الأقباط متحدون | الله الذي أعرفه
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٠٩ | الجمعة ٥ اغسطس ٢٠١١ | ٢٩ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٧٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الله الذي أعرفه

الجمعة ٥ اغسطس ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: مارثا فرنسيس

 ماهي حدود حرية الانسان؟ وما مدى تدخل الله في حياة الانسان؟
الله هو خالق الكون وله كل الحق في وضع قوانين لحكم هذا الكون وللخليقة أيضاً، وهذه القوانين طبيعية وبيولوجية وأخلاقية؛ القوانين الطبيعية لحكم العالم المادي والقوانين البيولوجية لضبط الخليقة البيولوجية، والقوانين الأخلاقية لحكم الإنسان وتنظيم العلاقة بينه وبين كافة الكائنات الأخرى بإعتبار الإنسان هو تاج الخليقة.
وهناك توازن حقيقي بين سيادة الله وسلطانه وبين حرية الإنسان، لم يخلق الله عرائس ماريونيت يحركها كما يشاء، وإلا كيف يُحَمِّلهم مسئولية إختياراتهم الحياتية؟ ولكنه أعطى الإنسان الضمير والقوانين الأخلاقية ليحِد من حريته غيرالمحدودة حتى لا يستغلها في تدمير الآخرين، ومن المؤكد أن علم الله المسبق بقرارات الإنسان لايعني أن هذه القرارات مفروضة على الإنسان بل انها بالفعل إختياراته الحرة؛ لأن سابق علم الله يختلف تماما ً عن القَدَر.
لايهدف الله إلى سلب حرية الإنسان أو إملاء قرارات معينة عليه ويجبره على إتخاذها، ولكنه يحترم الحرية الشخصية التي منحها هو للإنسان ليكون متحملاً تماما ً لنتائج كل مايختار، حتى إختيار الإنسان لقبول الله أو رفضه هو قرار خاص بالإنسان يقوم به ويتَحَمَّل نتائجه.
ولابد من ملاحظة:
1-أن الله لا يترك الإنسان في جهله بل يضع أمامه كلّ الحق ويوضح له كلّ الطرق ونهاية كل طريق وعلى الإنسان أن يختار:
يقول الوحي: أُشْهِدُ عَلَيْك الْيَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جعلتُ قُدَّامَك الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ-(تثنية 30 : 19)، الله يُعلن الحق ويُعلن عن إرادته لأنه يريد للإنسان الحياة التي خلقه عليها ويُحذِر من عواقب طرق الشر ولكنه لا يفرض على أي إنسان إختيا ر معين.

2- أن الله يتعامل مع البشر جميعاً بحيادية كاملة : فهو يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويُمطر على الأبرار والظالمين- متى 4: 45، الله يحب الإنسان بلا حدود أو شروط ولكنه يكره خطيته وشره لأنه لا يطيق الإثم بدون تحيز لجنس أو لون أو شعب معين.
3- أن الله يتدخل في حياة الإنسان بقدر مايسمح له الإنسان نفسه بالتدخل، فكما أنه ليس عند الله محاباة، هو أيضا لا يُقحم نفسه على حياة إنسان يرفضه؛ الله يتجاوب مع طالبيه حسب رغبتهم في تدخله في حياتهم . والمبدأ الأساسي هو ما قاله السيد المسيح لمدينته: كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! (متى 23: 37)
4-الله لا يجرب الانسان بالشرورـ الشر هنا عكس الصلاح ويقصد به الخطية أي الشر الأخلاقي الذي هو عكس الخير وليس الشر الطبيعي بمعنى المصائب والكوارث ـ وهو لا يجرب أحداً. فلاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بالشرور وهو لا يجرب احداً (يعقوب 1: 13). ولكن دور الله هو أن يُخرج من أعمال الناس الشريرة أموراً جيدة لصالح من يطلبونه، ومثال ذلك يوسف، فكل ماصنعه أخوته له من شر ومكائد حولها الله الى عوامل مساهمة في نضج شخصية يوسف ليكون أهلاً لمنصب الرجل الثاني في مصر بعد الفرعون. وقال يوسف عبارته الشهيرة لأخوته:
أنْتُمْ قَصَدْتم لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ به خَيْرًا، لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ، لِيُحْيِيَ شَعْبًا كَثِيراً-تكوين 50 : 20
يريد الله للإنسان إذا جُرب في أي من إمتحانات الحياة- يريد له أن ينجح ولا يجربه ابداً لكي يُفَشِله أو يُعَجِّزه فقلب الله قلب أب.
ولكن هناك بعض الأمور الملتبسة التي يُتَهم فيها الله بواسطة الإنسان وهذه الإتهامات بعيدة تماما ً عن الحق الذي يعلنه الله عن نفسه
فمثلاً :
1- تحميل الأخطاء الشخصية في إختيارات الحياة لله عن طريق تبني مبدأ القدرية والقسمة والنصيب؛ تحدث كوارث كثيرة للإنسان كنتيجة لسوء إختيار الإنسان نفسه، ولا يصح أن نلوم الله على مانختاره بأنفسنا، ويجب على الإنسان أن يدرك ماهي نتيجة وعواقب كل إختيار يقوم به في حياته، فالإنسان فكر وإرادة ومشاعر وهو مؤهل وقادر على صنع القرار في حياته، رغم أن هناك أمور لا يختارها الإنسان كالشكل واللون والجنس والطول وأشياء اخرى ولكنه قادر على اتخاذ القرارات الخاصة به في أمور حياته اليومية وسلوكه وتوجيه مشاعره ونوع الدراسة والعمل وشريك الحياة وغيرها من القرارات المصيرية
2- تبني مبدأ أن الله يرزق الإنسان كل يوم برزق معين: ألا يدفع هذا المبدأ الانسان الى التواكل والكسل؟ فما فائدة العمل والسعي والجهاد إذا كانت محصلة اليوم هو رزقا ً محددا ً يعطيه له الله؟ هذا الفكر لا يعبر عن فكر الله "لأن شَهْوَةُ الْكَسْلاَنِ تَقْتُلُهُ، لأَنَّ يَدَيْهِ تَأْبَيَانِ الشُّغْلَ")الامثال)
3- حوادث الطرق ومايتسبب عنها من موت وإصابات: هل نتجاهل أخطاء السرعة والإستهتار بها، أو عدم الإهتمام بصيانة السيارات أو تعاطي المخدرات وأسباب اخرى تسبب حوادث وكوارث يومية؛ وضحايا أبرياء ثم نلوم الله عليها؟
4- هل يُصيب الله الإنسان بالمرض؟ الله عند المصائب يعطي معونة لمن يطلبه، وفي حياة السيد المسيح على الأرض لم يقابل مريضا ً واحداً وتركه بمرضه على إعتبار إنه تجربة لابد أن يتحملها، بل كان يتحنن ويشفي ويلمس لمسات الحب والمساندة. ومن الغريب أن السيد المسيح كان يسأل المريض ماذا تريد أن أفعل بك؟ وكأنه يُصِر على أن كل إنسان لابد أن يختار مايريده سواء كان خيراً أو شراً.
5- في الزواج يتبنى الكثيرين مبدأ القسمة والنصيب وأن الزواج َقَدَر مهما فعل الانسان فلن يصيبه إلا نصيبه، وهذا قول أبعد مايكون عن العقل والمنطق وفكر الكتاب المقدس، الزواج إختيار إرادي ولا يمكن أن نقبل فكرة أن الله يُعيِن رجلا بعينه لإمرأة بذاتها أو العكس! ولكن الحَقّ الذي يعلنه الله أن هناك أسساً ثابتة لإختيار شريك الحياة وأن هناك خطوطاً عريضة تعطي نوراً ووضوحاً للاختيار، ويجب التخلي عن فكرة أن الزواج ينجح من تلقاء نفسه حتى بعد الأخذ في الإعتبار النقاط السابقة، لابد من بذل الجهد والرعاية الدائمة ليس فقط لإنجاح الزواج بل أيضا ً للمحافظة على نجاحِه مستمراً، أصبح اليوم هناك دراسات وكتب ودورات لتوعية المقبلين على الزواج لبناء علاقات صحيحة وزواجا ًناجحاً ومعرفة مساوئ التسرع والاندفاع في الإختيار أو الإختيار بدافع الحب والإعجاب فقط دون فحص شخصية شريك المستقبل، فهل نلوم الله على زيجات فاشلة قمنا باختيارها بكامل إرادتنا؟ مُعلِقين سوء إختيارنا على شماعة النصيب "وربنا عايز كده"!؟

محبتي للجميع




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :