الأقباط متحدون | العفة والتعفف
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:١١ | الأحد ٢٩ مايو ٢٠١١ | ٢١ بشنس ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٠٨ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

العفة والتعفف

بقلم: البابا شنودة الثالث | الأحد ٢٩ مايو ٢٠١١ - ١٣: ١٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

التعفف يشمل عفة الجسد‏,‏ وعفة الحواس‏(‏ النظر والسمع واللمس‏),‏ وعفة اللسان‏,‏ وعفة الفكر‏,‏ وعفة القلب‏,‏ وعفة القلم‏,‏ وعفة اليد‏.‏ ‏>>‏ عفة اللسان‏:‏ في عفة اللسان يبعد الشخص عن كل كلمة بطالة‏.‏ فاللسان العفيف لايلفظ كلمة شتيمة ولا كلمة تهكم‏.‏ فالإنسان العفيف يحترم غيره.

, فلا يسيء إليه بكلمة جارحة, ولا بكلمة استهزاء أو احتقار أو ازدراء, في أي حديث أو أي عتاب. وأتذكر انني قلت ذات مرة في رثاء أحد أساتذتي الروحيين منذ نحو ستين عاما:
ياقويا ليس في ذاته عنف..
لك أسلوب نزيه طاهر...
لم تنل بالذم مخلوقا ولم...
ووديعا ليس في طبعه ضعف
ولسان أبيض الألفاظ عف
تذكر السوء إذا ما حل وصف
لهذا فإن الذي يستخدم ألفاظا جارحة, أو ألفاظا قاسية, وكأنها كرجم الطوب... ليس هو بالإنسان العفيف اللسان. فاللسان العفيف لايشهر بغيره, ولا يكشف عورة إنسان في حديثه. لأن عفته تمنعه من ذلك. واللسان العفيف هو لسان مؤدب ومهذب. يزن كل كلمة يلفظها. ولا يحتاج إلي مجهود لكي يتكلم كلاما عفيفا, لأنه تعود ذلك وأصبح هكذا بطبعه.
واللسان العفيف لايستخدم ألفاظا معيبة من الناحية الأخلاقية: فلا يتلفظ بكلمات جنسية بذيئة, ولايذكر قصصا أو فكاهات جنسية, ولا يقبل سماعها إن قيلت من غيره. ولا يردد أغاني من نفس النوع, بل يخجل من النطق بها, حتي فيما بينه وبين نفسه في مسكنه الخاص. إنه لا يتدني إلي هذا الوضع. يمنعه أدبه من ستخدام لغة لاتتفق وهذا الأدب الذي تعوده.
>> واللسان العفيف قد تعود أيضا عفة التخاطب, وتعود أيضا أدب الحوار. فهو لايقاطع غيره أثناء الحديث معه. ولا يوقفه عن الكلام لكي يتكلم هو, ولا يعلو صوته في الحوار. ولا يحاول ان يقلل من شأن غيره في حواره معه, لكي يثبت صحة رأيه هو. ولا يهين غيره أثناء المناقشة. فكل هذه أمور لايسمح بها أدبه.
واللسان العفيف ـ في حواره ـ يكون موضوعيا. فلا يتعرض إلي الجوانب الشخصية فيمن يتحاور معه. ولايمكن أن يصف محدثه بالجهل أو عدم الفهم. ولا يكشفه في هذه النواحي. بل يركز علي موضوع النقاش.
>> عفة القلم: عفة القلم ترتبط أيضا بعفة اللسان. ونعني بها القلم الذي يراعي كل ما قلناه فيما يكتب. فلا يشهر بأحد, ولايجرح احدا, ولايعمد الي الاهانة. ولا يشيع عن إنسان ما ليس فيه.
بل يحرص علي اعراض الناس. ويري ان سمعتهم امانة امام قلمه لايمكن ان يتجاوزها. وفيما يكتب, يكتب بموضوعية نزيهة.
وهنا نري عفة النقد ونزاهته: نعني النقد العادل البريء الموضوعي, الذي يهدف الي الحق.
ويزن الامور بميزان سليم. ويذكر النقاط البيضاء أولا, قبل غيرها من النقاط التي لايوافق عليها.
وهكذا يعطي كل ذي حق حقه. وفي نقده لايدخل في نوايا الناس وفي دواخلهم, هذه التي لا يعرفها إلا الله وحده.
>> عفة القلب وعفة الفكر: عفة القلب هي عفة المشاعر والعواطف والأحاسيس, وأيضا عفة المقاصد والنيات والرغبات, ومن عفة القلب تصدر أيضا عفة الفكر, وتصدر أيضا عفة الحواس.
وكلها خارجة من مصدر واحد. وأيضا عفة اللسان صادرة عن القلب. فاللسان غير العفيف مصدره قلب غير عفيف. ومن فيض القلب يتكلم اللسان. والذي يتكلم كلاما شريرا, يدل علي أن الشر موجود في قلبه, والذي في القلب, يعبر عنه الفكر, ويعبر عنه اللسان, وتعبر عنه الحواس أيضا. وإن لم يضبط العقل والفكر حينئذ قد يتدرج الأمر الي الارادة, ثم الي العمل.
>> وعفة القلب والفكر ترتبط ايضا بعفة العقل الباطن. والعقل الباطن يعمل عن طريق المخزون فيه من أفكار ومن رغبات وصور ومشاعر, فإن كان المخزون في العقل الباطن غير عفيف, حينئذ يصدر ذلك في أحلام غير عفيفة, وفي ظنون وأفكار من نفس النوع. كما هو معروف أن كل شجر ينتج ثمرا كجنسه.
فليحرص إذن كل إنسان علي عفة قلبه وفكره, بما يدخله فيهما من روحيات ومن محبة الخير والعفة. وذلك لكي يصيرا مصدرا لكل من عفة اللسان وعفة الحواس وعفة الجسد.
>> عفة الأذن: الأذن العفيفة لاتلتذ إطلاقا بسماع ما لايليق, ولا تجد لذة في سماع مذمة الغير, او سماع اخبار عن سقوط او فشل من تعاديهم. فهذا نوع من الشماتة لايتفق مع عفة القلب ولا مع عفة الأذن. وقد قال سليمان الحكيم: لاتفرح بسقطة عدوك, ولا يبتهج قلبك إذا عثر. والأذن العفيفة أيضا هي التي لا تتنصت علي غيرها, اي لاتتجسس لتعرف أسرارا ليس من حقها أن تعرفها. الأذن العفيفة لاتسرق أخبارا, متدخلة في خصوصيات غيرها بغير حق.
والذي يفعل هذا لايكون مهذبا.
>> عفة النظر: إنها أيضا صادرة عن عفة القلب, يعني بها النظرات العفيفة غير الشهوانية. والإنسان العفيف ينظر بغير شهوة, بل في استحياء.. ليس في الأمور الجنسية وحدها, بل أيضا العفة من جهة نظرة الاحترام لمن هو اكبر منه. فلاينظر بغير أدب, بل في توقير. ويحرص عفيف النظر علي ان يبعد عن النظرات المتجسسة الفاحصة بما في ذلك من تفاصيل.
> يبقي علينا ان نتكلم عن عفة الجسد. وهذا موضوع طويل احب ان أؤجله الي مقال آخر.
نقلاً عن الأهرام




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :