الأقباط متحدون | الشرعية والاستقرار
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٠٣ | الجمعة ٢٢ يوليو ٢٠١١ | ١٥ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٦٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الشرعية والاستقرار

الجمعة ٢٢ يوليو ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. حمدي الحناوي
تنادت قوى سياسية معروفة إلى الخروج للميادين تحت شعار تحقيق الاستقرار، ولسبب ما عادت تلك القوى لتعلن تأجيل يوم الزحف. ويبدو أنها مكلفة بإنهاء اعتصام التحرير، وأن هدف التأجيل إعطاء المعتصمين فرصة خروج آمن. يتزامن هذا مع حديث السلطة العسكرية عما تسميه المطالب المشروعة، وكأن هناك مطالب غير مشروعة. ويقال وسط هذا المهرجان أن عدد المعتصمين لا يزيد عن آلاف وأنهم لهذا أقلية ضئيلة، لا يجوز أن تفرض آراءها على الشعب. فما معيار المشروعية وماذا يعنى الاستقرار؟

المعتصمون أقلية بالفعل، وهذه حقيقة يساء تفسيرها، مثلما يساء تفسير كل شئ حتى نصوص الدين. ولا شك أن تلك القلة ليست مفوضة من الشعب، ولكن فى المقابل لم يحصل المتحدثون عن الشرعية والاستقرار على أى تفويض شعبى. وقد كان النظام السابق يتحدث دائما عن الشرعية والاستقرار، وكان يربط ذلك بالدستور والقانون. ولم يكن كل هذا سوى زيفا يغطى على الفساد، ويبرر إهدار الحقوق. وعندما تأكد أن تصحيح تلك الأوضاع كان مستحيلا فى إطار تلك الشرعية الزائفة اندلعت الثورة.

التستر بما يسمى الشرعية لا يعطى أى شرعية. وحين تكون الشرعية غطاء للزيف والفساد فالتمرد عليها واجب وطنى وأخلاقى. والتمرد تقوده دائما قلة من الناس، ويكتسب شرعيته من ضرورة تاريخية ووطنية وأخلاقية، هى ضرورة مقاومة الفساد والظلم والاستبداد. هذه هى الشرعية الثورية، وهى لا تبنى على مقارنة أعداد الثوار بأعداد الشعب، فما تلك المقارنة إلا حجة ساذجة تبرر محاولات الالتفاف على الثورة وإجهاضها. وعلى كل من يتحدث عن الشرعية أن يقدم أوراق اعتماده، مبينا مصدر شرعيته.

الإعلان الدستورى الذى صدر بدون استفتاء لا يعطى شرعية لمن أصدروه. وقد أمكنهم فرضه فى لحظة استرخاء بعد خلع الرئيس السابق. والقوة المسلحة ذاتها ليست مصدرا للشرعية، وإن كانت قادرة على فرض أمر واقع. والنظام الراهن ما زالت تحكمه القوانين الجائرة التى صدرت فى ظل النظام القديم. نفس القوانين التى كانت تعطى للشرطة حق إطلاق النار على الشعب، والتى بموجبها قتل الثوار، ويموجبها أفلت القتلة حتى الآن من يد العدالة، وبموجبها أيضا يتهم الثوار بالبلطجة، وتتم إحالتهم إلى المحاكم العسكرية.

هذه قوانين غير أخلاقية يتحتم إسقاطها، وهو ما تحاول الثورة فعله. وإن استمر فرض الأمر الواقع فهذا لا يعنى سوى استمرار الشرعية القديمة الزائفة. والاعتصام الآن فى الميدان يضع قوى الثورة فى مواجهة مباشرة مع من يحاولون احتواءها. ويستمد الثوار قوتهم فى تلك المواجهة من دفاعهم عن الحقوق المسلوبة. وصحيح أنه لا يوجد دستور يعطى للثوار أية سلطة، لكن هناك مبادئ يستحيل تجاهلها وهى مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، التى تضمن حق التظاهر والاعتصام السلميين.

من يرى فى الاعتصام الآن إخلالا بالاستقرار ينبغى أن يحدد نوع الاستقرار الذى يريده. ومن يريد استقرارا يبقى على النظام القديم بصورة معدلة، ويعطى السلطة لمن يملك قوة السلاح أو قوة المال، يجب أن يتوقع مقاومة من الثوار وإن كانوا عزلا من أى سلاح سوى ألسنتهم وأذرعهم العارية. ولا يصلح الدين هنا عنوانا للاستقرار، فالدين عامل تفرقة لا عامل توحيد. وهو فى قلوبنا على أى حال ولسنا فى حاجة إلى من يبيعه لنا.

مع ذلك، قد ينجح فرض الأمر الواقع، وتجرى الانتخابات دون ضوابط دستورية، لتسفر عن تعديل موازين القوى فى اتجاه شرعية لا نعرف نوعيتها. وتبقى الثورة حقا لا يمكن إسقاطه، وسلاحا يصلح دائما للاستخدام، ولكنه لا يحقق أهدافه من أول جولة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :