ودن من طين وودن من عجين
بقلم: هيام فاروق
كنت من أول المعترضين على قيام هذه المظاهرات لما ترسب فى ذهنى عن تهور الشعب المصرى و عدم تلقيه لثقافة النظام و الإحتجاج اللائق بمطالبة الحقوق ، ولعلمى باندفاعه الثائر والمتسرع ونخوته الغير مدروسة فى أخذ الحق بالتخريب والتدمير والقوة الغير المشروعة .. وأيضا كان من أقوى الأسباب التى دعمت إعتراضى هو ما تردد عن لسان الكثيرين بتوغل قوى الإخوان المسلمين فى وسط هذه المظاهرات الغير مرسومة أجندتها وتنظيمها بحيث تكون فرصتهم لنشر أفكارهم المسمومة وخططهم الفاسدة .. وفضلت أن نبقى فى الفساد الحالى على أن نعيش فى فساد أفكارهم التى ستطيح بدولة كاملة إذا ما ثبتوا قواعدهم فيها . ولكنى أيضا كنت أفكر كيف لهذه الجماعة المحظورة أن يحصلوا على صفر فى الانتخابات السابقة ويحصلون على قوة أو دعم لتحريك هذا العدد الهائل من الشعب !!!! ولذلك صمت إلى أن نرى كيف تمر الأحداث .. وقد مرت .. و إذ بى فخورة كل الفخر بمصريتى و بهذا الشعب العظيم الذى بدأ يستعيد نخوته المصرية الأصيلة بعيدا عن التمييز بين المسلم والمسيحى والبهائى وخرج الشعب ومعهم قيادات معارضة، بكل رقى و أدب و ثقافة و عقل يوما كاملا منددين باحتجاجات وإن كانت جريئة إلا أنها تعبر فعلا عن شعور كامن بالظلم والأسى والضغينة من قِبَل حكومة تدَّعى الديمقراطية وهى أبعد ما تكون عنها .
ثار الشعب ضد الغلاء ، البطالة ، إنخفاض الأجور ، الاستبداد ، الفساد ، الأزمات ، التكدس ، المرور ، ....إلخ.. وبعد كل هذا كنت أنتظر أن يخرج علينا السيد رئيس الوزراء ( أحمد نظيف ) .. أو السيد رئيس مجلس الشورى ( صفوت الشريف ) أو السيد رئيس مجلس الشعب ( فتحى سرور ) ببيان يهدئ من ثورة هذا الشعب الغاضب الثائر .. وإنما للأسف الحكومة بكاملها ودن من طين وودن من عجين أو بمعنى أصح بلا أذن بالمرة .. وبالرغم من أنى ألقى بعض اللوم على الشعب المشترك فى تكوين هذه المنظومة الفاسدة إلا إنه لا وقت لسرد هذه الأفعال فى وقت ثورته العارمة هذه ، والتى تزداد مع إستفزاز الحكومة للشعب ناهيك عن حركة إعتقالات لصحفينا وكتابنا أمثال الأستاذ مايكل فارس وزملائه الصحفيين ، ماذا يعنى هذا ؟ أهو إستفزاز إلى هذا الحد ؟ ما المانع أن يسمعنا المسئولين ويستجيبون ولو حتى لأبسط السلبيات !!! لماذا لا يتحمل المسئولون مسئوليتهم تجاه مواطنيهم بدلا من دهسهم بلا هوادة ولا رحمة ؟ بالله عليكم يا مسئولين كيف نعيش فى وطن يقمعنا ويلتهم كرامتنا ثم يطالبنا بالإنتماء والإعزاز لمجرد أننا ولدنا فيه ؟ لماذا لم تساعدونا كمواطنين على أن نسلك فى الطريق الشرعى للحصول على حقوقنا ؟
للأسف فشلت كل محاولات الحكومة للقضاء على آفات كثيرة فى المجتمع و على سبيل المثال تخفيض معدل الزيادة السكانية والمصيبة إننا شعب يحب الزحمة حتى ولو تظاهرنا بالعكس . وسيكون تعداد السكان خلال عام 2020 إلى 90 مليون نسمة .. أين مساحة الأراضى الزراعية التى تزرع ما يكفى حاجة السكان وليس ما يجود بفائض تصدير . وأين المساكن التى تكفى كل هذا النشىء ؟
الإعلام مثلا .. يمدنا دائما بالأوهام والأكاذيب المضللة ثم تعود تشكو حكومتنا من تهييج الشعب !!!!
المرور وتجاوزاته الكثيرة لإبن البيه و إبن الوزير وابن اللواء الفلانى و يقفوا على الغلبان سائق التاكسى أو صاحب ملاكى 127 مثلا .. ( تيجى فى الهايفة و تتصدر ) .
هناك حالة هياج تنتاب الشعب ومناخ تكفيرى للجميع . والكل متشنج
لماذا يا حكومتنا لم تثوروا من تزوير إنتخابات فى حين هناك سحل و ضرب و إعتقال و تعذيب فى أقسام الشرطة ؟
أين مساعدتكم لشباب الوطن الذى بلا عمل ولا هدف ولا تعليم محترم ؟ أعطيتم فرص واسعة للشباب بتعاطى المخدرات دون رادع .. تركتوهم يترنحون فى المقاهى والغرز والكافيهات دون رقابة .
إن الأمم العظيمة تكرم كتابها ومثقفيها ومفكريها أما مصر فتكرمهم بالسجن والتهديد و ترفع هامات اللصوص ويرتفع فيها الوضيع فيصبح ذا صولجان. مما جعلها أعجوبة فى نظر العالم حولها
تأخذ الحكومة حقها بالكامل من ضرائب و دمغات و ضريبة مبيعات وفواتير نظافة وكهرباء ومياه وتتغافل عنها لمن له باع فى أراضى زراعية وأفدنة وممتلكات دون حتى قانون ( من أين لك هذا ) .. على سبيل أن ( المسامح كريم )
ثار الشعب المسكين ضد كل هذه الفجاجة والشيزوفرنيا الواضحة بين المادة الثانية للدستور و مقابلتها مع المادة 40 منه و التى تنص على أن جميع المواطنين سواسيا .
سيطر على مجتمعنا الديكتاتورية السياسية .. والتسلط الدينى وأصبحا وجهين لعملة واحدة وما هو سوى بيزنس و أكل عيش .
واقعنا مُخزى يا سادة و ينحدر إلى الهاوية و لم يعد لدينا إلا أن ننقذه على يد حكومة نظيفة ( تغسل موج البحر ) تغسل عقول مدعى الدين و التدين .. تغسل حركة الفساد والرشاوى المنتشرة فى كل مصلحة حكومية كانت أم خاصة .
عموما هذه المظاهرات أكدت أن شعبنا بدأ يرتقى بسلوكياته وبدأ يفرق بين المظاهرات الحقيقية وصراع الديوك .
فأرجو أن تواجه حكومتنا التى تعودت على عدم مواجهة المخالفات إلا عندما تحدث الأزمات العنيفة التى يصعب تجاهلها ، واعلموا أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة . و لكم الله يا شعب مصر فالحرية ثمنها باهظ جدا و أيضا ثمن الخضوع باهظ جدا ، وطالما أن هناك ثمن ندفعه فى الحالتين لكى نتحرر أو لكى نخضع فلماذا لا ندفع ونتحرر ؟
كفانا صمتا وكفى المسئولين تواطئا وأعلموا أن الشخصية المصرية لم تعد هى هذه التى علمها الزمن كيف تبدو فى الحالة التى يريدها من بيده الأمر . نحن لا نريد إسقاط حكومى ولا نطالب بهذا و إنما فقط نريد تغيير سياسى وإجتماعى وتعليمى وثقافى وصحى شامل .
متى ترجع مصر مرة أخرى بإسهامها المعتبر فى شتى العلوم والمجالات الفنية والطبية والأدبية .
يا مصــر .. إنقلبت فيكى الموازين .. وأصبح الشريف خائنا ، واللص شريفا ، وحبك أصبح جريمة و ارتفع فيكِ الوضيع فأصبح ذا صولجان . إستقيموا أواستقيلوا يرحمكم الله .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :