د. فيبي وفيق:التنشئة الأسرية قد تكون سببًا في ترسيخ الفتنة الطائفية
- عند دراسة البرمجة اللغوية نكون أكثر إيجابية ونتخلص مما هو سلبي في حياتنا
- تغيير الفكر من أصعب أنواع التغيير
- المصريون خرجوا من الحصار الفكري الضيق الذي فرض عليهم ثلاثون عامًا
- أتمنى وجود قناة متخصصة بالتلفزيون المصري لتوعية المصريين بحقوقهم وواجباتهم
حوار: تريزة سمير
بعد أن قامت ثورة 25 يناير بتغيير مصر سياسيًا، يؤكد العديد من الباحثين أننا بحاجة لتغيير سلوكياتنا وطريق تفكيرنا، حتى نستطيع أن نغير البلد جذريًا، وليس مجرد النظام الحاكم.
وعلم البرمجة اللغوية العصبية هو أحد العلوم الحديثة، المهتمة بأدوات وطرق يمكن بها إحداث تغيرات إيجابية في تفكيرنا وسلوكنا، لهذا كان لنا حوارًا مع الدكتورة "فيبي وفيق" -طبيبة أمراض نفسية، وخبيرة مشورة أسرية، والبرمجة اللغوية العصبية.
• بداية.. ما هو علم البرمجة اللغوية العصبية، وأهميته في التعاملات الحياتية؟؟
البرمجة اللغوية هو علم وفن، للوصول بالإنسان لدرجة أنه يصل لتحقيق أهدافه من خلالها، فعن طريقها يمكن اكتساب الكثير من المهارات لتساعده في تحقيق أهدافه، و"البرمجة" هي الأفكار والأحاسيس والتصرفات التي بداخل كل إنسان، و"اللغوية" هي الطريقة التي نعبر بها عن هذه الأفكار والأحاسيس، و"اللغة" ليست مقتصرة على الكلام فقط، ولكن تشمل طريقة الكلام ونبرة الصوت، أما "العصبية" فهي تعني المسارات العصبية في الحواس والمخ، فالعين ترى المادة وتختزلها في العقل، فإذا تعودت العين أن ترى السلبي ستنظر فقط إلى كل ما هو سلبي، ويصعب أن ترى الإيجابي يومًا ما.
لذلك فالبرمجة اللغوية العصبية هي مجموعة قدراتنا على استخدام لغة العقل، باستراتيجية إيجابية تمكننا من تحقيق أهدافنا في الحياة، ونهتم بكل ماهو إيجابي.
والبرمجة اللغوية العصبية لها دور مهم في الحياة، فعن طريقها نستطيع أن نفهم أنفسنا، ونفهم الآخرين، ومن ثم نحقق تواصلاً مع الآخر، فهي تساعد الشخص أن يفهم نفسه وما وراء السلوك، وبالتالي التواصل مع نفسه ومع الآخرين، فاالبرمجة تؤمن أن الدوافع اللاإرادية تنتج سلوكًا لا إرادي.
• كيف أثرت البرمجة اللغوية على حياتك؟!
علمتني الإيجابية، واحترام الآخر، وأن رأيي في الحياة ليس هو كل الحياة، فعند دراسة البرمجة اللغوية نكون أكثر إيجابية، ونتخلص مما هو سلبي في حياتنا، فعندما يحدث أي موقف أبحث عن الإيجابي فيه، وهذا لا يعني التسخيف من الحقيقة بقدر قبولها كما هي، فأتعامل مع المشكلة بالعقل.
• متى بدأت البرمجة اللغوية في مصر؟ ومن أهم الشخصيات المهتمة بهذا العلم؟!
البرمجة اللغوية العصبية هي فرع من علم التنمية البشرية، وأدخل هذا العلم إلى مصر الدكتور "إبراهيم الفقي"، الذي كان له دور كبير في إنشاء المركز الكندي للتنمية البشرية والبرمجة اللغوية، وهذا العلم على الرغم من أنه حديث العهد إلا إنه حقق انتشارًا، وأصبح محل تدريس واهتمام من المصريين، ومن أهم الشخصيات المصرية التي تهتم به وتقوم بتدريسه هو الدكتور "ميلاد موسى"، فهو من قام بتدريسي لهذا العلم وعلمنا كيف نكون "فرحانين وسعداء" طوال الوقت.
• كيف نستخدم التنمية البشرية وعلم البرمجة اللغوية في إحداث تقدم للمجتمع المصري وخاصة بعد ثورة 25 يناير؟؟
يمكن استخدام علم البرمجة اللغوية مع الشباب، عن طريق الندوات واستخدام الإعلام الإيجابي، وتشجيع الشباب على تحقيق أهدافهم وأحلامهم، وإزالة العواقب أمامهم، مشيرة والشباب المصري ظهرت قوته في أحلك الظروف التي مرت بها مصر، بعد الفراغ الأمني، فعن طريق اللجان الشعبية التي تم تشكيلها، وقف الشباب معًا لحماية منازلهم ولحماية الشارع كله، وقفوا في برد الشتاء يواجهون أخطارًا كثيرة من البلطجية وهاربي السجون.
وهناك ضرورة أن تكون التوعية عن طريق مستويات، فالكبار لهم برامج تختلف عن الأطفال، فيمكن أن يغرس الوالدان مهارات لتنمية الطفل، لذا علينا الاهتمام بجميع فئات ومستويات المجتمع في آنٍ واحد، ولا نعمل مع فئة دون أخرى، فنكتسب من خلال هذا العلم معلومات تساعدنا أن نكون افضل، ونحقق الطموحات ونقدم خدمة لبلدنا، فهناك تدريبات وتمرينات يمكن أن يقوم بها الشباب، لمساعدة بعضهم البعض في تغيير الأفكار السلبية وتحويلها إلى إيجابية، رغم أن تغيير الفكر من أصعب أنواع التغيير، ولكن يركز علم البرمجة اللغوية على تغيير أفكارنا السلبية، سواء في أنفسنا أو لدى الآخرين.
• لماذا لا يدخل علم البرمجة اللغوية الفترة القادمة في المناهج التعليمة، ويدرس للشباب كعلم النفس؟
يمكن أن يتم دراسة علم البرمجة اللغوية في المدارس، ولكن هذا يحتاج إلى نهضة علمية حقيقية، فيمكن أن يتم تطبيق قواعد هذا العلم منذ مرحلة التعليم الأولى، فيمكن تعليم الطفل من قبل المرسة ثم في الحضانة سلوكيات إيجابية، مثل النظافة والأمانة وغيرها.
• ما هي أكثر الفئات التي تهتم بعلم البرمجة اللغوية، وتقوم بتطبيقها بالفعل؟!
تهتم إدرات كثيرة بالبرمجة اللغوية والتنمية البشرية، فهي تفيد الذين يعملون في إدارة الصحف والمصانع والمستشفيات والفنادق، فالبرمجة اللغوية تفيد الإداريين في اكتساب مهارات متعددة، وفي كيفية اختيار الموظفين ووضعهم في الأماكن التي تتناسب مع مهاراتهم وإمكانياتهم، فهناك شخصيات تحتاج إلى تعامل خاص، فإذا كانت هناك صعوبات في شخصية معينة عند تجاهل هذه الصعوبات، يؤدي هذا إلى فشل في التواصل، ولكن عن استخدام هذه الصعوبة بصورة إيجابية يتم تحويلها إلى أداة جيدة تؤثر بالإيجاب على سير العمل.
فالعمل يحتاج إلى مزيد من التوافق، لتحقيق إنتاج عالٍ، فعند العمل بروح الفريق يؤدي هذا بالضرورة إلى نجاح أعلى للعمل.
• الفتنة الطائفية زرعها النظام سنوات طويلة في نفوس المصريين.. هل يمكن من خلال البرمجة اللغوية علاج هذا المرض الذي استفحل في الجسد المصري، ويظهر قوتة بشراسة في الفترة الحالية؟!
الفتنة الطائفية مشكلة قديمة جدًا، فيبدأ ترسيخها منذ مرحلة الطفولة، فيقوم الكثيرون بتعليم أطفالهم كره الآخر والبصق في وجهه، وتعتبر التنشئة الأسرية أساسية لترسيخ الفتنة الطائفية وتعليم الطفل عدم تقبل المختلف في العقيدة أو المختلف في الأفكار، فتم تشبيع بعض المتعصبين بأفكار عدم قبول الآخر.
ولذلك يمكن علاج هذه الأفكار السلبية التي تم غرسها عن طريق ترسيخ مبادئ قبول الآخر المختلف في العرق، والجنس، واللون، والدين، واحترام جميع فئات وطبقات المجتمع وتساوي احترام الطبيب مع عامل النظافة.
ففي الدول المتقدمة يقوم الأطفال بالتقاط الصور بجانب عامل النظافة، لأنهم يدركون أهمية دور هذا العامل في المجتمع، وهذا الإدراك من خلال التوعية الأسرية والتنشئة الأسرية السوية، كما يمكن من خلال الإعلام تغيير هذه الأفكار ونشر الأفكار الإيجابية، فالأفكار من أصعب أنواع التغيير، ولذلك يمكن العمل على تغييرها من خلال جميع وسائل الإعلام، وتناولها عبر الأعمال الفنية والبرامج التلفيزيونية، إضافة إلى تنظيم ندوات والاهتمام برفع الوعي، وخاصة للمناطق العشوائية، فهي بؤرة لهذه الأفكار.
• في هذه المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر، ينتابنا الكثير من القلق والمخاوف، لدرجة أن رؤيتنا تنحصر في كل ماهو سلبي.. من وجه نظرك كيف ترين مصر الآن؟!
أرى أن الشباب المصري هو أجمل ما في مصر، فأثبت مدى وعيه وقوة إرادته التي لا تقهر، فالمصريين خرجوا من الحصار الفكري الضيق، الذي فرض عليهم ثلاثون عامًا، وفجر الشباب طاقاتة المكبوتة من خلال الثورة البيضاء التي افتخرنا بها أمام العالم، مؤكدة على دور الشباب في تحديد مدى وقوة التغيير، وهل هذا التغيير مؤقت وانفعالي أم أن هناك هدف واضح يسيرون ويحاربون من أجله لتحقيقه.
ومن أهم السلبيات التي أراها في هذه المرحلة هو عدم ترتيب الأولويات، فالأهداف العامة لابد أن تكون لها الأولوية عن الأهداف الخاصة الشخصية، فالتركيز بهذه المرحلة ينصب على اختيار الرئيس الذي يحكم مصر، وانتخاب مجلس الشعب، وبناء دستور مصر من جديد، هذا أهم ما نهتم به لهذه المرحلة، أما عن الاعتصامات الفئوية التي توقف سير الحياة الطبيعية، فهي تشكل خطورة على المجتمع المصري.
إضافة لمن يريد سرقة الثورة من الشباب، وسرقة حق الشهداء، باحثين عن مطالبهم الشخصية ومطامعهم.
وأتمنى وجود قناة متخصصة للتوعية عبر التلفزيون المصري، لتوعية جميع المصريين بحقوقهم وواجباتهم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :