الأقباط متحدون | قال إيه: مليونية للدفاع عن الهوية..أية هوية يا سادة؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٣٧ | الأحد ٣١ يوليو ٢٠١١ | ٢٤ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٧١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

قال إيه: مليونية للدفاع عن الهوية..أية هوية يا سادة؟

الأحد ٣١ يوليو ٢٠١١ - ٠٧: ٠١ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: نبيل المقدس
اليهودية هي شريعة خاصة لشعبها، لكن لم تكن هوية. المسيحيــــة هي حيـــاة، لكن لم تكن هوية. الإسلام دين الأغلبية، لكن لم يكن هوية. الوفد، والأحرار، والناصري، والغد، والمصريين الأحرار، والحرية والعدالة، والنور... إلخ هي أحزاب، لكن لم تكن بتاتًا هوية. الجماعات الإخوانية، والسلفيون، والمجاهدون، والإسلاميون، والليبراليون، والإشتراكيون، والشيوعيون، والمسيحيون، هم جماعات متباينة في الفكر أو العقيدة، لكنهم ليس لهم الحق في أن يجعلوا من فكرهم مرجعية للهوية.

 

"جُمعة لم الشمل" التي اتفقت عليها جميع القوى الوطنية مع ما يسمون أنفسهم بالجماعات الإسلامية بجميع فصائلهم، نجحت دينيًا في نظرهم، لكنها فشلت فشلًا سياسيًا عظيمًا في عيون العالم.. وإذا كانت الجماعات الإسلامية ظنت خلاف هذا فهي تكون خاطئة.. كفى أنهم- وكالعادة- نقضوا الإتفاقات أمام العالم، والتي كانت قد تمت بينهم وبين باقي القوى التي تنادي بدولة مدنية مدنية مدنية.. هذه الإتفاقيات التي رفعتها القوي السياسية مع الجماعات الإسلامية، كانت تنص أولًا على تسمية هذه الجمعة بجمعة "لم الشمل" وتخلوا تمامًا من أي شعارات دينية أو عنصرية أو حزبية، ويرفعوا يافطات تحمل الشعارات المشتركة.. لكن نقضها السلفيون عند أول خيط من بزوغ صباح الجمعة المُتفق عليه.. ونشكر الظروف التي هيأت هذا اليوم لكي ينكشف الفكر الحقيقي لهؤلاء التحالفات الإسلامية بمختلف إتجاهاتها، والذي يتَّجه إلي تديين "مصر" المحروسة وتحويلها من دولة مدنية مصرية إلي دولة هويتها عربية إسلامية..!

 

ألا تعلم هذه القوى الإسلامية أن الثورة من نتاج شباب وشابات لم يخطر على بالهم ولم يضعوا في أجندتهم أي فكر ديني؟.. بل خرج الليبرالي والإشتراكي- أيًا كانت ديانته- تتعانق أياديهم لتحقيق هدف واحد وهو الوصول إلي دولة مدنية قائمة علي المواطنة، ومن منطلق الوطن الواحد تحدَّدت هويتهم من أول لحظة قيامهم بثورتهم العظيمة يوم 25 يناير 2011.. هذا اليوم تم حفره في تاريخ "مصر" بأن هويتها مدنية، ولا تستطيع أي قوة تعيش على خيرات تراب "مصر" وتشرب من نيلها أن تزحزح من هويتها المدنية ولو خطوة واحدة، كما أنه- وبلا جدال- تأكد وتم توثيق أن كل الشعب هويتهم مصرية مصرية مصرية مصرية يريدون الحياة المدنية.. فالهوية أصلًا يا "سادة يا كرام" تتصل إتصالًا مباشرًا مع طبيعة الشعب، والتي توجِّهه إلي اختيار نوعية النظام التي تناسبهم وتتوافق مع جميع كل القوى الموجودة علي الساحة.. ومن هذا المنطلق، خرج علينا المجلس الأعلى للقوات المسلحة التي تمثل رأس السلطة، ومن خلال تصريح قائدها المشير "طنطاوي" أنه "لا مجال لتكرار وجود خوميني مرة ثانية".

 

يضم أي مجتمع الكثير من الأطياف المختلفة. وما يملأني فخرًا أن "مصر" هي أول الحضارات التي تُطبِّق الحياة المدنية، حتى أنها مرَّت بمراحل كثيرة من الغزوات الهكسوسية والرومانية والإسلامية ولم تتزحزح عن هويتها المدنية.. (طبعًا هنا لا أتصدر عن نبذ المسيحيين فليس هذا موضوعنا).. ولأن طبيعة المصري لا تستطيع أن تغيِّر من حياته المدنية؛ فهو عاش منذ آلاف السنوات حياة المواطنة مع مَنْ يختلف معه في الدين وفي جذوره الأسرية.. فقد كانوا يؤمنون بعدة أديان، وكانوا تحت أسر حاكمة مختلفة من الفراعنة، لكنهم- وبفكرهم المصري المتحضر الدائم منذ القدم- رفضوا أن يجعلوها ذات هوية تختص بأسرة فرعونية معينة أو بديانة معينة.. فكانوا يضعون القوانين المدنية في جميع مجالات الحياة، بحيث تناسب جميع الأطياف.

 

أتصوَّر أنه حان الوقت- نحن المسيحيين- أن نتخطي هذا الشعور بالفزاعة، والذي يبثه علينا بعض من الجماعات الإسلامية، وأنهم يسعون إلي توصيل "مصر" إلي بلدة دينية وتطبيق الشريعة.. وفي نفس الوقت يتعطفون علينا ويصدرون بيانات استفزازية بين الحينة والحينة الأخرى تشير إلى أن الشريعة هي التي حافظت على النصارى، وهي الوحيدة التي تؤمن سلامتنا.. تناسوا ما عاناه أجدادنا من ازدراء واضطهاد.. هم يتوهمون –لأننا أقلية- أننا نستجدي معونتهم وحفاظهم علينا.. لا يا سادة يا كرام.. نحن المسيحيين لا نفزع منكم، بل نحن نخاف على "مصر" وعلى مستقبلها.. نحن لسنا مثل البلدان الأخرى التي تخنع تحت ديموقراطية أساسها دينية لأنهما لا يتفقا.. نحن مصريون أبناء ملوك وفراعنة كانت لهم الهيمنة والهيبة.. أصحاب الحضارات الأولى.. كما أننا لنا رب وعدنا بوعود كثيرة نحن نؤمن بها.


مازلت متأكدًا أن القوة الوحيدة التي تستطيع أن توقف هذا الزحف الديني الآتي على "مصر" هو وجود "كيان مسيحي علماني".. وأنا على ثقة أنه سيجد ترحابًا كبيرًا من القوى السياسية الأخرى التي تنادي بالحياة المدنية؛ لأنهم يعلمون تمامًا أن أول هدف لنا يبتعد تمامًا عن الهيمنة والسلطة.. فنحن نعترف أن الحكم المصري يجب أن يكون لشخصية مسلمة تؤمن بمباديء الدولة المدنية الخالصة.. وهذا ما ننشده كمسيحيين. وأعتقد أن وجود كيان مسيحي علماني سوف يكون سندا لجميع القوي الأخري والتي تنادي بمدنية الدولة، وبالفصل بين الدولة والدين.

 

إحدى قوانين تكوين الأحزاب أن لا تكون بمرجعيات دينية.. لكن نقضوا هذه القوانين.. لذلك أُصر بأن علينا كمسيحيين أن نقوم أولًا بتكوين مجموعة أو تحالف مسيحي يضم جميع الطوائف المسيحية.. وعلى ما سمعت، أن هناك هيئات أو جمعيات قبطية تكوَّنت بالفعل.. لكن لم نسمع عنهم على الملأ.. نريد من هذه المجموعات أو من هم يتشاورون في قيام حزب، أن يعلنوا عن أنفسهم وبلا خوف، بل يقتحمون المجال السياسي بكل قوة.. عليهم أن يعلنوا في الصحف المصرية عن اجتماع عام للإخوة المسيحيين في تاريخ محدَّد ومكان معين.. وتتم فيها المناقشات والتعارف على بعضنا البعض، حتى يبرز من أوساطنا رجال أو شباب لهم موهبة القيادات السياسية، ونبدأ في تسليم المأمورية لهم، ونضع ثقتنا فيهم، ونساعدهم بكل ما لدينا من إمكانيات.. وأنا أتمنى أن من هذه الاجتماعات المسيحية سوف يخرج أيضًا أناس يكوِّنون أحزابًا لها طابع مسيحي.. وإن لم نأخذ المبادرة من الآن سوف ننقرض.. هذا لا يمنع بتاتًا أننا نذوب في الأحزاب والتحالفات الأخرى، لكن ككيان مسيحي ولسنا كأفراد.

 

أتمنى أن أجد استجابة من الإخوة المسيحيين في تعليقاتهم، وأنا مستعد أن أكون لكم مركز الإتصالات والتعارف، بمحاولة تجهيز مكان يتسع لعمل مثل هذا المهرجان؛ لكي نتَّخذ خطوات هامة بعيدة عن الكنيسة. فالوقت حان، وعلى القوة المسيحية أن تُظهر نفسها. ومعروف أن أي مجموعات مسيحية هي مجموعات وطنية بحتة.. لا تسعى وراء سيادة أو حكم أو فرض عقيدتها، بل تسعى إلى إبراز الهوية الحقيقية للمصري، وتسعى إلى وحدة الطوائف، ولا تضع العقيدة حاجزًا للتفاهم.. فنحن نؤمن فقط بمدنية "مصر" أيًا كان دين أو فكر كل من يعيش عليها؛ سلفي أو إخواني، مسلم أو مسيحي. نؤمن أن الشيء الوحيد الذي يربط كل هذه الفئات المتباينة هو المواطنة. فوطننا هو "مصر" ولا ننتمي إلا لها.. كذلك هويتنا السياسية هي الحياة المدنية ولا هوية إلا هي؛ لأنها تناسب جميع الطوائف التي تعيش على أرض "مصـر"!




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :