- معجزة إشباع الجموع
- د. "خالد منتصر": العلمانية ليست ضد الدين بل ضد التفسيرات المستبدة للدين
- اللواء "محمد عكاشة": ما كتبه "هيكل" عن حرب أكتوبر إهانة للعسكرية المصرية وتزوير للتاريخ
- تهديدات باغتيال الزعيم الشيعي "محمد الدريني" ما لم يكف عن مواجهة "السعودية" والسلفية
- "محمد القصاص": وجدنا تباطؤ من المجلس العسكري والحكومة يصل إلى حد التراجع في محاكمة "مبارك" ونظامه
كفاكم بإسلامنا عبثًا!
بقلم: ماجدة سيدهم
"تعددت الشرائع.. اختلفت العقائد.. والإنسان واحد".. من ديوان "صمت امرأة".. على بعد مسافة من إعادة قراءة المشهد، وبعيدًا عن غبار الصحف الممزَّقة بين هذا وذاك، وعن صيحات الفضائيات والعنكبوتات المتلاحقة اضطرابًا وبلا هوادة– وبعيدًا عن ضيق المساحة، أختلس من رصيف التعب مكانًا، هنا حيث يقطن (85) مليون مسالم هم 85 المليون مصري، وتحت هجيرات المشهد، أتساءل: كيف تلخَّصت "مصر" فجأة من متسع الغضب الجميل إلى حدود رقعة متواضعة جدًا للرؤى، لتتحوَّل مسرحًا للمصارعة والمبارزة ما بين الإنسان ونفسه؟ لترتفع تباعًا من كل جانب لافتات ملوك الوثنية تعلن مهارة الكذب والإدعاء والجهل؟!! كيف تمقت وتنتقم من نفسك كي تأكل نفسك؟ هذا الملخص الفكري المريع بات منبرًا للحدث السقيم الذي يعانيه الشارع ما بين عشوائيات النزاع الطائفي وصراع المدنية، بينما غفلنا أن الوطن محل النزاع هو امتداد طويل لنهر السكينة، مصر كثرة البلاد المترامية والقرى البعيدة والنجوع المهملة على ضفتي القناعة، مصر البسطاء، الطيبون. الشعب الحالم بالفطرة يدرك، يرفض، يعمل، بينما تقلصت جغرافية التاريخ في ميداني التحرير وماسبيرو، كعادتنا عندما نجلس صديقات العمر ما بين منقبات قبطيات ومحجبات (أعتذر جدًا عن هذا التصنيف العنصري البغيض لكنه للتوضيح) محاولات أن نمسك أي طرف للخيط ما نجد غيرها الحماقة، كرة الشر اللعينة وذاك الانحراف العقلي والخلل النفسي الذي أسفر عن تألق نجوم وشيوخ المرحلة الطارئة الذين فجأة بثوا عطن قلوبهم الغليظة وتلعثم عقولهم الشرسة- وطفقوا يعيثون بالوطن خرابًا وباسم الدين صنعوا منزلقًا إلى تيه التردي والسخرية، مستغلين في هذا مساحة خصبة من الأمية المتسعة والثقافة السطحية والرؤى الغيبية للكثيرين من البسطاء، مهددين، محذرين، صارخين حتى تكاد تشعر أنك تتنفس زمن قريش، بينما راحت تتبعثر أحلام الكادحين والمهمشين.. وكل الحالمين بالحياة الأفضل.
ورغم ما أصاب زعماء الهوس الديني من لغو ضاحك ومتناقض، والقفز هرجًا ومرجًا وتخبطًا بين شاشات المرئيات والدعوة لإرساء قيم الجاهلية مجددًا، لكن في حقيقة الأمر لا يشكلون غير ضآلة العدد، ولا يمثلون سوى أنفسهم، ولا يتبنون غير سم أفكارهم وحدهم. الآن كفى وألف كفى، فأنتم أعتى أعداء الوطن ولستم من الإسلام بأهل، كفى لهوًا وتشويهًا لإسلامنا، إسلامنا الذي عشناه وعاش فينا ملتحمًا على ضفاف ذات النهر، ملتفًا على طاولة ذات المسامرات الحميمة، الإسلام الذي نمونا معه منذ كنا صغارًا يعني حسن المعاملة والطيبة والضحك والمشاركة النبيلة والحرص على شركاء الشارع والخبز والفرح والقهر، الإسلام الذي أحببنا يعني المؤانسة عبر آذان الفجر عن مسجد الجانب الآخر، تكبيرات العيد الفرحة وكسر رغيف المحبة بين الجارات، إسلامنا يعني ترقب شيخ مسجدنا القريب يطرق أبواب أعيادنا وبمرح يقيـّم كعكنا، هو إسلام الانفتاح والحضارة، ابن سينا، ابن النفيس، البيروني، الرازي، الطبري، ابن رشد، ابن خلدون، والإدريسي، ابن الهيثم، الحموي، ابن حيان، والكثير غيرهم منْ قدَّموا حياتهم قربانًا مضيئًا للبشرية، هل سمعتم عنهم من قبل؟
هذا إسلامنا اللطيف الذي معه ما طفت يومًا أغبى الأسئلة "ما هو دينك..؟"!! تعايشنا، تحابينا، تزاوجنا وحلمنا معًا ذات الحلم. أليس هذا الإسلام أم هناك آخر..؟ وماذا بعد أن نفرتكم القلوب الذكية والعقول الواعية، بل وبتم مادة للتندر شكلًا وموضوعًا..! كفاكم سخفًا.. قرفنا وتعبنا بجد.
أما الأشد خطرًا، هي تلك المؤسسات الإعلامية المتأرجحة خبثًا ما بين الفرقتين دعما لثقافة التغييب وتوطيدًا للمزيد من الارتباك ثم اللعب بالمهادنة والحيرة المفتعلة (بجد عيب) لصالح منْ..؟ فضلًا عن تلك المساحة المتاحة بلا رادع أو تقييم، أو أدنى تمييز لتحقيق المزيد من للتكاثر الجرثومي للانحراف العقلي، فما تعانيه البلاد هو في المقام الأول انحراف عقلي مزمن وليس تطرفًا طائفيًا أو حتى فكريًا، ولكثرة ما أضرَّ بالبلاد خرابًا أصبح يستحق مريديه كل الشفقة والعلاج والتقويم النفسي أو العزل التام..!
لن تبقى طويلًا ولن تفلح المحاولات السقيمة لهدم فطرة الجمال والتسامح، الحب والحرية ولحمة الشعب المسالم.. لن تبقى طويلًا ثرثرات نعيق السلفية مهما تآفعت، الكل يذهب وتبقى "مصر" حسنة بلا عيب..
الحماية الدولية- رغم إعادة فتح ذاكرة تاريخ مقيت عن اضطهاد أقباط "مصر" قبلًا والسعي المضني طلبًا لتحقيقها- إلاّ أنها في كل الأحوال تمثل صفعة صائبة، مهينة في قلب وتاريخ الوطن ونحن في القرن الواحد والعشرين، إذ مازلنا كقاصرين نتعارك ونتقاتل عن غيبيات وبديهيات عفا عليها الدهر، كارثة هي إنسانية وأخلاقية تستحق الاستفاقة- يا عالم يا هووو، كيف رغم جل الكارثة نغط في سبات مهين؟ التي تُذبح ويمثل بروحها هي مصرنا..!
أسئلة للوجع.. أين شباب 25 يناير؟ وأين أحلامهم البسيطة؟.. علامة صمت.
نبحث عن الحرية والمدنية ونذهب لنشكِّل أحزابا بمسميات دينية.. علامة استفهام مقلوبة..
أين الحكومة؟!! علامة تعجب! أين الهيبة واحترام القيم؟.. علامة فقد. أين الغد؟ علامة توجس. أين نحن؟ ضع عزيزي القارئ ما يروق لك من علامات.. في كل هذا وأكثر لن تكون غير مصر دولة مدنية.. علامة ثقة وغلب.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :