ثورتنا المصرية
الراسلة: هيدي سمير
معظمنا يقضي وقتًا كبيرًا في التفكير فيما يحدث داخل الوطن العربي، من الإطاحة بالفساد والفاسدين، وتغيير شكل الحياة، والمطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة الاجتماعية. وكلها مطالب شرعية. ومن حق كل إنسان وكل شعب أن يعيش حياة أفضل في ظل حكَّام أحرار يقودون الشعب والوطن لتحقيق الأهداف السامية، وصحوة الوطن العربي من ثورة تتلو ثورة، ومن بلد إلى بلد، ويقوم الشعب الغافل ليحاسب حكَّامها على ما فعلوا من جرائم.. كان هذا بمثابة مفاجأة للحكام الذين لم يفهموا ولم يحترموا شعوبهم.
والثورة في "مصر" أظهرت كل شئ جميل وجليل في الشعب المصري. قاموا بثورة لأجل التغيير والتحويل لأمور لم يطرأ عليها التغيير والتجديد من سنين. قامت الثورة لكي نرى وجوهًا جديدة وقدرات جديدة. قامت الثورة لتقول للذين يحتكرون مناصب بعينها: "كفاية".. وكما أظهرت الثورة أحلى وأجمل ما في الشعب المصري، أظهرت أيضًا أسوأ ما في الشعب المصري. ورأينا كم من أشخاص انتهازيين وسطحيين، وكم من نفوس ضعيفة، وأعمال بلطجة وتخويف وإتجار بمشاعر الشعب. بالإضافة إلى الإتجار بالدين، والمتربحين من فوضى الشارع المصري. وأظهرت الثورة الكثير في "مصر".
نحتاج أن نتعامل مع النتيجة الإيجابية للثورة بالتدعيم والإمداد، والعمل على هذه الإيجابيات لتمتد أكثر في كل مكان، حتى على أنفسنا؛ لكي يكون تأثير الثورة أكبر. نحيا روح الثورة ضد الفساد والظلم، ولا نسكت حتى نرى التغيير يملأ أرض الواقع. وليس شئ مستحيل في الخير؛ عندما يكون في خير، السماء تتَّحد بالأرض مع الذين يدافعون عن الحق والذين يريدونه لأنفسهم يريدونه للآخرين. وكل ما أظهرته الثورة من سلبيات، لا نخاف منه.. كان موجودًا ولكن كان يلبس قناعًا ويغيِّر من شكله. وجزء كبير مما ظهر، هو ثمر للجهل والفقر والتعصب الأعمى!! وأظن أننا لا نحتاج إلى قمع هذه الظاهرة، ولكننا نحتاج إلى التأهيل والتدريب النفسي.. نحتاج للعلاج لا للقمع؛ لأن هذه شريحة من المجتمع المصري، ويكفي إنها أُهملت لوقت طويل. كما أطلب أيضًا العقاب لكل من عمل على إضرار الوطن.
نريد التغيير حتى في إيجاد الحلول للقضايا، ولا نهمل أي شئ لمجرد إنه "بسيط"!! لماذا لا نستعين بالأطباء النفسيين والإخصائيين في علم الاجتماع لتأهيل الفئات المختلفه في المجتمع؟ الثورة التي حدثت هي تقدُّم إلى الحرية والديمقراطية وليس الرجوع إلى الخلف. ولكن مازلنا نسير ونتعامل مع الأمور بالمبادئ القديمة، وروح الديكتاتورية مازالت تسيطر على "مصر"، وندافع عنها بحجج مختلفة. ومثل هذه الروح تقيِّد من يتبعها، ولا تتركه حتى تفقده كل شئ. وهذه الروح مازالت تملأ جو "مصر". فكيف نفسِّر أن يتم القبض على أشخاص لمجرد إنهم يقولون آرائهم، ولا يقومون بالتحريض في أي قضية أيًا كانت؟ كيف يُحاكمون؟ وتحت أي مبدأ يُحاكمون؟!! الديكتاتورية أم الديمقراطية؟ حرية الرأي أم القمع؟ فنحن في بلد ديمقراطي، بلد مدني تحكمه مبادئ، ومن هذه المبادئ الحرية في التعبير والرأي. فلماذا نطيح بهذه المبادئ؟ ولماذا لاتفُعَّل؟ نريد أن نعيش على مبادئ واحدة لا تتغيَّر بتغيُّر الأشخاص، تضمن لكل واحد حياة كريمة.
كيف سقط قانون الطوارئ الذي كان يهدِّد المتطرفين والمجرمين والإرهابيين أكثر من أي أحد في "مصر"؟ وهو القانون الأقوى والأشد.. كيف هذا يسقط، ومع ذلك مازال أشخاص يُحاكمون لسبب آرائهم وليس تحريض نتج عنه جريمة!! ولكن لمجرد التعبير عن الرأي. ويوجد أشخاص آخرين قاموا بجرائم لم تظهر إلا في تلك الأيام؛ مثل السرقة والقتل والاعتداء على الآمنيين، وهم خارج السجون يمرحون في الأرض، لا يخافون أحد!! ما الذي يساعد المجرم على الاستمرار فيما يفعل؟ الجرائم تتصاعد.. من هو المسئول عن حماية المصريين من الجاهل والمتعصب؟! أليس القانون ورجال القانون والقضاء؟! أين هم لو كانوا غير قادرين على ملاحقة كل هذه الجرائم؟ لماذا لا نعيِّن لهم مساعدين إن كنا نريد التغيير؟ فنحن نحتاج إلى بذل مجهود مضاعف. إن كنا نريد تكميل المسيرة لما بدأته الثورة، يجب أن نعمل على أرض نظيفة، ونتعامل مع جذور المشكلة- عادة ما تكون تحت الأرض- ولا نعطي حلولًا سطحية ومسكِّنات.
الرجاء من القوات المسلَّحة أن تُفعِّل مبادئ الدولة المدنية الديمقراطية..
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :