ست الدار وسيدة البيت
بقلم : لطيف شاكر
( لو كنت عاقلا أبحث لنفسك عن زوجه , وأسس لها بيتا , أحبها من قلبك , وحافظ على سعادتها , أنها كا لحقل الذى يسعد صاحبه بالسنابل الجميله )
من أسطوره "أيزيس وأوزوريس" أدرك المصرى أن من الموت تأتى الحياه بعدما أحتضنت تربه مصر الغاليه أشلاء "أوزوريس " و أصبحت بفضل سيده النماء والجمال "حتحور" سنابل القمح الغاليه وعرف "حورس" أن دور الأبن هو أن يبذل كل الجهد لكى ينتصر على الفوضى والظلم ويعيد للأرض تناغمها وأستقرارها.
و أصبحت الأرض " بيتا" و"وطنا" والأم "أيزيس" سيده عرش هذا الوطن أما الأخت " نفتيس" فلقد أصبحت "سيده هذا البيت" و المسئوله عن أمنه وأستقراره ، "نفتيس" هى " ست الدار" – وهذا بالفعل الأسم الحرفى لها و صوره التاج الذى تحمله فوق رأسها ولهذا وصفت بأنها "سكن الحياه" وفى أحيان أخرى "سرير الحياه".
فمنذ بدأت الحياه على ضفاف وادى النيل و المرأه دائما مع الرجل - حتى نهرالنيل نفسه جمع بين المرأه والرجل فى صوره واحده هى صوره " حابى" الذى
تخيله المصرى القديم فى صوره رجل له ثدى أمرأه رمز الغذاء والعطاء المستمر ونراه دائما أثنين – واحد يمثل الشمال والآخر الجنوب يربطان زهرتى "اللوتس" و"البردى" تأكيد لوحده وثبات وادى النيل.
فالمرأه هى الزوجه والحبيبه التى أطلق عليها المصرى القديم لقب " شريكه الحياه"، وربما لا يوجد تمثال أو صوره من صور المعابد لا نرى فيها الرجل والمرأه معا يجمع بينهما الحب والأحترام والود والأخلاص.
وأدرك المصريون بأن المرأه الجميله هى المرأه الذكيه وأوصى الآباء أبنائهم بالبحث عن المرأه العاقله القادره بحكمتها وحسن تصرفها على مشاركه الحياه معهم، وكانوا يقولون بأن من يتزوج أمرأه لأجل جمالها كمن يشترى بيتا من أجل جمال طلاء واجهته فقط ، وأوصوهم أيضا بان يعاملوا زوجاتهم معامله حسنه ويظهرون لهن مشاعر الحب والحنان ويهدوهن أيضا الزهور والعطور.
ولقد كان الزواج فى مصر القديمه يعقد فى مكاتب تسجيل ملحقه بالمعبد ويتم أيضا فى وجود شهود .
وكان العريس يقول عند كتابه عقد الزواج : " لقد ربطت مشيئه الله بيننا برباط الزواج المقدس ، ولقد عرفت أنك أخترتنى بحريتك ووافقت على بكامل أرادتك ، وستكونين فى بيتى السيده الحره ولن أهمللك أو أهجرك أو أفرط فيك.. وأذا قدر لنا أن ننفصل سوف أعطيك جميع حقوقك"
وكانت الأفراح تشبه افراحنا فلقد كان رش العريسين بحبات القمح الأخضر أحد طقوس الزفاف.
حتى "اختراع الدبله" يعود الى مصر القديمه فهى نفس دائره " الشن" التى ترمز للأستمرار والبقاء.
و تصف كتب التاريخ "نفتيس" بأنها "سيده الكتان" – أول نسيج عرفه العالم وصنعت منه المرأه المصريه القديمه أجمل الملابس وأكثرها أناقه فهناك الفساتين ذات الأكمام وأخرى بدون أكمام وفساتين فضفاضه تضم تحت الصدر برباط أو حزام ملون وفساتين طرزت بالخرز وأستخدمت فيها الخيوط الفضيه والذهبيه خاصه فى ملابس المساء والسهره والأحتفالات الرسميه والمناسبات الخاصه
ولكن أهم مميزات فساتين المرأه المصريه القديمه هى تلك التكسيرات المعروفه " بالبليسيه" وهذا يعنى أن المرأه فى مصر القديمه كانت رشيقه للغايه وكانت تبدو دائما فى قمه اناقتها – فقيره كانت أم غنيه بل أن اجمل صور وصلت لنا وتعبر بالفعل عن هذه الشياكه والأناقه هى صوره الفلاحه المصريه فى هذا العصر القديم.
ومن المعروف أيضا أن المرأه المصريه القديمه كانت أول من أكتشف"المرآه" التى كانت مقابضها تأخذ فى كثير من الأحيان شكل سيده الجمال " حتحور" وهى أيضا أول من عرف فن تصفيف الشعر الذى أستخدام فيه الشعر الصناعى والباروكات وأكتشفت أيضا نبات " الحناء" فى تغذيه الشعر وصباغته.
و عرفت أدوات التجميل من أحمر الشفاه للبودره لطلاء الأظافر وأهم هذه الأدوات كان الكحل الذى تفننت فى أستخدامه فوصفت لنا كتب التاريخ المرأه المصريه بأنها صاحبه اجمل عيون – نفس العيون السود" الحتحوريه" الواسعه.
وربما لا يوجد متحف من متاحف العالم وليس فيه مكحله من تلك "المكاحل" الرائعه ومن أجملها ما هو محفوظ الآن فى متحف اللوفر فى باريس وهى مكحله تأخذ شكل طفله رشيقه تسبح وراء أوزه – هى غطاء المكحله. .
هذا بالطبع غير " العطور" التى برعت مصر فى صناعتها من زهور اللوتس والياسمين والتمر حناء وكان لبعض السيدات فى مصر القديمه عطرهن الخاص و مكانا لتصنبع هذه العطور فى حدائق بيوتهن.
و أذا كانت مصر القديمه قد تفوقت فى صناعه وتصميم الأزياء المختلفه وأيضا أدوات التجميل والعطور ، الا انها لم تتفوق فى شىء قدر تفوقها فى فن صناعه الحلى والمجوهرات التى برعت فيها بشكل مذهل يفوق الخيال,
فلقد عرفت مصر "الذهب" الذى يرمز "للشمس" و لهذا كانت له مكانه كبيره لدى المصريين ، ونعمت بوجود الكثير من الأحجار الكريمه فى أرضها خاصه " الفيروز" أو "التركواز" وكانت سيده الجمال "حتحور" تعرف ايضا بأسم "سيده التركواز".
ومازالت الحلى التى صنعها المصرى القديم تنافس أجمل الحلى التى يصممها كبار الفنانين فى عصرنا الحديث بل أن الكثير من الفنانين يستلهمون تصميماتهم من هذه الحلى القديمه الرائعه .
وغير ألأهتمام الذى أعطته المرأه المصريه لجمالها وأناقتها الا أنها كانت "سيده البيت" مثلها مثل "نفتيس" وكان البيت من طينه هذا الوطن لا يختلف كثيرا عن بيوت الفلاحين فى الريف المصرى حاليا التى تبنى من الطوب النىء الذى يجعل البيوت رطبه فى الصيف ودافئه فى الشتاء وأهم ما يميز بناء البيوت فى هذا الوقت هو أحترام المعمارى القديم وتعاطفه مع البيئه فلقد كان يدرك بأن البناء جزء لا يتجزأ من الحياه نفسها وأن العماره تعبير عن علاقه الأنسان بالأرض والطبيعه ، وكان البيت يتكون من مكان للمعيشه ومكان للطهى وآخر لتخزين الحبوب غير فرن الخبز و الأمكنه المخصصه لتربيه الحيوانات والطيور.
وكانت لنظافه البيت الأهميه الكبرى غير تجميل البيت عن طريق رسم بعض الرسومات على جداره مثلما يفعل الفلاح فى مصر حتى الآن وبالرغم من تواضع البيوت الا انها كانت تعبر عن ذوق رفيع – عملى وبسيط.
وأخذ الأثاث المنزلى أشكالا و تصميمات رائعه تشمل السراير والموائد والكراسى وأيضا الصناديق الجميله المزخرفه التى كانت تستخدم لحفظ الحلى والملابس.
وفى صور كثيره نرى المرأه وهى تقيم الولائم والحفلات التى كان يراعى فيها آداب هذه المناسبات التى لا تختلف كثيرا عن ما هو متعارف عليه الآن، فلقد كانت الموائد تغطى بأغطيه من الكتان الأبيض وتوضع عليها آنيه الزهور وأوانى الطعام الفخاريه الجميله وعرف المصريون أدوات تناول الطعام كالملاعق التى كانت تصنع من الخشب والعاج وأيضا السكاكين التى كانت تصنع من البرونز، وكانت ست الدار تقوم بأستقبال الضيوف بنفسها ، وتجلس قبل الجميع الى المائده ثم تسمح للضيوف بالجلوس.
ولا يعنى اهتمام المرأه الكبير بمظهرها ودورها كسيده البيت والمسئوله عنه أن المرأه لم تعمل خارج البيت بل على العكس أشتغلت المرأه فى مصر القديمه بكثير من الأعمال وكان من بينهن الكثير من الطبيبات والأديبات.
ومع ذلك لم تكن مسئوليه أداره البيت من أختصاص المرأه فقط بل كان من المتوقع أن يشارك الرجل فيها وهناك خطابا تركته لنا الأيام مكتوبا على أناء فخارى فى سقاره تشكى فيه الزوجه من زوجها وتطلب منه أن يكثر من مساعدته لها قائله له : " لو لم تساعدنى فسوف بذهب الحب الذى جمعنا..أن مسئوليه البيت كبيره ورعايته هى التى تجعله بيتا حقيقيا.".
وأعتاد الرجل فى مصر القديمه فى الحقيقه أن يشارك زوجته فى كثير من الأمور فنراهما سويا وهما فى نزهه نيليه أو يتنزهان فى الحديقه أو يلعبان معا لعبه "السنت" المصريه والتى تشبه لحد كبير لعبه الشطرنج الحديثه.
وكانت المرأه تتمتع بمكانه كبيره عندما تصبح أما فصوره الأمومه التى جسدتها أمومه السماء " نوت" الأسطوريه وأيضا صوره "أيزيس" وهى ترضع أبنها "حورس" ظلت محفوره فى قلوب المصريين حتى يومنا هذا.
ونعم الأطفال بالكثير من الرعايه والتدليل و هناك صور كثيره نرى فيها الطفل يجلس فى حجر والده وهو يلاعبه ويقبله ، وصور اخرى تظهرأفراد الأسره كلهاوهى تتبادل مشاعر الحب والترابط بينها.
ومن أجمل ماتركه الأديب المصرى القديم كلمات الحب تجاه الأم والوصايه برعايتها فنراه على سبيل المثال يقول : " لا تبخل على أمك بالحب فلقد أعطتك الحنان وأحملها وهى عجوز فلقد حملتك وأنت طفل وأطلب منها دائما الرضاء فرضاؤها من رضاء الله
المرأة المصرية ست البيت وسيدة الدار ...وماذا ياتري قيمتها في ظل العربية البدوية الصحراوية الخائبة والجاهلة وعجبي !!!!!!!!!!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :