جديد الموقع
" المحامون الأقباط حضروا ملفا ضخما حول جرائم التعذيب والقتل ضد مبارك "
المادة 07 من النظام الأساس
ي للمحكمة الجنائية الدولية تسمح بمحاكمة مبارك
كشف خبير القانون الدولي البروفيسور قشي الخير بأن الرئيس المصري حسني مبارك معرض لمتابعات قضائية خطيرة في حالة تحريك الدعاوى ضده من طرف المواطنين والمحامين والهيئات الحقوقية، بحيث تسمح مواد القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بمتابعته التي قد تبدأ بتجميد أمواله ولا تنتهي ... واعتبر المتحدث بأنه آن الأوان للرئيس المصري للعمل بالنصيحة التي قالها للرئيس العراقي صدام حسين ذات يوم بمغادرة الوطن وتسليم السلطة حقنا لدماء الشعب .
- دكتور باعتباركم واحد من أبرز رجال القانون الدولي كيف تنظرون للأحداث الأخيرة في مصر وقبلها تونس؟
* أفرزت "ثورة الشباب" في كل من تونس ومصر و"انتفاضات الشباب" في دول أخرى كاليمن والأردن بعض الآثار القانونية الجديرة بالاهتمام منها مبدأ السيادة الشعبية ومعناه واضح، يتمثل في كون الشعب هو مصدر السيادة التي يجب أن تمارس باسمه ولحسابه، وفقا لما حدده وتحت رقابته المستمرة. إلا أن هذا المبدأ ظل مجرد شعار في الكثير من الدول التي مورست فيها السيادة فقط "باسم" الشعب، حيث بقيت أفكار الفلاسفة والمفكرين التقليديين والمعاصرين على السواء مجرد أقوال لا يعرفها إلا المهتمون أو المتخصصون في العلوم السياسية أو القانونية أو تخصصات أخرى قريبة .
- الأحداث الأخيرة كشفت بأن مبدأ السيادة الشعبية عاد للحياة بعدما كان ميتا؟
* يبدو أن "ثورة الشباب" تسعى لنفخ روح في هذا المبدأ "المحنط" في هذه الدول، أو إنهاء سباته الذي طال. بل يمكن أن نقرأ في هذه "الثورة" أن الجيل الجديد يريد تجسيد هذا الشعار فعلا وتطبيقه في الممارسة الميدانية بنفسه، ربما تأثرا بتغيير جذري طرأ بطريقة سلمية هادئة وخفية أو تكاد في أوروبا وأمريكا، حيث نزل معدل سن الحكام إلى ما دون الخمسين سنة .
- وماذا عن الشرعية السياسية للأنظمة العربية المتهاوية؟
* مبدأ الشرعية السياسية يتطلب تجسيد مبدأ السيادة الشعبية أن يتولى الحكم باسم الشعب نظام يستمد وجوده وشرعيته من إرادة الشعب، وأن هذه الشرعية تستمر طالما ظل نظام الحكم مرآة صادقة لتلك الإرادة. ومصداقية النظام في تعبيره عن تلك الإرادة الشعبية واستمرار رضاها قابل للقياس أو الاختبار بطرق شتى من أهمها مدى التجاوب الإيجابي لتلك الإرادة مع الاتجاهات العامة للسياسات المعتمدة في مختلف المجالات الهامة، اقتصادية كانت أم سياسية أم اجتماعية أم ثقافية أم غيرها. كما يمكن للسلطة أن تقيس مدى ذلك التجاوب، وكذلك مدى شرعيتها بمقاييس متعددة، لعل أهمها السلوك التصويتي لأعضاء المجتمع السياسي في مختلف الانتخابات أو الاستفتاءات الشعبية .
- كثر الحديث عن إمكانية المتابعة القضائية للرئيس حسني مبارك، هل من توضيحات قانونية دقيقة حول المسألة؟
* وضع الطوفان الشعبي الذي فاجأ حتى المختصين بسرعة حدوثه الرئيس المصري أمام خيارين :
- إما العمل بالنصيحة التي سبق له أن أسداها إلى الرئيس العراقي صدام حسين بمغادرة الوطن وتسليم السلطة "حقنا لدماء العراقيين ومراعاة للمصلحة العليا للبلاد، ولتجنيب المنطقة ويلات عدم الاستقرار"، أو التمسك بالمنصب إلى آخر رمق. وكان رد الفعل الأولي للرئيس متناقضا بين التأكيد على غياب أي رغبة سابقة لديه للوصول إلى سدة الحكم أو الاستمرار فيها، وفي الوقت ذاته التمسك بكرسي الرئيس. وإذا كان توليه الحكم في ظروف استثنائية معروفا فإن خيار البقاء في الظروف الحالية قد يتعارض مع الإدعاء بعدم الرغبة في الاستمرار في السلطة.
- إن عظّة الرئيس المصري بالنواجذ على سدة الحكم ودفته تعد دفاعا "طبيعيا" عن نفسه ومصالحه الشخصية ومصالح عائلته والمقربين منه في الحكم. فقد استوعب جيدا درس التجربة التونسية، بيقينه أن انسحابه استجابة لـ"ثورة الشباب" يعني ببساطة فتح المجال أمام دعاوى ترفع ضده والمقربين إليه، تتضمن قائمة غير متناهية من الاتهامات قد تبدأ ولا تنتهي بتجميد أرصدة "العائلة" والزمرة المحيطة به في البنوك المحلية والدولية. ولا شك في أن البنوك الأجنبية ستستجيب إلى حكم قضائي مصري يطالبها بتجميد هذه الأرصدة، حيث لا تخفى الفائدة التي تجنيها البنوك من استخدام واستثمار أموال
" مجمدة " لديها . عكس الحال عندما يتعلق الأمر بطلب استرداد تلك الأموال مع ما يقتضيه ذلك من تشدد في الإثبات .
- لكن الرئيس المصري أبدى عنادا كبيرا في تحدي جموع ميدان التحرير؟
* قيل إن مزاج الرئيس المصري حسني مبارك عنيد وأنه صعب المراس ومتصلب في مواقفه. إلا أن العناد هنا مبرر بدافع النجاة من المحاكمة وإنقاذ "الرصيد الذهبي" الذي جمع مع الزمن. وقد يقابل هذا العناد بإصرار أكبر قد تكون نتائجه أشد خطورة على الرئيس. فقد سمعت أصواتا تتهم النظام بمشاركته في صفقة تسليح الحكومة الرواندية أثناء الحرب الأهلية التي ذهب ضحيتها أكثر من مليون قتيل، مما فرض على مجلس الأمن الدولي آنذاك إنشاء محكمة جنائية خاصة برواندا، حاكمت وعاقبت مقترفي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وفي درج بعض المحامين الأقباط ملف قانوني حاولوا من خلاله إثبات توفر عناصر الجريمة ضد الإنسانية في أفعال تعذيب وقتل يدعون وقوعها ضد الأقلية القبطية ارتكبت على نطاق واسع ومنهجي وعن علم مسبق، وفقا لما تقتضيه المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما تطالب فئة من المحامين المصريين بمحاكمة الرئيس المصري أمام هذه المحكمة بتهمة جرائم التعذيب التي تدعي أنها ارتكبت بشكل منظم ومنتظم ومنهجي وعلى نطاق واسع خلال فترة رئاسته. ولعل أبشع ما يتخيّله رئيس دولة أن يتهم بارتكاب جريمة ضد الإنسانية حتى ولو ثبتت براءته. بمعنى آخر قد يقابل العناد بتصلب أشد يتمثل في حمل " ميكروسكوب " وتتبع آثار الأقدام بحثا عن زلات أو انزلاقات أو عثرات تستغل حيثما سمحت الظروف .
ألا ترون بأن سيادة الدول تآكلت تدريجيا في الثورات الشعبية الأخيرة، بشكل يسمح بالتدخل الأجنبي فيها؟
صحيح هناك تآكل لمبدأ سيادة الدولة، حيث من الآثار القانونية التي أفرزتها "ثورة الشباب" أنها زادت في عمق "أزمة السيادة" بالمعنى التقليدي، بحيث لم يعد الاهتمام المتواصل للدول الأخرى من خلال تشكيل مجالس أزمة أحيانا صورة من صور "التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية"، باعتباره حصنا قويا لحماية سيادة الدولة، على الأقل بمظهرها الخارجي. ولم يقتصر هذا "الاهتمام" على هيئات المجتمع المدني الدولية أو على الدول فرادى وجماعات، بل عبّرت منظمة الأمم المتحدة، على لسان أمينها العام، عن انشغالها بالأزمة المصرية، رغم الاحتجاج الدبلوماسي المصري على " نصيحة " الأمين العام .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :