التوعية السياسية ضرورة حتمية
بقلم : حليم أسكندر
تحاول الكثير من القوي والتيارات وبكل أسف خداع البسطاء والعامة من المصريين مستغلين في ذلك ارتفاع نسبة الأمية التي تكاد تصل إلي 50% داخل مجتمعنا المصري !! ناهيك عن الأمية الثقافية ونقص الوعي السياسي والحقوقي بسبب تعمد النظام السابق تجهيل المجتمع المصري وتسطيحه فكرياً حتى يسهل اقتياده وتمرير عملية التوريث التي كان يجري العمل نحو تحقيقها علي قدم وساق !!
ويستغل أصحاب المصالح والمطامع حالة الأمية ونقص الوعي السياسي عن طريق تشويه المصطلحات التي لم يألفها عامة الناس مثل " الدولة المدنية، الليبرالية، النظام البرلماني وغيرها......... " وذلك لخدمة أغراضهم ومصالحهم الشخصية ويستخدمون كل الاسلحه الممكنة سواء أكانت مشروعة أم غير مشروعة في سبيل تحقيق تلك الأهداف والأغراض !!
وكلنا يتذكر ما حدث في استفتاء 19 مارس علي التعديلات الدستورية والتي عرفت باسم " غزوة الصناديق " !! وكيف صور البعض للعامة والبسطاء بل وأوهموهم علي خلاف الواقع أن الاستفتاء كان حول المادة الثانية من الدستور، رغم أنها لم تكن من بين المواد المطروحة للتعديل من الأساس !!
ورأينا كيف روجوا ونادوا بأن اختيار نعم هو " واجب شرعي " ومن يختار "لا " فهو كافر وعميل وزنديق !! وما يدعو للأسف هو انقياد الكثيرين من حملة المؤهلات العليا واختيارهم نعم خوفاً علي حذف المادة الثانية !!! وهنا أتذكر الفنان عادل إمام في مسرحيته الشهيرة " شاهد ما شافش حاجه " وكيف انه دفع فاتورة التليفون والغرامة علشان خايف يشيلوا العدة مع العلم انه لم يكن لديه تليفون من الأساس !!!!
كما أتذكر مشهد شهير من فيلم " البداية " للمخرج الراحل صلاح ابوسيف عندما حذر جميل راتب الناس قائلاً " شفتوا أنا كنت متأكد أنكم ناس طيبين وعلي نياتكم ما تخلوش واحد إبليس زى عادل يسمم أفكاركم ويخليكم تعترضوا علي إرادة ربنا ، ده ملحد ، ده كافر ، ده مالوش ملة يعني عمره ما هيورد علي جنه،ده ديموقراطي !!!" وشر البلية ما يضحك !!
ومن ثم يجب علي جميع القوي السياسية المؤمنة بالحرية والديموقراطية والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية أن توحد جهودها وتقوم بعمل حملات وقوافل للتوعية السياسية وبشكل مبسط جداً حتى يمكنها الوصول للعامة والبسطاء وغير المتعلمين ، عليها النزول إلي القرى والنجوع والكفور ومراكز الشباب في كل أنحاء الجمهورية والا تكتفي فقط بالأحاديث والمقالات في الصحافة والظهور علي شاشات الفضائيات !!
فمن يريد تغييراً حقيقياً وجذرياً ومؤثراً وفاعلاً عليه مخاطبة القاعدة والقطاع العريض من الشعب واقصد البسطاء والأميون والفقراء لأن هؤلاء هم من يسهل اقتيادهم وتوجيههم والسيطرة عليهم ، وهناك من يجيد التعامل مع هؤلاء ولا يوجد هناك سلاح اقوي من سلاح إقحام الدين في السياسة وأن يتم توجيه هؤلاء للصناديق بدعوي أن ذلك واجب شرعي ومن يخالف رأي الجماعة فهو آثم بل كافر والعياذ بالله !!
كما أن الفقراء والمهمشين أيضاً يسهل توجيههم وشراء أصواتهم سواء بطريقة نقدية أم عينية كتقديم السكر أو الزيت أو الدقيق وما شابه ذلك !! أو الوعد بوظيفة للشخص ذاته أو احد اقاربة !! ولذلك نري أن معظم الناس يختارون أعضاء البرلمان علي أساس ما يقدمونه من خدمات لأهل الدائرة !! بالإضافة للمعايير الاخري الغير صالحة علي الإطلاق كالقبلية والعصبية وغيرها !! غير مدركين أن نائب البرلمان له مهمة غير ذلك تماماً ، حيث أن له دور تشريعي لأنه يشارك في سن وتشريع القوانين بالإضافة إلي دوره الرقابي ، حيث من المفترض انه يراقب أداء الحكومة وخطواتها في تنفيذ المشروعات والخطط بجدول زمني محدد المدة ومعروف مسبقاً ، بحيث إذا توانت أو تراخت في تنفيذ ما التزمت به يكون له الحق في تقديم الأسئلة أو الاستجوابات أو حتى سحب الثقة منها !!
لذلك أطالب كل القوي السياسية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمثقفين والمهتمين بالشأن العام والنخبة سرعة النزول إلي الشارع وأداء واجبهم والقيام بدورهم في توعية العامة والبسطاء وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم وتبسيط المصطلحات الصعبة وعسرة الفهم وتقديمها إليهم في صورة مبسطة سلسة حتى لا نتركهم فريسة للجهل ونقص الوعي ويكونوا بذلك فريسة سهلة لمن يريد توجيههم واقتيادهم وشراء أصواتهم، ونجد أنفسنا أمام غزوة صناديق جديدة !!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :