الأقباط متحدون | لن ينصلح حال مصر بدون القضاء على الطائفية والعنصرية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٤:٣٤ | الأحد ١٣ مارس ٢٠١١ | ٤برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٣١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

لن ينصلح حال مصر بدون القضاء على الطائفية والعنصرية

الأحد ١٣ مارس ٢٠١١ - ١٢: ١٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: صبحي فؤاد
قامت ثورة شباب "مصر"، وبفضل إصرارهم وتضحياتهم الهائلة نجحوا في خلع الرئيس "مبارك" وإجباره على ترك الحكم، وإحالة كبار المسئولين والوزراء الذين شاركوا في نهب وسرقة أموال الشعب المصري وتعذيبه إلى القضاء المصري؛ لمحاسبتهم عن الجرائم البشعة التي ارتكبوها.

كما أدَّت ثورة الشباب أيضًا إلى تغيُّر بعض بنود الدستور، لإفساح المجال أمام المصريين للترشيح لمنصب الرئيس، وتأسيس الأحزاب السياسية، وتحديد مدة الرئاسة بأربعة سنوات فقط وألا تتجاوز المرتين.

إنجازات عظيمة تحقَّقت حتى الآن بفضل ثورة شبابنا المصري الأبطال.. إنجازات كان البعض منا يتصوَّر إنها لن تتحقَّق في حياتنا، بسبب عناد الرئيس السابق وإصراره على توريث الحكم لابنه "جمال"، وفساد نظام حكمه، وكثرة الذين كانوا يسترزقون ويستيفدون من بقائه. لكن هل ما تتحقَّق يكفي لإصلاح الأحوال المتردية المعوجة في "مصر"؟ هل يكفي أن نطرد "مبارك" وأعوانه من الحكم، ونقوم بترقيع الدستور المصري لكي نسمح لكل من هب ودب بالتقدُّم لشغل منصب الرئيس، وتأسيس أحزاب سياسية دينية متطرفة بكل ألوان الطيف؟ 

الإجابة هي "لا" وألف "لا"؛ فـ"مبارك" كشخص لم يكن الهدف، وإنما كان الهدف هو القضاء والتخلص تمامًا من فكره العقيم وفلسفته الغبية، ونظامه بالكامل الذي كان قائمًا على نظرية المستعمرين "فرِّق تسد"، وزرع الخلافات والشقاق بين أبناء الوطن الواحد بكل الطرق الممكنة لإضعافهم والتحكم فيهم والتسلط عليهم..

لقد زرع "السادات" بذور التطرُّف والعنصرية والكراهية والطائفية في أبشع صورها في كل شبر من أرض "مصر"، وحرص "مبارك" من بعده على توفير كل احتياجاتها وطلباتها والمناخ الملائم لها ورعايتها؛ لكي تنمو وتكبر وتثمر ألوف المتطرفين والإرهابين وتجار الإسلام والمتدروشين؛ لكي يستخدمهم لتمزيق وحدة المصريين، ويبقى هو وحده في أمان متسيدًا، منفردًا بالسلطة حتى النفس الأخير.

ورغم قيام الثورة ورحيل "مبارك"، إلا أن تركته لازالت موجودة.. طائفية وعنصرية بلا حدود.. عقول مسمَّمة بأفكار ظلامية في كل مكان ومجال، وتعليم وفكر نازي شيطاني يرفض ويحرِّض على كراهية الآخر والتخلص منه بكل الطرق.

وما حدث منذ أيام قليلة، عندما قام السكان المسلمون في إحدى القرى المصرية بنهب وحرق وتدمير كنيسة قبطية، وقاموا بترديد عبارات "الله أكبر"، وأدُّوا شعائرهم وصلواتهم على أرضها بينما كان رجال الأمن والجيش يشاهدون ما يحدث ولا يتدخلون لمنعه.. وكذلك ما حدث من اعتداءات بربرية وحشية وقتل عدد كبير من الأقباط وحرق مساكنهم ومتاجرهم ومصانعهم بواسطة متطرفين إسلاميين، في حضور عسكر من رجال القوات المسلَّحة، شاركوا بأسلحتهم في قتل الأقباط أيضًا بإطلاق الرصاص الحي عليهم بدلًا من حمايتهم!!

وكذلك إدعاء بعض وسائل الإعلام المصري الكاذب المتعصِّب المأجور بأن ما حدث هو "أحداث شغب" وليس جريمة بشعة ومذبحة عنصرية، تعد جريمة ضد الإنسانية..

كل ذلك يدل بلا أدنى شك أنه رغم قيام ثورة الشباب المصري ورحيل "مبارك"، إلا أنه للأسف لم يتغير شيئ في "مصر" على الإطلاق؛ حيث أن الطائفية لازالت موجودة في أقبح صورها، والتمييز ضد الأقباط لم ينته بلا ازداد، والكذب الإعلامي لايزال سمة رئيسية من سمات الإعلام المصري فيما يتعلق بقضايا الأقباط والاعتداءات والجرائم التي تُرتكب بحقهم!!

إن ثورة شباب "مصر" رغم ما حققته من إيجابيات، إلا أنها لن تكتمل وتنجح وتحقِّق أهدافها إلا إذا تم سريعًا القضاء على الطائفية من جذورها في "مصر"، ومحاسبة المحرِّضين وكل القتلة المتطرفين على جرائمهم العنصرية ضد الأبرياء، وفصل الدين عن السياسة، وإعادة الأديان إلى دور العبادة، والتركيز على العلم والبحوث ورفع مستوى الإنتاج.

إن التاريخ يقول لنا إن الأنظمة الديكتاتورية التي تقوم على الطائفية والعنصرية والقهر والاستبداد والتمييز بين أبنائها لا تستمر ولاتدوم، ويكون مصيرها إما التفكك أو الانهيار والزوال.. أما القائمون عليها فيكون مصيرهم بكل تأكيد مزبلة التاريخ وقاع جهنم. ولعل ما حدث لكل من "ألمانيا" النازية و"يوغوسلافيا" و"أفغانستان" و"الصومال" و"السودان" وبعض الدول الأخرى، يكون عبرة لمن يحكمون "مصر" حاليًا أو مستقبلًا، حتى لا تلقى "مصر" نفس المصير، رغم ثورة شبابها وتضحياتهم الهائلة..

أخيرًا، إنني أؤكِّد لجميع المسئولين في "مصر" وجميع أبنائها، إنه يوم تقضون على الطائفية والعنصرية والهَوَس الديني، ستجدون الملايين من المصريين في الخارج يهرعون عائدين بخبراتهم وعلمهم وأموالهم إلى مدنهم وقراهم لاستثمارها هناك، وخلق فرص عمل لمئات الألوف من العاطلين، مما يعود بالنفع على الجميع بلا استثناء..

صيحى فؤاد
sobhy@iprimus.com.au




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :