جديد الموقع
الأكثر قراءة
- سير "مجدي يعقوب".. أمير القلوب
- جنايات "المنيا" تقضي بحبس مسيحي 3 سنوات لضرب مسلم أدى لموته، و"رمزي": سنطعن على الحكم
- البابا بطرس الأول.. دماؤه ختام لسفك دماء المسيحين
- أقباط "كندا": ما يحدث للمسيحيين تطهير عرقي يُمارس ضد شعب مسالم أعزل
- النائب "جمال أسعد": المناخ الطائفي مازال قائمًا، ويمثل خطورة على الوطن
ماذا بعد؟
بقلم : د. حمدي الحناوي
ماذا بعد المشهدين الذين ميزا ليلة عيد الميلاد المجيد، التواجد الأمنى المكثف حول الكنائس، واحتشاد المسلمين داخل الكنائس أو حولها؟ الفارق شاسع ما بين المشهدين، فالتواجد الأمنى المكثف لا يمكن اعتماده كحل دائم. وتوجه المسلمين إلى الكنائس مجرد بداية، ولا يمثل بدوره حلا نهائيا لأى مشكلة. كان ذلك تحسبا لإجهاض أى هجوم إجرامى جديد، غير أن جوهر المشكلة ليس عصابات المجرمين ذاتها، بل المناخ الذى يصنع المجرمين، مناخ الشك فى الآخر وعدم تقبله. وتصحيح هذا الوضع ليس مهمة الشرطة، وليس رهنا باحتشاد مؤقت مع المصلين فى الكنائس أو زيارات للتهنئة بالأعياد.
سلوك الشرطة لا يصحح شيئا لأنه مبنى على تكريس الشك فى الآخر. وهى لا تأمن لمن يعلن حسن النوايا، ولا عجب أن اعتبرت المسلمين فى تلك الليلة موضع اشتباه، ولم تستثنى من توجهوا إلى الكنائس لإعلان تضامنهم. بجانب البوابات الأمنية التى تكشف أسرار الجميع، كان هناك احتياط إضافى، ليس ضمنيا أو صامتا غير معلن، بل إجراء محددا، اقتضى ممن يريد المرور إلى الكنائس المهددة أن يسلمهم بطاقة هويته. وقد لا تمثل بطاقات الهوية ضمانا من أى نوع، فهى إجراء شكلى وقد يكون مستفزا، لكن هذا ما اعتدناه وما اعتادوا عليه.
احتشاد المسلمين بدوره تحرك مؤقت، ولا يمكن أن تبقى الحشود حول الكنائس أو داخلها بصورة دائمة. هذا مجرد رمز لبداية جديدة، وقد لعب دوره ليثبت أن المصريين يمكن أن يتحدوا، وأن الناشطين بمختلف توجهاتهم السياسية يمكن أن يلتقوا على هدف. كان الرمز قويا على أى حال، وقد حرك فى نهر الحياة المصرية مياها كانت راكدة، ولم يقتصر على لقاءات المجاملة التى اعتاد عليها كبار رجال الدين. كان عملا مباشرا، سواء ما كان من وقفات تضامنية بالشموع، أو حضور مكثف للصلوات، أو ما سماه البعض دروعا بشرية للحماية.
أى عمل مؤقت آخر لن يضيف كثيرا. حتى ما سمى بيت العائلة الذى دعا إليه فضيلة الإمام الأكبر، وإن كان يعبر عن حسن نية ورغبة صادقة فى إزالة الاحتقان، أراه أسلوبا قديما تخطته الأحداث. والمطلوب الآن أولا، موقف حاسم من خطاب التحريض والتحرش الدينى. آن الأوان لتجريم كل خطاب أو سلوك يثير الكراهية ويستثير الحقد، متسترا وراء آيات قرآنية تنتزع من سياقها ويساء تفسيرها. مطلوب أيضا تعديل الأولويات، ولولا أزمات بناء الكنائس التى تتطلب تدخلا حاسما لإنهائها، لقلت أن بناء المساجد والكنائس ليس له أولوية.
العبادة لا تحتاج إلى مبان خاصة، والله سبحانه وتعالى موجود فى كل مكان وكل لحظة، ولا ينحصر وجوده داخل جدران المساجد والكنائس. أفهم أنه داخل تلك الدور تأتلف الجموع، حيث الائتلاف ذاته نوع من العبادة. لكنها جموع متحدى المذهب والعقيدة، وما ينقصنا هو ائتلاف مختلفى المذاهب والعقائد. وقد تحقق ائتلاف رمزى من ذلك النوع ليلة عيد الميلاد، لكنه لن يتحقق هكذا كل يوم. والله لا يأمرنا بأن نعطى الأولوية لإنشاء دور لعبادته، بل هو لا يحتاج أصلا لما ننشئه منها، وأعتقد أنه لو جاءنا اليوم رسول من عنده فسيقول خصصوا أموالكم لإنتاج غذاء للجوعى، ودواء للمرضى، ومساكن للمشردين، ومراكز لتأهيل العجزة وتدريب الباحثين عن عمل على المهارات الإنتاجية.
تلزمنا أيضا مدارس وجامعات، لكننا هنا أكثر احتياجا إلى نوعيات من المعلمين والمقررات التعليمية، لا يصنعها خطاب التفرقة بل فكر جديد، يخاطب العقول ويعلمها ألا تتقبل كل ما يقال مسلما به. باختصار نحتاج لأن نعيد بناء الوطن.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :