الأقباط متحدون | الإخوان .. والدولة الدينية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٤١ | الثلاثاء ٢٢ فبراير ٢٠١١ | ١٥ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣١٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الإخوان .. والدولة الدينية

الثلاثاء ٢٢ فبراير ٢٠١١ - ٤٩: ٠٥ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عبد الرحيم علي
 
يتحدد تفكير جماعة الإخوان المسلمون بخصوص موقفهم من إشكالية العلاقة بين الدين والدولة، حول العناصر التالية: 
أولاً: شمولية الإسلام، حيث يؤكد حسن البنا على الخطأ الذى يقع فيه من يظنون أن الإسلام يقتصر على تناول الجوانب العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحي، فالإسلام عند الشيخ البنا: "عبادة وقيادة، ودين ودولة، وروحانية وعمل، وصلاة وجهاد، وطاعة وحكم، ومصحف وسيف، لا ينفك واحد من هذين عن الآخر". 
ولأن جماعة الإخوان نشأت فى النصف الثاني من عشرينيات القرن العشرين، حيث تعاظم خطر التغريب والميل إلى احتذاء وتقليد الحضارة الأوربية، فقد ألح الإخوان على رفضهم الصارم للتمييز بين الدين والدولة، وتنم مجمل كتابات المرشد المؤسس عن الدعوة بوضوح للانتصار لفكرة الخلافة الإسلامية. 
ثانياً: الارتباط بالفكرة إرتباطا جوهريا، وهو ما يشير إليه حسن البنا بوضوح فى قوله: "الإخوان يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية، ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، وأنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير فى أمرها والاهتمام بها. 
ثالثاً: التحفظ على الحكم الدستوري، فعلى الرغم من الترحيب الشكلي الذى يبديه البنا بالدستور والحكم النيابي، وتأكيده على غياب التعارض مع الإسلام، فإنه يرى – فى الوقت نفسه – أن هناك قصوراً فى عبارات الدستور، وسوءا فى التطبيق، وتقصيراً فى حماية القواعد الأساسية التى جاء بها الإسلام، وقام عليها الدستور، أدت إلى "ما نشكو منه من فساد، وما وقعنا فيه من اضطراب فى كل الحياة النيابية. 
رابعاً: الدعوة إلى استعادة التعاليم الأولى للإسلام، وخاصة بعد أن التبس على الناس الدين الصحيح، بما نسب إليه ظلماً وجهلاً مما ليس فيه. وفى هذا السياق، يقول البنا إن الإخوان المسلمين "دعوة سلفية لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنه رسوله، وهى طريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية".
 
الحكومة الإسلامية:
لعل هذا العنصر هو الأكثر أهمية فى تشكيل أيديولوجية الإخوان، فمن خلاله تتضح رؤية الجماعة لطبيعة العلاقة بين الدين والدولة. فوفقاً لما يقوله البنا، فإن "الإسلام الحنيف يفترض الحكومة قاعدة من قواعد النظام الاجتماعي الذى جاء به للناس، فهو لا يقر الفوضى، ولا يدع الجماعة المسلمة بغير إمام".
ولأن الحكومة الإسلامية هي المطلب الأساسي لدى الإخوان، فقد كان لا بد لهم من موقف واضح من دستور 1923، وكافة الأحزاب والمؤسسات القائمة. بالنسبة للدستور، أكد الإخوان دائماً أن القرآن الكريم هو دستورهم فى مواجهة الدستور ومجمل القوانين الوضعية، وأشار البنا إلى أن الدستور يتسم بالغموض وافتقاد الوضوح وتجنب التفاصيل. 
أما عن النظام الحزبي، فيرى البنا أن الأحزاب هي "سيئة هذا الوطن الكبرى، وهى أساس الفساد الاجتماعي الذى نصطلي بناره الآن، وهى ليست أحزاباً حقيقية بالمعنى الذى تُعرف به الأحزاب فى أى بلد من بلاد الدنيا، فهي ليست أكثر من سلسلة من انشقاقات أحدثتها خلافات شخصية بين نفر من أبناء هذه الأمة". ولأن هذه هى رؤية البنا للمسألة الحزبية، فلا غرابة أن يتساءل عن جدوى وجود الأحزاب، وأن يستهين بالدور الذى تقوم به فى العملية السياسية: "فلا ندري ما الذى يفرض على هذا الشعب الطيب المجاهد المناضل الكريم هذه الشيع والطوائف من الناس التى تسمى نفسها الأحزاب السياسية". 
البديل الذى يطرحه الإخوان هو الوحدة دون انقسام، ففى هذه الوحدة قوة تتيح التصدى للمشكلات الوطنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ومثل هذه الدعوة تتجاهل أن تعدد الاجتهادات يتطلب اختلافاً لا تستوعبه إلا الأحزاب المرفوضة، ومثل هذه الاجتهادات لا موضع لها ولا متسع فى ظل الحزب الواحد. 
أى ضمان لعدالة الحاكم ونزاهته حال غياب المعارضة؟!. يقول حسن البنا: "من حق الأمة الإسلامية أن تراقب الحاكم أدق مراقبة، وأن تشير عليه بما ترى فيه الخير، وعليه أن يشاورها وأن يحترم إرادتها وان يأخذ بالصالح من آرائها" . 
إنه النفى الكامل لفكرة الديمقراطية، فالحاكم ليس ملزماً بما تشير عليه الأمة، وحدود المراقبة تنتهي عند القول، ثم يحق للحاكم أن يفعل بعدها ما يراه صواباً. مثل هذا المصير نتيجة منطقية للحزب الواحد وغياب التعدد، فماذا عن الحكومة الإسلامية؟!. وهل هى دولة دينية متسلطة؟! 
الدولة الدينية : 
ربما تكون رؤية الإخوان للدولة الدينية، هى أهم الجوانب التى تبرز موقفهم تجاه إشكالية العلاقة بين الدين والدولة، ويتعلق الأمر هنا بمسألتين: 
المسألة الأولى هي ما يتطرق إليها عبد القادر عودة فى قوله: "الإسلام يوجب أن تقوم الدولة على أساس الدين الإسلامي، ويوجب أن يكون الحكم والسياسة والإدارة والتشريع وكل ماله أثر فى حياه الأمة مستمداً من الدين الإسلامي".
المسألة الثانية تتعلق بمفهوم كلمة الإسلام لدى الإخوان، فهي ليست مرادفاً للدين، ولكنها تشمل جوانب شتى سياسية واقتصادية واجتماعية. ويرى الإخوان أن فكرة فصل الدين عن الدولة فى البلاد الإسلامية أدت إلى إلزام المسلمين بقوانين غير إسلامية، ويتصدى سيد قطب للتمييز بين الإسلام والمسيحية فى العلاقة بين الدين والدولة، فالمسيحية تنظم علاقة الإنسان بالله، وتقتصر على الجانب الروحي: "أما الإسلام فكان على العكس من ذلك، وقام بتوحيد الحياة الدينية والدنيوية" .
 إذا كان الإسلام يوحد بين الدين والدنيا، فإن المسلمين هم الذين يستنبطون آليات وقواعد هذا الجمع بين العقيدة والواقع، ومن البدهي أنهم يختلفون فى الاجتهاد، وينقسمون بالضرورة إلى اتجاهات ومدارس وأحزاب. المفارقة هنا أن الإخوان يتمسكون بفكرة الوحدة ويرفضون التعدد، وهو ما يفضي إلى تغليب وجهة نظر واحدة وتسييدها، وبذلك يتحول الإخوان موضوعياً إلى "جماعة المسلمين" وليس إلى "جماعة من المسلمين"، وهو ما يفضي موضوعياً إلى نفي فكرة التعددية. 

aali_ion@hotmail.com




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :