمى

الانسان ذلك الكائن العاقل

+ قديما قال احد الفلاسفة (تكلم فاعرفك!) واخر قال ان الانسان هو (كائن مفكر) والعقل والتفكيرنعمة يمتاز بها الانسان عن غيره من الكائنات الحيه ، بالاضافة الى الغرائز والدوافع الفطرية. وبالتفكير أخترع الانسان اللغة والكتابة كاداة للتواصل بين البشر والتراكم المعرفى والعلمى من جيل الى جيل وبالعقل سعى الانسان لمواجهة الظروف الطبيعية الصعبة المحيطة وتحديات الحياة واستخدام الامكانات المتاحة للوصول الى اهدافه حتى وصلنا الى العصر الحديث بما فيه من تكنولوجيا وتطور علمى وادبى وفلسفى وروحى فى كافة مجالات الحياة .وعندما خلق الله أدم وحواء خلقهما على صورته ومثاله ،وقد وهب الله الانسان عقلا وحكمة بهما اعطى اسماء للحيوانات والطيور كحسب طبعاها {و جبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية و كل طيور السماء فاحضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها و كل ما دعا به ادم ذات نفس حية فهو اسمها. فدعا ادم باسماء جميع البهائم و طيور السماء و جميع حيوانات البرية} تك 19:2-20.

+ والانسان مكون من الروح والعقل النفس والجسد ، وهو ككل متكامل يحتاج الى إشباع وتطوير كل الانسان حتى يحقق إنسانيته وينمى مواهبه وقدراته والا اصابه الخلل والمرض والضعف ، أرواحنا تحتاج الى الشبع بالله والعلاقة بالخالق الاعظم ، وعقولنا وزنة ثمينة من الله تحتاج الى تغذية وضبط وترويض وتطوير، ويجب ان نفهم ونطور من نفوسنا ونعرف دوافعنا ونروضها ونسعدها ، كما ان للجسد مطالبه الضرورية ويحتاج اشباع وتنميه وترويض ومحافظة على سلامته .

 

+ كيف أذن نستطيع ان ننمى من شخصياتنا ونحقق التوازن المطلوب للكيان الإنسانى كتاج للخلقة وسيدها ما لم ننمى كل الانسان ، ان التطور العلمى جعل التطور المعرفى يتسارع ويتشعب فى مجالات العلوم واخذت المعارف تتسع وتمتد الى الى مجالات استحال على الانسان الواحد ان يلم بها من اجل هذا وجد التخصص فى فروع المعرفة ووجب علينا ان ناخد باراء الباحثين والمتخصصين وعلينا نحن ايضا ان نتخصص ونبدع فى احد فروع المعرفة وفى نفس الوقت نكون ملمين بالمعرفة الضرورية فى المجالات الاخرى وتبرز هنا أهمية الحكمة والافراز فى ايجاد الشخصية الانسانية المتوازنة والتى تتعاون وتتكامل فى ذاتها ومع غيرها ليحيا الانسان إنسانيته .

+ وهنا تبرز أهمية القراءة والبحث فى الكتب والتفكير الأيجابى والتأمل ،حتى نستطيع ان نغذى ارواحنا وعقولنا ونفوسنا بالمعارف اللازمة التى تنمى الانسان فى مجال تخصصه وتجعله مدركا لمجتمعه والعالم المحيط به . القراءة تنمى الذهن وملكات الفهم واعمال العقل والوصول الى العلاقة بين الاشياء وفهم جوهرها والوصول الى الابتكار وتعطى براعة فى الحديث وسرعة الفهم فى عصر النت والدش الذى جعلنا نحيا فى العولمة وجعل العالم من حولنا قرية صغيره ،لقد صرنا نتابع ما يحدث فى الشرق والغرب فى نفس الوقت الذى تحدث فيه الاحداث . واصبحنا نحتاج الى الجلوس مع النفس والتفكير والتامل والتمييز لئلا يجرفنا العالم بتياراته المتصارعة ويجعلنا نحيا فى اضطراب وقلق . فبالقراءة نبتعد عن ما هو ضار ومضيعة لوقتنا الثمين ، ونحتاج الى تنمية قرائتنا وتنويعها لما للكتاب من أهمية وتأثير فى توصيل المعلومة حسب أمكانيات كل انسان ، واذ كان يصعب علينا قراءة كل ما تخرجه قريحة الانسان وجب علينا ان نختار ما هو مفيد لبنياننا الروحى والفكرى والنفسى والجسدى ولاثراء حياتنا واشباع رغبتها فى التعلم والمعرفة ومواكبة عصر المعلوماتية .وكلما نضج الانسان واذداد فى الوعى والمعرفة نمت لديه ملكة المعرفة واصبح الكتاب والقراءة بالنسبة له فى اهمية الطعام والشراب ووجد من الله وبعده الكتاب الرفيق والصديق كمصدر للمعرفة والثراء .

 

 

أهمية القراءة وتمنيتها لدينا.

+ ان القراءة تحقق لنا العديد من الاهداف ومنها الشبع الروحى والنفسى وتطوير وثقل الشخصية الانسانية واثراء الحياة فقيمتك الحقيقة كانسان تتحقق بمدى نضجك الفكرى والثقافى والروحى وكلما أمتلكنا المعرفة فى حكمة وتمييز نمت شخصيتنا ، نحتاج للقراءة فى مجالنا الوظيفى حتى نتطور ونتفوق ونبتكر فيه ونحتاج للقراءة لاسعاد النفس بما هو يضرم الفكر ويؤنسه ولنعرف نفوسنا والناس حولنا وللتواصل معهم ، ان بيوتنا وحياتنا تصبح كالقبور المغشاة بالطلاء من خارج ويلفها الصمت او الفراغ او العظام من داخل ما لم يكون فيها التواصل الفكرى والنفسى والعمل على اسعاد الاخرين وهذه كانت خطية الغنى الذى ترك لعازر البلايا بجواره جوعان ومحتاج للقمة والبسمة والتعاطف ، الانسان لابد ان يعرف ما هو مفيد وجديد فلماذا لا ننمى فى أنفسنا واولادنا حب المعرفة والقراءة منذ الصغير؟ .
+ القراءات الروحية تشبع الروح التى لا يشبعها الا الله ومعرفته والسير على هدى وصاياه من اجل هذا بوصينا الكتاب المقدس{ اعكف على القراءة و الوعظ و التعليم }(1تي 4 : 13).فقراءة الإنجيل تعرفنا بالله وتعاملاته مع البشرية ومحبة الله لنا وتهب الفكر نقاوة روحية وتريح النفس وبها نعرف ارادة الله فى حياتنا وتهبنا مادة روحية للحديث مع الله وبمقتضى وصايا الانجيل سنحاسب فى اليوم الأخير . كما ان الكتب الروحية تهبنا الحكمة وفهم ما عثر علينا فهمه {وقراوا في السفر في شريعة الله ببيان وفسروا المعنى وافهموهم القراءة }(نح 8 : 8). يجب علينا ان نغصب انفسنا على القراءة لاسيما فى المجالات التى نشعر بنقص معرفتنا فيها {بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف (1بط 3 : 15).فعندما نحارب بالكراهية نقرأ عن المحبة وعندما تواجهنا الشكوك نقرا عن ايماننا الاقدس وكيف نفهمه ونحياه . وعندما نحتاج الى القدوة الصالحة نقرأ فى سير الاباء القديسين .وهكذا نروض نفوسنا فى طريق التقوى ومحبة الله ونشبع ارواحنا بالحديث مع الله فى الصلاة والتأمل والقراءة الجيدة ومن خلالها نرفع قلوبنا الى الله فى حديث ودى بين النفس وخالقها .


+اننا لابد ان نعالج الخلل فى حياتنا ونعود أنفسنا على محبة القراءة والاطلاع ، ان أمة او اسرة لا تقرأ فانها تحيا فى الجهل وضيق الافق وتعصف بها المشكلات ، ان الضعف التعليمى وغياب الوعى الثقافى يجب معالجته بدء من الانسان نفسه ثم لمن حوله . لقد ادان الكتاب المقدس عدم المعرفة كسبب من اسباب الهلاك {قد هلك شعبي من عدم المعرفة}(هو 4 : 6). وهو يدعونا للفهم والحكمة {طوبى للانسان الذي يجد الحكمة و للرجل الذي ينال الفهم }(ام 3 : 13). {لان الحكمة خير من اللالئ و كل الجواهر لا تساويها} (ام 8 : 11). نحتاج الى الحكمة لنعرف ماذا وكيف نقرأ {من هو حكيم و عالم بينكم فلير اعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة. ولكن ان كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق. ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي ارضية نفسانية شيطانية. لانه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل امر رديء.واما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوة رحمة واثمارا صالحة عديمة الريب والرياء.وثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام} يع 13:3-18.

+ يجب ان نهتم بتنظيم أوقاتنا وتشجيع انفسنا وابنائنا على القراءة فى عصر اصبحت المعرفة متاحة وامكانية البحث والتنقيب متوفرة على الكمبيوتر والنت وحتى القنوات الفضائية تبث ما هو وثائقي وجديد وطريف وروحى ومفيد وان كان لاغنى عن الكتاب فلهذا يجب ان نبدأ بالقراءة فى المجالات المحببة للنفس والمفيدة لنا فى الحياة ، مرة سالت احد محبى القراءة عن كيف نمي هذه الهواية لديه فرجع لي بذاكرته الى الوراء منذ الطفولة عندما كان اخوه الاكبر ياتيه بالكتب الشيقة ويشجعه على قرائتها وكيف كانت تضرم لديه ملكة التفكير وتجعله سعيد ومتميز على أقرانه ، فهل نحن نفعل هذا مع أنفسنا ومع من هم حولنا .

+ ماذا نقرأ ..يجب ان نميز ماذا وكيف نقرأ فيجب ان نقرأ فى الكتاب المقدس بتواضع وفهم ورغبة ونستعين بكتب التفسير للفهم والمعرفة وكم نحن ندين بالفضل لابائنا القديسين الذين عاشوا الكتاب وفسروه وفى هذا العصر نذكر بالفضل والشكر قداسة البابا شنودة الثالث فى اهتمامه بالتعلم الدينى والوعظ والكتابة والتأليف ، وندين بالشكر للأب الفاضل القمص تادرس يعقوب وكنيسة مارجرجس بالاسكندرية التى أهتمت بتفسير الكتاب المقدس من كتابات الاباء الاولين كما ندين بالفضل للاباء الاساقفة القديسين المنتقلين الانبا اغريغوريوس اسقف البحث العلمى والانبا يؤانس اسقف الغربية والانبا اثناسيوس مطران بنى سويف المتنيح والاب الفاضل متى المسكين وفى مجال كتابات الاباء نذكر بالفضل الجهود القيمة للمركزالارثوذكسي للدراسات الابائية ، والاباء القمص تادرس يعقوب فى ترجمة حياة واقوال الاباء القديسين ، والاب الموقر اثناسيوس جورج وسلسلة اخثوس لدراسات الاباء . ولقد كانت مكتبة المحبة بالقاهرة سباقة فى الاهتمام بالكتاب العربي المسيحى والمترجم ومنها ترجمة المتنيح القمص مرقص داود للعديد من شخصيات الكتاب المقدس . وغير هؤلاء الكثيرين مما اثروا مكتبتنا القبطية بالكتب القيمة.

+ يجب ان نقرأ فى الكتب التاريخية لنتعلم العبر ونأخذ حكمة من تاريخنا وحياة الشعوب وثقافاتها ويكون لدينا المعرفة الافقية بالفنون والعلوم وهنا أذكر موسوعة قصة الحضارة لول ديورانت وموسوعة الحضارة الفرعونية للدكتور سليم حسن وموسوعة الحملة الفرنسية على مصر .

علينا ان نقرأ تراجم الاشخاص العظماء الذين خدموا البشرية بعلومهم ومعرفتهم . وعلينا بتطوير وتنمية معرفتنا فى مجال تخصصنا ومتابعة كل ما هو جديد فيها .علينا ان نقراء فى الموسوعات العلمية والكتب النفسية والاجتماعية والادبية ونتعلم لغة جديده تضيف الى ثقافتنا وفكرنا المذيد من المعرفة والثراء والمعرفة بالاخرين وعلومهم.


+ يجب ان نضع للقراءة وقت فى مخططنا اليومى والاسبوعى ونختار الوقت المناسب لها فى الهدوء وفى مكان جيد الاضاءة والتهوية وان تجعل من الكتاب صديقك المفضل فى فى أوقات الفراغ من العمل او فى السفر ويفضل ان ندون الافكار الهامة التى نتعلمها من الكتاب ليسهل الرجوع اليها فى وقت الحاجة وان اعجبك كتاب ما فاقرأ لنفس الكاتب وتواصل معه وشجع الاخرين على قرائته وتناقش معهم عن فوائده وصادق من لهم نفس الاهتمام بالقراءة والمعرفة وهكذا تصبح القراءة جزء من حياتك وتنطلق بها الى عالم رحب من عالم المعرفة والارتقاء بانسانية الانسان ليكون بحق تاج وسيد الخليقة ونحيا ملء الحياة الافضل.

دعوة للقراءة والتأمل ...

+ ايها الرب الاله واهب الحكمة والمعرفة والعلم ، لقد وهبتنا روحا يهفو الى الشبع والامتلاء ونريد ان نعرفك ونحبك وننمو فى النعمة والقامة والحكمة لديك ولدى الناس ،وهبتنا يارب نعمة العقل والتفكير فهبنا ياغنى بالمراحم السعى الدائم لنعرفك ونحبك وننمو فى المعرفة لان هذه هى الحياة الأبدية والسعادة الحقيقية ، فلكل كمال رايت منتهى اما وصاياك فواسعة جداً وبحر محبتك لا حد لعمقه ولا مجال للوصول الى اغواره الا عندما ترثوا سفن حياتنا فى سماء مجدك وهناك نتحرر من قيود المادة والمعرفة الضارة ونمتلئ ونتحد بك وان كان علينا ان نصلى وان نسعى لكى نتذوق الحياة الابدية ونحياها من الان فاعطنا وكل شعبك ياالله الاب ضابط الكل .

+ هبنا يارب سعيا دائما للحكمة والافراز والمعرفة وليحل روحك القدوس فينا ليقودنا ويهبنا حكمة وفهما ومعرفة ومشورة ومخافة لك كل الايام ، لنعرف كيف نسلك بتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لان الايام شريرة ، علمنا ان نبتعد عن كل ما هو معثر وضار وان نسعى فى أثر السلام وحياة الفضيلة والبر . اشبع نفوسنا بمحبتك ومعرفتك ولنكتشفك دائما حاضراً معنا وفينا تقودنا دائما فى موكب نصرتك وتصل بنا الى معرفتك الحقيقية ومعرفة نفوسنا المخلوقة على صورتك وتنمية عقولنا لتعمل لمجد اسمك القدوس ويكون كل واحد منا ككاتب متعلم { فقال لهم من اجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السماوات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا و عتقاء }(مت 13 : 52).

+ ربى والهى نصلى من اجل كل نفس ضاله لتردها ، وكل نفس حائرة لتهديها، وكل نفس ضعيفة لتقويها ، وكل نفس جاهلة لتهبها الحكمة والمعرفة ، وكل نفس محزون حتى تعزيها ، نصلي من اجل كنيستك لتكون منارة ومصدر اشعاع روحى وفكرى ، ومن اجل كل نفس واسرة لكى ما تشبعها وتغنيها وتكون انت يارب مصدر سعادتها وكلمتك نبع لا ينضب من الرجاء فيها . يارب قوى ايماننا بك ورجائنا فيك . ربى اضرم لهيب محبتك فى كل نفس حتى ننشبع ونرتوى بمعرفتك ونحيا الحياة الابدية معك من الان .
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :