- مصر بين جمعة الهوية الإسلامية وأخري للتأكيد على هويتها المدنية
- من ابن مصر
- التيار المدني يتطلع لاستعادة الدفة من الإسلاميين في جمعة "مصر مدنية"
- "عبدالمقصود": النيابة العامة تعلم بوجود تسجيلات خاصة بالمتحف المصري أثناء الثورة ولن أمانع في ظهورها
- قانون الغدر...عودة لنهج النظام السابق نحو دمقرطة نظام المحاسبة القانونية لأعضاء النظام السابق لضمان حقوق الضحايا
البابا شنودة رجل لكل العصور
قلما يجود الزمن بشخصية عظيمة مثل شخصية قداسة البابا شنودة الثالث، فهو رجل مصرى بمعنى الكلمة، رجل عاشق لتراب هذا الوطن وتاريخه، والحقيقة فإن الكتابة عن شخص البابا شنودة صعبة، فمن الصعوبة أن تجمل حياة مثل حياة قداسةالبابا شنودة فى سطور قليلة، وهو ما يحتاج إلى صفحات كثيرة. فمقال واحد لا يكفى للتعريف به، بل يحتاج إلى مقالات لإلقاء الضوء على حياته وأعماله الكثيرة.
ولد نظير جيد (قداسة البابا شنودة فيما بعد) يوم ٣ أغسطس ١٩٢٣ بقرية سلام بمحافظة أسيوط، ثم انتقل إلى دمنهور ليدرس فى مدارسها، ثم مدارس شبرا إلى أن التحق بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حالياً) وحصل على الليسانس بتقدير ممتاز عام ١٩٤٧، ثم التحق بالكلية الحربية ليتخرج منها عام ١٩٤٨، وكان الأول على دفعته، ثم رسم راهباً باسم أنطونيوس السريانى فى ١٨ يوليو ١٩٥٤، ثم أسقفاً للتعليم ١٩٦٢، ثم بطرياركاً للكرازة المرقسية ١٤ نوفمبر ١٩٧١.
فمنذ جلوس قداسة البابا شنودة الثالث على كرسى مارمرقس، وقداسة البابا يقوم بدور عظيم فى تنمية دور الكنيسة الروحى فى حياة الأقباط بدءا من سن الطفولة، وذلك من خلال نشر مدارس الأحد فى الكنائس والجمعيات واجتماعات الشباب واجتماعات الأسرة فى كل كنيسة. كما اهتم قداسة البابا بالفقراء وجعل لهم خدمة هى خدمة إخوة الرب فى كل كنيسة، فبالإضافة إلى خدمة الكنيسة الروحية للجميع، فهو لا ينسى احتياجات أبنائه المادية من أكل وشرب وتعليم، وفى بعض الحالات تسديد الديون لمن تعذر عليه ذلك. وأيضاً للكنيسة دور فى خدمة الوطن من خلال زرع الانتماء وحب الوطن فى قلوب ونفوس الأقباط، فالأقباط الذين يهاجرون لأول مرة ينتظرون أول فرصة لزيارة مصر، وأيضاً تجلى ذلك فى حرب ١٩٧٣ عندما قام الأقباط بإرسال بطاطين ومعدات طبية إلى الجيش، وقد وجهت لهم الدولة الشكر على وقوفهم إلى جانبها.
كما شهدت الكنيسة فى عهد قداسة البابا شنودة نمواً كبيراً فى عدد الكنائس فى المهجر، فى أوروبا وأمريكا وأفريقيا وآسيا وأستراليا. فقد انتشرت الكنائس فى أماكن تركز الأقباط المهاجرين، وهذه الكنائس تعمل على ربط الجيلين الثانى والثالث للأقباط الذين ولدوا هناك وتعليمهم اللغة العربية والثقافة المصرية حتى لا يذوب هؤلاء الذين ولدوا فى ثقافة البلاد التى يعيشون فيها.
أما دور قداسة البابا الوطنى فهو محل إعجاب غالبية المصريين والعرب، مسلمين قبل المسيحيين، فمواقف قداسة البابا الوطنية كثيرة، فالبابا عاشق لمصر وترابها، ولعل مقولته الشهيرة (إن مصر ليست وطناً نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا) تعبير عن مكنونات نفس تهيم حباً فى تراب هذا الوطن. فمن مواقف البابا الوطنية تفقده القوات المصرية ورفع الروح المعنوية للجنود قبل حرب ١٩٧٣، والتى خدم فيها كضابط فى الكلية الحربية.
ورفض التطبيع مع إسرائيل من اللحظة الأولى لتوقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، واصطدم مع الرئيس السابق أنور السادات ودفع الثمن لموقفه هذا. كما رفض التدخل الخارجى فى الشؤون الداخلية تحت حجة حماية الأقباط من الاضطهاد، فهو يؤمن أن المشاكل بين الإخوة لا يمكن أن تحل إلا من خلال الحوار وعلى مائدة الحوار المصرية، وهو سار ويسير على نهج أسلافه من البطاركة فى رفض التدخل فى شؤون مصر الداخلية، وأيضاً رفض قداسة البابا زيارة الأقباط للقدس إلا بعد تحريرها من الإسرائيليين ولن يدخلها إلا والمسيحى فى يد أخيه المسلم.
القراء الأعزاء.. مصر محظوظة (الله باركها فى الكتاب المقدس والقرآن الكريم) لأن الله أعطاها رجلا مثل قداسة البابا شنودة، رجلا يعمل على وحدة شعبها بالرغم من الاحتقان الطائفى الذى يحدث من وقت إلى آخر، والذى أخذ أبعاداً يمكن أن تشق الصف الوطنى، والتى إن استمرت فسوف تشقه. فقداسة البابا رجل حكيم ولا يترك للغضب مكانا فى نفسه، بل دائماً ما تكون قراراته حكيمة فى صالح الكنيسة والوطن، والكل يشهد بذلك، فدائماً ما يغلب مصلحة الوطن على مصلحة الكنيسة، وهو ما نلمسه فى جميع الأحداث الطائفية التى يكون ضحاياها من الأقباط، إلا أنه يرفض التدخل الأجنبى ويرى أن الحل دائماً وأبداً ولابد أن ينبع من داخل الوطن وعلى مائدة الحوار الوطنى. فكل سنة وأنت طيب يا سيدنا، وربنا يديم لنا حياتك سنين طويلة للكنيسة والوطن.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :