- الإعدام للكموني حكم ذو دلالات خاصة جدًا
- يونيو 2000
- د. "عوض شفيق": حكم المحكمة في قضية شهداء نجع حمادي "رادع" وأتوقع ذات الحكم لباقي المتهمين جلسة 20 فبراير
- مظاهرة حاشدة بـ"بريطانيا" أمام رئاسة الوزراء تطالب الحكومة البريطانية بالضغط علي "مصر" لحماية الأقباط
- الأنبا "كيرلس" يرحِّب بحكم المحكمة في قضية شهداء "نجع حمادي" لتهدئة الأجواء الملتهبة
د. "عمار": كان للعولمة دور كبير في تعزيز دور الأديان في الحياة الإنسانية
كتبت: ميرفت عياد
أعد د. "عمار على حسن"- الروائي والباحث في علم الاجتماع السياسي- دراسة قدَّمها حديثًا للمؤتمر السنوي الرابع والعشرين للعلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة. تقع الدراسة تحت عنوان "تنامي التدين المحافظ في مصر.. محاولة للتفسير"، ابتدأها بقول الفيلسوف الفرنسي "أندريه مالرو": "سيكون القرن الحادي والعشرين قرن الأديان أو لن يكون".
الاستبداد السياسي والتدين المحافظ
وأشار "عمار" إلى حالة التوافق والانسجام والعناق وتبادل المنافع بين الاستبداد السياسي والتدين المحافظ، واللذان يتحالفان معًا في وجه أي إرادة حقيقة تسعى إلى التغيير؛ لعلمهما التام بأن هذا التغيير يمثل خطرًا داهمًا على بقائهما ومصالحهما. مؤكِّدًا أن هذا ما يوضحه التاريخ الذي يكشف لدارسه أن هناك العديد من التحالفات التي حدثت بين رجال دين محافظين ورجال حكم مستبدين، ولا يُستثنى في هذا الشرق أو الغرب. وأضاف: إنه لهذا قام الأوربيون- في محاولاتهم لإصلاح أوضاع بلادهم- بفصل السلطة الزمنية عن السلطة الكنسية، مما يدل على أن التدين المحافظ يترك العديد من الآثار على الأفكار والممارسات السياسية والاجتماعية. فالمحافظة تعني وفقًا للمنهج الفلسفي التصور غير الليبرالي للطبيعة الإنسانية، وفي الدين المسيحي التمسك بالأصول والطقوس، ولذا قدَّم المحافظون خلال مراحل التاريخ الأوروبي عدائهم لفلاسفة التنوير.
الرجعيون.. المعتدلون.. الراديكاليون
وقسَّم "عمار" المحافظين حسب موقفهم من التغيير إلى ثلاث فئات هم: "الرجعيون، والمعتدلون، والراديكاليون". مشيرًا إلى أنه يأتي في مقدمة الرجعيين فيلسوف الثورة المضادة في فرنسا "دي ميستر" (1753 ـ 1851)، والذي كان مقتنعًا بأهمية رجوع الملوك إلى عروشهم التي طُردوا منها، فأعلنوا العداء للأحزاب اليسارية والاتجاهات العلمانية، كما أنهم لم يكتفوا بهذا، بل اتهموهم بالهرطقة. أما المعتدلون فقد تأثروا بفلسفة الفيلسوف "أدموند بيرك" (1729 – 1809)، وخاصة الشعوب التي اعتنقت المذهب البروتستانتي، وأعلنت عداءها لليبرالية والنزعة الإنسانية والعلمانية. مؤكدًا أنه ساعدها على ذلك أن الكنيسة كانت تميل إلى التزمت والتشدُّد. أما الفئة الثالثة والأخيرة، فهم الراديكالون الذين بدأوا في الانتشار في ستينيات القرن الماضي كنوع من رد الفعل لفرض الضرائب الباهظة.
السلفية.. الأصولية.. التطرف الديني
وأوضح "عمار" أن مصطلح التدين المحافظ في الإسلام أنتج على مدار التاريخ مفاهيمًا عديدة منها: السلفية، والأصولية، والتطرف الديني. مشيرًا إلى أن السلفية ليست جماعة قائمة بل مجموعة من الأفكار التي يعتنقها العديد من المسلمين في كافة أنحاء العالم، وتدعو إلى العودة إلى الفترة الأولى في تاريخ المسلمين، على أساس العودة إلى السلف الصالح. أما الأصولية فهي مجموعة متنوعة من الاتجاهات الفكرية المعتدلة والمتشدِّدة، تتعدد خطاباتها السياسية، وتقدِّم نقدًا قويًا للفلسفات والأيدلوجيات والعلم. أما التطرف الديني فهو إتجاه ديني متشدِّد وثوري ينطوي على أفكار وسلوكيات تقود إلى الممارسات العنيفة، وهو فكر يرفض أصحابه عادةً المجتمع ويفضلون الانعزال والبعد عن أي مشاركة أو ممارسة سياسية.
قرن العودة إلى الأديان
وأكّد "عمار" أن انتشار مفهوم العولمة بما أحدثه من هدم للثقافات وإذابة للهويات، جعل الناس تبحث بصورة أعمق عن انتماءاتها الأولية المتمثلة في الدين، باعتباره حائط الصد، والبوتقة التي تحميهم من قيم العولمة، خاصةً في ظل تنامي الاعتقاد من قبل العلمانيين والماركسيين بأن الدين أدى دوره في تاريخ الإنسانية، وأن الدور القادم يجب أن يقوم به العلم. مما أدَّى إلى اعتراف الفلاسفة وعلماء الاجتماع والمفكرين بأن القرن الـ (21) هو قرن العودة إلى الأديان. مضيفًا أنه من هذا المنطلق نمت ثلاثة اتجاهات أساسية هي: التدين الرخو الذي لا يخضع لأي مؤسسة دينية رسمية، والتدين الحرفي وهو إتجاه يرفض التنوع والحوار ويتخيل أن أتباعه هم فقط الذين يملكون الحقيقة المطلقة، والحركات الدينية الجديدة التي تستغل ثورة التكنولوجيا والإتصالات والفضائيات في إنتاج كم هائل من الفتاوي أحدث فوضى كبيرة. وقال: "إن العولمة كان لها دور كبير في تعزيز دور الأديان في الحياة الإنسانية، كما إنها أوجدت للخطاب الديني المحافظ المجال للوصول إلى أكبر عدد ممكن من البشر".
احتياجات المصريين المتزايدة إلى الدين
وأرجع "عمار" تنامي "التدين المحافظ" في "مصر" إلى سببين رئيسسين؛ أولهما- أن النظام السياسي يعمل على تشجيع هذا الفكر؛ لأنه يعمل على خدمة مصالحه، كما أنه يُنتج له من الخطاب ما يجعله قادرًا على مواجهة الجماعات الدينية المسيَّسة التي تريد أن تصل إلى الحكم. أما السبب الثاني- فهو أن التدين من الطباع الأصيلة في وجدان الشعب المصري منذ عهد الفراعنة وحتى يومنا هذا، وهو ما خلق بيئة اجتماعية مناسبة لتلك الأفكار. موضحًا أن ضعف تيار التجديد خلال مراحل التاريخ المصري ساعد على انتشار الخطاب الديني المحافظ؛ لتلبية احتياجات المصريين المتزايدة إلى الدين. كما أشار إلى العديد من الأسباب الأخرى؛ منها: الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها نسبة كبيرة من أفراد الشعب، والتي جعلت الناس تميل إلى التشدُّد والتطرف، وعمالة المصريين بالخارج على مدار الأربعين عامًا الماضية في بلاد النفط، والتي جلبت الأفكار السلفية المتشدِّدة مع الرزق الوفير، هذا مع استمرار وجود الأمية، وضعف الحالة الثقافية لدى أغلب الناس، وضعف التيار التجديدي، واقتصار تأثيره على النخبة المثقَّفة دون أن يصل إلى عامة الناس.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :