الأقباط متحدون | محاكمة مبارك بين الهرجلة والحركات القرعاء!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:٤٧ | الاثنين ٨ اغسطس ٢٠١١ | ٢ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٧٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

محاكمة مبارك بين الهرجلة والحركات القرعاء!

الاثنين ٨ اغسطس ٢٠١١ - ٣٦: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم: صبري فوزي جوهرة
تابعت بعض ما جاء في جلسة محاكمة الرئيس السابق "حسني مبارك" بقدر ما سمحت لي ظروف العمل. لم أكن أشك، كما اعتقد البعض، أن مبارك سيجبر على المثول بشخصه أمام المحكمة. ذلك لأن مثل غيابه كان سيثير المزيد من الاضطرابات والقلاقل في ميادين وشوارع مصر من دانيها إلى قاصيها. ولا شك أن هذا أكثر إزعاجًا للمجلس العسكري الحاكم من اعتبارات زمالة المتهم السابقة، أو أية وعود سابقة قطعت له قبل تخليه عن السلطة للعسكر بألا يهان أو يحاكم إن صح ما قيل عن وجود مثل هذا التفاهم أو الاتفاق بين الطرفين. هذا بالإضافة إلى خلخلة ما تبقى من وشائج الثقة الواهنة بين الكثير من قطاعات الثورة والمجلس المشار إليه. كان من المحتم أن يساق مبارك إلى قاعة المحكمة تفاديًا لأضرار أكبر كانت ستلحق بالممسكين بمقاليد الحكم في مصر الآن.
قيل عن هذه المحاكمة، بحق، أنها من "محاكمات العصر" حيث أنها ستميط اللثام عن أحداث جسام شهدتها مصر وشرعت بمحاكمة أرباب العهد السابق بتسجيلها على صفحات التاريخ. أحداث امتد وقعها بشدة إلى خارج حدود البلاد كما هو الأمر في كل حدث ذي شأن يلم بمصر، بالتالي كان من المتوقع أن تسير الأمور داخل قاعة المحكمة على غير ما رأى العالم من "هرجلة" و"سرسعة" وافتقاد لرصانة وهيبة القضاة إلى جانب بعض الحركات البلدي القرعاء.
عن "الهرجلة و افتقاد النضام حدث و لا حرج. سوق عكاظ. ضباط شرطة برتب عقيد و عميد يجولون جوانب القاعة فى خيلاء الديوك الرومى لا يضارعها سوى هرج و مرج السادة المحامين وتهافتهم على انتزاع مكبر الصوت الواحد من يد الاخر. فشل عقداء و عمداء الشرطةالقائمون على حفظ النظام داخل قاعة المحكمة فى مهمتهم الوحيدة، بينما كان مجرد اقتراب "شاويش" او ظهوره على الساحة ايام زمان يفض اجدعها خناقة!
أما عن السادة "المترات" المحامين المفوهين فحدث ولا حرج عن أخطائهم النحوية المتكررة المهينة وسوء إلقاء "مذكراتهم"، سواء ما سبق إعداده منها أو ما ارتجلوا. مفارقات أعادت إلى الذكرى مرافعات "مكرم عبيد" و"الهلباوي" وغيرهما من عمالقة المحاماه و كيف كان هؤلاء العمالقة، على سبيل المثال لا الحصر، يبرعون في الانتقاء الفريد النادر لموضع ونص النصوص القرآنية، يستعينون بها في حنكة وذكاء في مرافعاتهم، فتعطيها روعة البلاغة وقوة الحجة وتجعلها نبراسًا ونموذجًا يحتذى لمن يتبعهم في المهنة. قارن هذا بالسيل العشوائي العبث "المدحوش" من الاقتباسات غير المحكمة أو المناسبة لهذه الايات بغرض الإيهام بفصاحة مفقودة أفسدت في بعض الأحيان قوة الحجة بل وحطمتها. كان هذا الفارق الشاسع بين أداء الحاضر والماضي بمفرده شهادة خطيرة دامغة على مدى الانحدار، وإدانة قاسية لحبيس القفص ومن سبقوه من الطغاة على انحدار وتدهور التعليم والمهنية في مصر، ناهيك عن التقدم بها.
كم أشفقت كذلك على القاضى الغلبان. ليس لأنه فقد السيطرة على مجريات الأمور في محكمته بشكل واضح، بل لأنه افتقر بشكل يدعو إلى الشفقة إلى ما يتحتم أن يتحلى به القاضي من هيبة وجلال، خاصة من تناول منهم قضايا بمثل خطورة ما كان بين يديه. اتسم سلوك الرجل بالعصبية، أو ربما الضيق الواضح وانعدام الصبر والسيطرة الفعالة على ما بدى من تجاوزات المحامين لأوامره. كان سلوكه وإلقائه لا يفترقان كثيرًا عن أداء "محضر" في إحدى المسرحيات الهزلية. وإن كان الرجل قد وضع في موقع "واسع عليه حبتين"، فأرجو أن يكون، على أقل تقدير، عادلًا نزيها في حكمه.
أما المأساة الكبرى فقد كان نجومها، كالعادة و كالمتوقع، هم حسني مبارك وولديه. لن أتحدث عن اعتقادي كطبيب مارس الجراحة لأكثر من أربعة عقود، بأنه كان من المستطاع و من الأفضل في تقديري إجلاس الرئيس السابق على كرسي متحرك خاص بالمرضى دون الإضرار بحالته الصحية. بل ربما كان ذلك أفضل له طبيًا من الاستلقاء على "نقالة" بلا حركة لعدة ساعات. النقالة في ظني أدخلت في الصورة لاستجلاب العطف على الطاغية. وهنا يجب علينا ألا ننسى أن محاميه هو من سبق وأعتق بطريقة أو أخرى قاتلًا آخرًا، حكم عليه فعلًا بالإعدام، من حبل المشنقة. لا أعترض على فعلته هذه لأني لست من رجال العدالة، وإن كان الكثيرون من العقلاء يعتقدون أن هناك "لعبة ما" خلف هذا الإنجاز المشبوه غير المتوقع. المهم، نرجع لحسني. في اعتقادي أن اختيار "النقالة" هذه المرة قد يأتي بعكس ما هدف إليه "المتر": كانت مناورة غير مضمونة العواقب.
أدهى من نقالة حسني هو دخول كل من اسم الله عليهم النجلين، سبب المصايب، كل بمصحف في يده يعرضه على الملأ. لم يكن ذلك للتبرك أو من مظاهرالتدين الحقيقي وإلا لكان من المستطاع ومن الأكثر ورعًا واحترامًا للمصحف حفظه بكرامة داخل الجيب، وليس الاتجار بعرضه لغرض الخداع. العبد لله لا يرى في هذه "الحركة البلدي" المكشوفة سوى نفاق مقيت رخيص. ما حرموش! خربوا البلد بالنهب وهم يدعون التدين ويعيدون الكرة بلا ذوق ولا حياء أو ذكاء داخل المحكمة. اتجار رخيص ومقيىء للدين. أين كانت المصاحف عندما نهبت الأموال وزورت إرادة المصريين؟ هل في القرآن ما يوصي بحصد الأرواح البريئة طمعًا في البقاء على كراسي الحكم؟ إن في استغلال القرآن بهذه الصورة الوضيعة لدليل قوي على عدم اكتراث إنسان مسلم بقدسيته. وبالتالي يصبح من غير المستغرب أو المبالغ فيه بعد ذلك عدم احترام أموال وأرواح المصريين. إني اهيب بالقاضي أن يأخذ هذه "التمثيلية" القميئة وما تعني بعين الاعتبار عند الحكم على هذين المتهمين المفسدين.
خللي بالكم إن كل ما سبق أعلاه قد سجله التاريخ فعلًا. خلاص حصل. ويا للعار الذي سيلحق بنا في قبورنا عندما يتصفح أحفادنا هذه الوثائق المخجلة ويتعجبون كيف انحدر أجدادهم بأم الدنيا إلى هذا الحضيض.
فهل فى مقدورنا أن نتلافى لعنة الأجيال القادمة وسخطها؟ ربما استطعنا ذلك إذا لحقنا نفسنا وما نيلناش الدنيا زيادة برفع القرآن في الميادين ومحافل السياسة وقلاع السلطة، بينما لا نعمل بما يرضي الله وما تمليه علينا ضمائرنا لصالح الوطن، بل يسعى البعض سعيًا حثيثًا للتسلق والشعبطة على كراسي حكم كبيرة عليهم والتشبث بأرجلها بأي ثمن. ماذا سيكون حكم التاريخ النهائي عن؟ على حسب. بكره نشوف.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :