الأقباط متحدون | صنع في مصر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:١٧ | الثلاثاء ٤ يناير ٢٠١١ | ٢٦ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٦٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس مع رئيس التحرير
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
٢٠ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

صنع في مصر

الثلاثاء ٤ يناير ٢٠١١ - ٥٠: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عزت بولس
فلنتخيل معًا ماحدث منذ أيام وتحديدًا بـ" ليلة رأس السنة" حيث مجموعة من الأقباط يحتفلون بقرب حلول عام جديد داخل كنيستهم بالأسكندرية،وكغيرهم من الجموع القبطية في ذلك التوقيت من العام يكون احتفالهم مليء بالصلوات المُتضرعة لله بطلبات بسيطة متمثلة في جعل أوقات العام الجديد المُنتظر على الأبواب أوقات سعيدة مبهجة ناجحة لوطنهم مصر أولاً ولحياتهم الشخصية ثانيًا.

أثناء تلك الطلبات الجميلة العبارات والتي يتلوها المُصلين بقلب واحد، يتحدى كل فرد ذاته بإصرار الممتلئ بالأمل والسلام السمائي أن تكون أول شمس بسماء 2011 هى بداية لصفحة جديدة بحياته صفحة بيضاء يأمل ألا تتكرر بها إخفاقات عام بقي له ساعات ليُعلن رحيله.
وقت تضرع هؤلاء بالخير لله داخل كنيستهم، كانت هناك أيادي أثمه ونفوس حاقدة ممتلئة بكراهية الشيطان تنتظرهم بالأسفل بقنابل الغل والرفض والشر والحيوانية في أجلى صورها لتنهي حياتهم وتقتل أمالهم وترسم السواد على الوطن المريض مصر.

بالفعل تحقق لهم- أيادي الشر والآثم- مايُريدون فمع الدقائق الأولى للعام الجديد الذي كان سعيد ومع بدء المُصلين الهبوط من لقاءهم مع الله وتبادلهم التهنئة مع بعضهم البعض حتى انفجرت قنابل الغدر لتهز الأرض من أسفلهم، ولا أعرف إن كانت الأرض اهتزت من دوي الإنفجارات أم اهتزت إحتجاجًا على شر من نُزع من قلوبهم كل معنى للرحمة وصاروا حيوانات جائعة مفترسة تلتهم أي أخضر بطريقها دون وعي.
وسط كل ذلك الألم والنحيب والدماء مع صرخات المتألمين وشهقات المفارقين للحياة وصراخ الباحثين عن أحبائهم وسط برك الدماء والأشلاء الآدمية المُتطايرة، بدأت الصدمة القبطية المُعتادة سنويًا مع بداية العام الميلادي الجديد في رسم معالمها، التي تعد هى الأكثر قسوة وخطورة على الإطلاق برأيي من أي هدية سنوية سابقة أعتاد عليها الأقباط مع بدء الألفية الثانية " الكشح".

دلالات الحادث كثيرة وأهمها أن الخطر والأزمة الطائفية بمصر لم تعد تحتمل تأجيل النظر في البحث عن حلول جذرية لها،خاصة وأن هناك الكثير من الإشارات الحمراء التي تضيء لتؤكد لنا أن عبارة"  صنع في مصر" هى العنوان الرئيسي لتفجير كنيسة القديسين.
لن أدخل في تفصيلات عن أعداد القتلى والمُصابين من جراء تفجير كنيسة القديسين الطائفي أولاً الإجرامي ثانيًا، الحامل لكل معاني القذارة للنفس البشرية المتجهة للحيوانية ثالثًا، وعدم الدخول في التفصيلات ليس لأنها لا تعنيني بالاهتمام وإنما لأني أري أن موت إنسان واحد غدرًا يكفي لأخذ الأمر برمته بدائرة الفحص والنقاش ومن ثم إيجاد الحلول وتنفيذها لوقف أي عمل من شأنه أخذ منحة الحياة الإلهية غدرًا من أناس مُسالمين.

الأحداث الطائفية الطابع بمصر وتحديدًا خلال العشر سنوات الأخيرة تؤكد أن انفجار كنيسة القديسين بالأسكندرية هو التطور الطبيعي جدًا للاحتقان والرفض الموجود بالشارع المصري،ولهذا أتعجب من دهشة البعض وخاصة من المسئولين بالدولة المصرية من حجم وطأة وعنف تفجير الأسكندرية،لما تتعجبون ياسادة ألم تكن مشاهد الفتنة الأخيرة بين المسيحيين والمسلمين للتأكيد على أن هناك احتقان وكراهية ورفض وصلت للأعماق؟ ألم تدركوا أن تجاهلكم لمعاقبة هادري الدم القبطي بأحداث طائفية سابقة هو إشارة خضراء منكم لهم بفعل المزيد؟ لما تتعجبوا عندما استخدموا أشارتكم الخضراء وغض بصركم المُتعمد؟ أليس أنتم من وضع الأزمات القبطية بأيدي الجهاز الأمني بملف خاص بشارة حمراء وكأن الأقباط ومشكلاتهم مساوية لمشكلات المُجرمين وأهملتوا علاج المسلم والمسيحي إعلاميًا وتعليمًا وثقافيًا فكانت النتيجة كراهية تصل لحد تفجيرات مُشابهة لتلك التي تحدث بالعراق؟

تولت جهاتكم الأمنية بكافة تشكيلاتها "الملف القبطي" منذ عده عقود وحققت فشلاً ذريعًا في وأد الفتن الطائفية بالمجتمع المصري، بل الكارثي والمؤسف معًا أن تلك الجهات أأججت من حدة الطائفية بين المصريين ولنا بحادث العمرانية المثال الحي ليس الأبرز على الإطلاق إنما الأقرب للذاكرة،وذلك مساعدة مني لأصحاب الذاكرة التي تعاني من بدء أعراض الزهايمر.

كم الظلم والإهمال للمعاناة النفسية وغيرها والاستباحة المُطلقة من كل الجهات والأفراد داخل مصر لكل ما هو مسيحي، أخرج المواطن القبطي عن طبيعته الهادئة المسالمة ولم تعد القيادات الدينية قادرة على إيقاف أشكال التعبير عن غضبه وألمه من القائمين على قيادة وطنه مصر نحو عصور الظلام والجهل.
خرج المسيحي رغم اعتقالات العمرانية معربًا عن غضبه من السلوك الأمني دون خوف ولم يستطع أحد أن يمنعه،وبعد تفجير الأسكندرية جاب الأقباط القطر المصري كله في تظاهرات حاشدة مع أخوة وطن وإنسانية مسلمي العقيدة لإعلان الرفض والصراخ والتنديد بقسوة ماحدث بالأسكندرية.
 نحن أمام تطورات خطيرة هجوم من متأسلمين على مسيحيين في نجح حمادي وقرية النواهض...مواجهات ندية بين مسيحيين وأفراد أمن بالعمرانية...رغبة غاضبة من مسيحيين للاعتداء على دور عبادة إسلامية تسبهم وتُحرض على قتلهم طوال الوقت عبر منابرهم. سيناريوهات مرعبة بانتظار مصر بعد كل تلك الأحداث الحامية الوطيس وتطوراتها لتبقي تساؤلات عالقة من قبيل هل أتضح للقيادة السياسية حجم الخطورة المُحدقة بمصر ؟ هل مازالت تلك القيادة بانتظار المزيد من الإحداث الدامية حتى يتفتق ذهن المسئولين ويعوا خطورة الوضع الأمني ليعالجوا المشكلات الطائفية بين المسيحيين والمسلمين من الجذور، وليس بأتباع طريقة إطفاء الحرائق وترك بؤرة شرارتها ؟

الإجابات لكل تلك التساؤلات مُخزية وظهرت بضعفها فور أحداث التفجير الأخيرة بالأسكندرية، حيث خرجت الجهات الرسمية عبر ممثليها مؤكدة النغمات الشاذة المُعتادة والمغلفة بتبريرات لم يعد العقل قادر على إستياعبها مثل أن هناك بصمات لأيادي أجنبية كالموساد الإسرائيلي في الحادث،هؤلاء تناسوا أو غضوا بصرهم كالمُعتاد عن هتافات التكبير" الله أكبر" التي هتف بها بعض المُتعاطفين من المُتطرفين الإسلاميين أثناء اشتعال الحرائق بعد انفجار السيارة المفخخة بجوار الكنيسة،إضافة لشعارات أخري" بالروح بالدم نفديك يا إسلام" وضابط الأمن المركزي الذي وصف أشلاء ضحايا الكراهية بأنها ليست إلا لـ"كلاب" مما يؤكد على أن محلية الصنع علامة الجودة والخطر الأكبر معًا.

الهروب من الواقع والإدعاء بعكس حقيقته الواضحة كالشمس ليس حلاً ولن يُجدي كمسكن الآن، فسرطان الكراهية تملك الجسد المصري والعلاج بالاستئصال لبؤر نمو خلاياه هو الحل الوحيد الذي لا يحتمل بجانبه أيه حلول أخري،والوقت الآن مهييء جدًا لخروج "الملف القبطي" من قبضة الجهات الأمنية" مع امتعاضي من استعمال هذا المسمى" ليتم التعامل معه كملف سياسي كما أكد د. جمال العُطيفي منذ سبعينات القرن الماضي في تقريره التاريخي والذي تجاهلته السلطة تمامًا لأسباب غير معلومة على الأقل لي.

على قيادتنا السياسية بذل الجهد لإنعاش إرادتها السياسية لحل أزماتنا الطائفية الُمتراكمة سابقًا والمُتخذه لوضعية الانفجار حاليًا،فإذا لم تنتعش تلك الإرادة لإيجاد حلول حقيقية ستفقد تلك القيادة السياسية الغافلة ما تبقي لها من مصداقية أمام العالم مهما حاولت أن تتجمل بإحتواءات أمنية لأزمات تحتاج معالجات متعددة المستويات منها المستوى الأمني بالطبع لكنه ليس الوحيد.

التغيير صعب أعلم ذلك وما تم بناءه من كراهية في سنوات وبأشكال متعددة لن ينتهي بدقة سحرية من عصا قيادة سياسية،لكن اتخاذ الخطوة الأولى والاعتراف بالبعد الحقيقي للمشكلة الطائفية سيكون نقطة الانطلاق لتأسيس نهج عقلي سليم  يحقق بناء اجتماعي متماسك يليق بمصر الحضارة والتاريخ.
كلمتي الأخيرة أوجهها لجموع المصريين الأقباط وخاصة أهالي ضحايا ومصابين تفجير الأسكندرية الآثم، أشعر بمعاناتكم وألمس حجم الألم الذي تعيشونه فأنا مازلت محتفظ بإنسانيتي ولدي أبناء بعمر أولادكم المفقودين بيد الغدر،لكن لا تمنحوا الأخر المُتربص لأي خطأ منكم فرصته للصعود علي ألامكم وأحزانكم التي لكم كل الحق في التعبير عنها بكافة وسائل التعبير السلمية الغير مُعتمدة على العنف،فأبناء النور وملح الأرض لا يُدمرون يغضبون لكن لايخطئون وأنتم قادرين على تحقيق ذلك.

حان الوقت لوقف نزيف دماء شبابنا ...حان الوقت لنعمل سويًا مسلمين ومسيحيين من أجل مستقبل أفضل لمصر وطننا المريض، والفرصة الآن مهيأة للعمل لأنه رغم كل الظلام الحالك والكراهية المُترسخة هناك بعض من بقايا المصري المُسالم المحب أبن النهر..فهل تنهض إرادة قيادتنا لإنقاذ ما تبقي أم أن إصرارها لدفعنا نحو الهاوية أكبر من كل معنى للوطنية لديهم؟




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :