الأقباط متحدون | كيف كانوا.. وكيف صاروا؟!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:٥٠ | الأحد ١٧ يوليو ٢٠١١ | ١٠ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٥٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

كيف كانوا.. وكيف صاروا؟!!

الأحد ١٧ يوليو ٢٠١١ - ٣٦: ١٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: ماري عبده
ربما هذا المقال لا يلقى قبول القراء؛ لأنه يتحدَّث عن موضوع بعيد تمامًا عن الأخبار والأحداث الجارية التي تشغل بال الجميع، لكني في الفترة الحالية انشغلت بما هو مختلف، وأردت أن أشارك القراء به.

ننشغل جميعًا بالحياة وأعبائها وهمومها وننسى كبار السن، كيف كانوا؟ وكيف صاروا؟ فيم يفكرون؟ وبم يشعرون؟ ما هي متاعبهم؟ وما هي مشاكلهم؟ ومن ماذا يعانون؟..

لا يفكر أحد في هذه الأمور كثيرًا رغم أنها تخص أقرب الناس لنا.. أبي وأبيك، أمي ووالدتك، وأنا وأنت إذا كُتب لنا العمر.

اليوم سوف أتكلم مع حضراتكم عن المسنين، أكتب عن أمي التي تحيا أيامها الأخيرة، أنظر إليها كل يوم وأتامل كيف صارت ملامحها واهنة، ذابلة، متعبة، مريضة.. تكسوا التجاعيد وجهها الذي كان دائمًا مصدر سعادتي.

كثير منا لا يعلم كيف يتعامل مع كبار السن، وربما بعضنا يشعر بالضيق والضجر من تصرفات حماه أو حماته، أو حتى والديه..

في هذا المقال، أردت أن ألقي الضوء على حياة المسن..

أحيانًا يتصرف كبار السن تصرفات غير منطقية، أحيانًا يتشاجرون مثل الأطفال، وأحيانًا تظهر لديهم الأنانية، وأحيانًا يغضبون بسرعة وبشدة لأتفه الأسباب ولا يستطيعون التحكم في انفعالاتهم، وأحيانًا يكونون كثيري النقد لكل من حولهم، وفي بعض الأحيان يميلون للشك ويتوهمون أشياء لا تحدث، وعندما يجلسون تجدهم صامتين لا تكاد تعرف مشاعرهم الحقيقية؛ هل حزانى أم فرحين أم غير مبالين؟!!

الواقع أن الشيخوخة مرحلة عمرية لها خصائصها ومشاكلها التي يمر بها الجميع؛ مثل الطفولة، والمراهقة، والشباب.

ونحن نتعامل مع أبنائنا نعرف كيف يشعرون لأننا سبق ومررنا بمرحلتهم العمرية، لكن ربما ونحن نتعامل مع والدينا المسنين لا نفهمهم لأننا لم نمر بعد بمرحلتهم العمرية. ولكي نعرف كيف نتعامل مع كبار السن يجب أن نفهم طبيعة مرحلة حياتهم.

معظم الناس تهتم بمشاكل كبار السن الصحية، ويهملون مشاكلهم النفسية التي غالبًا تفوق متاعبهم الجسدية، مما ينجم عنه تأخر الشفاء من الأمراض، وعدم استعادة الإتزان البدني. وسوف أوضِّح ما أقصده في القصة التالية..

جلس الرجل العجوز بجانب ابنه، وإذ به يرى عصفور كناري جميل يطير أمامهم.
فسأل العجوز ابنه: مـا هــذا؟
فرد عليه الابن وهو لايزال يقرأ في الصحيفة الممسك بها: إنه عصفور كناري.
وبعد برهة من الصمت، عاد العجوز وسأل ابنه: مـــا هذا؟
فرد الابن مندهشًا: إنه عصفور كناري.. ألم تسمعني؟
واستمر في قراءة صحيفته غير مبالٍ بوالده.. صمت الاثنان لبعض الوقت، وعاد الأب يسأل ابنه مشيرًا هذه المرة إلى عصفور كناري آخر أخذ يطير بجانبهم: مـا هــذا؟؟
فتحوَّل الابن عن الصحيفة ناظرًا لوالده في دهشة: لقد قلت لك إنه عصفور كناري.
سكت الأب بدون أن ينظر إلى ابنه، وظل يفكـر لبعض الوقت.
ثم عاد ليسأل ابنه للمرة الرابعة: ما هذا؟؟؟
ألقى الابن الصحيفة التي كان يقرأها، وأخذ يصرخ: إنه عصفور كناري.. عصفور كناري ألا تسمع؟؟ إنه عصفور كناري!!!

صمت الأب، ونظر إلى الأرض، ثم دخل إلى المنزل، وعاد وبيده كراسة قديمة جدًا مفتوحة على صفحة معينة، وأعطاها لابنه وهو يقول: "اقرأ.. بصوت مسموع".. أخذ الابن الكراسة، وقرأ: "اليوم كان ابني الذي لم يبلغ عامه الثالث بعد يلعب في الحديقة، وعندما رأى عصفور كناري يطير هنا وهناك سألني: أبي.. ما هذا؟؟ فأجبت: إنه عصفور كناري.. ألا ترى إنه جميل جدًا؟ ولم تمض خمس دقائق حتى جاء إلىَّ وسألني: أبي.. ما هذا؟؟؟ فأخذت أقَّبله وأنا أقول له: إنه عصفور كناري.. أليس جميلًا؟؟ استمر يسألني نفس السؤال أربعة وعشرين مرة، وفي كل مرة كنت أقَّبله وأقول له نفس الإجابة.. لم أشعر أبدًا بالمضايقة، إنما كنت سعيدًا في كل مرة أجيبه فيها، وأرى ابتسامته العذبة فأقبِّله وأحتضنه في كل مرة".

أغلق الابن الكراسة، ونظر لأبيه الذي كان ينظر لابنه بنفس تلك الابتسامة، وبكل الحب احتضن الابن والده العجوز، وهو يقول: "أنا آسف يا أبي.. أنت تعلم كم أحبك.. أنا آسف".

"لا تهن أحدًا في شيخوخته فإن الذين يشيخون هم منا" (سيراخ 7:8).
المحبة والتحمل واللمسة الحانية والابتسامة، هي أهم ما يحتاج إليه كبار السن، أكثر من الدواء والطعام أو حتى التواجد بجوارهم ونحن مرغمون أو مستاؤون.

من تجربتي عرفت أن هذا ما تحتاجه أمي وأبي وأمهاتكم وآباؤكم أدام الله حياتهم جميعًا..

اذكروا أمي في صلاتكم ودعواتكم، وأختتم مقالي بهذه الكلمات:
اليوم تراني عجوزًا.. غير منطقي في تصرفاتي.
من فضلك.. أعطني بعض الوقت، وبعض الصبر لتفهمني..
وعندما ترتعش يدي فيسقط طعامي على صدري.. وعندما لا أقوى على لبس ثيابي فتحلى بالصبر معي.. وتذكَّر سنوات مرت وأنا أعلمك ما لا أستطيع فعله اليوم.

إذا حدثتك بكلمات مكرَّرة وأعدت عليك ذكرياتي، فلا تغضب وتمل. فكم كرَّرت من أجلك قصصًا وحكايات فقط لأنها كانت تفرحك.

عندما تخذلني قدماي في حملي إلى المكان الذي أريده، فكن عطوفًا معي، وتذكر أني قد أخذت بيدك كثيرًا حتى تستطيع أن تمشي.

لا تملّ من ضعف ذاكرتي وبطء كلماتي وتفكيري أثناء محادثتك؛ لأن سعادتي من المحادثة الآن هي فقط أن أكون معك، فلا تحرمني صحبتك..




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :