- الإخوان والنظام الحزبي
- مسلمون يهاجمون منزل مسيحي بقرية "البدرمان" بـ"المنيا" ويستولون عليه بالقوة
- حريق بكنيسة الشهيد "مار جرجس" بمركز "دشنا" بـ"قنا" أثناء قداس الأحد
- النيابة العامة بـ"المحلة" تحقِّق مع خمس قيادات أمنية في واقعة اختفاء سيدة مسيحية
- الشيخ"أسامة القوصي":لا يوجد مشكلة إذا تولى مسيحي رئاسة البلاد، وأطالب بدولة مدنية
نحو تأسيس الدولة المدنية (٢)
قراءة فى ملف "الأمور المسكوت عنها" (336)
بقلم يوسف سيدهم
لأحداث سريعة متلاحقة...المصريون يعيشون بكل جوارحهم أيام»مابعد سقوط النظام«...أشفق على ثورة 25يناير وشبابها أن تنزلق أو تختطف لحساب اندفاعات غير محسوبة أو مشاعر غير ناضجة، فبينما الحكمة تقتضى الإسراع بعودة مظاهر الحياة الطبيعية والاستغراق فى العمل لتعويض نزيف الاقتصاد خلال أسبوعى الثورة نجد من يبشر بمفاهيم مغلوطة يدغدغ بها مشاعر البسطاء والمطحونين ويؤلب بها موجات من الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات عن العمل بدعوى أن من لا يطالب بحقوقه المسلوبة الآن فلن يحصل عليها أبداً!!
الجماهير معذورة، فهى ضحية تغيير جذرى حدث بسرعة تفوق أى تصور، كما أنها ضحية سيل إعلامى انطلق فى فضح شتى سبل الفساد وسرقة ثروات هذا الشعب من جانب رموز السلطة وأعوانها-سواء بحقائق ثابتة أو بقصص وأرقام لا تتجاوز كونها اجتهادات يتم تكذيبها بعد نشرها- فلم تتمالك الجماهير نفسها من الصراخ والشكوى لتحسين أحوالها ورفع الظلم عنها...لكن صوت العقل يؤكد أن العودة للعمل حتمية لإنقاذ الاقتصاد المتردى وأن الفرصة ستظل قائمة لعلاج أى خلل فى منظومة الأجور، فقط لا ينبغى المضى فى الانفلات الذى إذا ما استشرى فسوف يتحول إلى شكل من أشكال الفوضى والعصيان المدنى اللذين بالقطع سيضران بمسار عودة الاستقرار والتركيز على الانتقال الهادئ إلى الدولة المدنية.
وقبل الفراغ من مسلسل الوقفات الاحتجاجية أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن تشكيل اللجنة المكلفة بدراسة التعديلات الدستورية-وحدد لها البنود المطلوب النظر فى تعديلها...وبالرغم من الإعلان عن الكفاءات والخبرات والمناصب العلمية التى يمتلكها ويشغلها أعضاء اللجنة والتى تؤهلهم فى مجال الفقه التشريعى للمهمة المنوط بهم إنجازها، وبالرغم من الطبيعة السياسية البحتة لجميع البنود المطلوب من اللجنة تعديلها كخطوة أولى على مسار الانتقال إلى الدولة المدنية...بالرغم من ذلك كله انفجرت موجة عاتية-خاصة بين الأقباط-تتوجس من توجهات فكرية دينية محافظة للمستشار طارق البشرى رئيس اللجنة وكذلك من أحد أعضائها المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين...توجسات تعبر عن خوف أصحابها من وجود مدلولات خفية وراء اختيار الأشخاص وقلقها من شبهة انعكاس ذلك على تعديل مواد الدستور وتحويل مسار ثورة ٥٢يناير التى رفع شبابها وأنصارها شعار»نريدها مدنية لادينية« إلى منحى آخر يطيح بأحلامهم فى الدولة المدنية.
وعبثا حاولت جاهداً تهدئة روع الكثيرين الذين اتصلوا بى وإقناعهم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يتراجع عن تعهده بتسليم السلطة إلى سلطة مدنية، وأن كفاءات أعضاء اللجنة والمهام المحددة المكلفة بها لا تدع مجالاً للشك فى وجود أية نية للإطاحة بالدولة المدنية أو اختطافها لحساب أية توجهات دينية...لكن كان واضحاً-حتى مع ارتياح البعض لكلامى معهم- أن هناك ميراثاً من عدم الثقة تراكم عبر العقود الثلاثة الأخيرة يسيطر على الكثيرين ويجعلهم على درجة شديدة الحساسية فى استقبالهم للمستجدات التى تحدث على الساحة غير مستعدين إطلاقاً للانزلاق أو للاستدراج نحو دولة دينية طالما خيم شبحها على بلادنا عبر تلك العقود.
لذلك لم يكن مستغرباً أن يطفو على السطح وسط هذا اللغط حديث إلغاء المادة الثانية من الدستور وهو الحديث الذى نشط منذ سنوات أربع إبان دراسة التعديلات الدستورية السابقة التى أقرتها الأمة عام 2007، ووقتها أذكر البيانات العديدة التى صدرت عن مجموعات غير قليلة من المثقفين والمفكرين والكتاب ونشطاء حقوق الإنسان -مسلمين ومسيحيين- المهمومين بأمر هذا الوطن تطالب بإلغاء المادة الثانية التى تتحدث عن الإسلام دين الدولة وأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع...لكن تم تمرير التعديلات الدستورية آنذاك بدون تعديل أو إلغاء المادة الثانية مع النص فى المادة الأولى على»المواطنة« كأساس للنظام الديموقراطى فى الدولة...واعتبر الكثيرون -وأنا منهم- أن تلك النهاية مقبولة وأن تفعيل معايير المواطنة كفيل بالحد من المخاوف المرتبطة ببقاء المادة الثانية، لكن للأسف مضت السنون دون تفعيل تشريعى حقيقى لمعايير المواطنة وشهدت أعوام 2008، 2009، 2010 أسوأ الكوارث وأحداث العنف الطائفى الناجمة عن المناخ المحتقن الذى أفرز التعصب والكراهية بين قطاعات كثيرة من المصريين، وكانت آخر حلقاته الدامية الكئيبة فى كنيسة القديسين بالإسكندرية عشية رأس السنة.
إذاً أتفهم الرغبة القوية التى ترفض العودة إلى الوراء أو قبول أنصاف الحلول ونحن نعيد تشكيل دستورنا ودولتنا وسلطاتها المختلفة، لكنى لا أغفل أبداً عن أهم مكسب تحقق فى الساحة الوطنية ولا أغامر بشقه أو فقدانه تحت أى ظرف من الظروف...إنه التكاتف الوطنى الذى فجرته قنبلة كنيسة الإسكندرية وما تبعه من تلاحم رائع وانصهار للمصريين جميعا فى الوعاء الوطنى أثناء وبعد ثورة 25 يناير...أخشى ما أخشاه أن يصرفنا حديث المادة الثانية من الدستور عن أولويات العمل الوطنى التى نحن بصددها الآن وضرورة اتحادنا جميعا وراء إنجاز مرحلة الانتقال الهادئ العاقل نحو الدولة المدنية...فإذا ما حافظنا على وحدتنا الوطنية التى جسدها بدرجة عظيمة شباب ميدان التحرير، فسوف تجئ مرحلة لاحقة-ليس وقتها الآن- لنجلس كمصريين نتحاور فى أمر وضع دستور جديد لبلادنا يرسخ أواصر الدولة المدنية ويقدم خريطة طريق جديدة لشبابنا وأبنائنا وأحفادنا تقودهم إلى آفاق الدولة الحديثة والازدهار.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :