الكاتب
جديد الموقع
الأكثر قراءة
السجود في الملاعب
بقلم: محمد عبد الفتاح السروري
كانت هناك مقولة مشهورة في إحدى المسلسلات يكررها أحد أبطال المسلسل، وكان منطوقها أن المعادلة اختلت، وإننى دائمًا ما أتذكر هذه المقولة عندما أرى الكثير من مظاهر حياتنا التي تتداخل فيها المعايير، وتضيع بسببها الملامح -رنات الموبايل أصبحت تحمل أدعية دينية إسلامية أو ترانيم مسيحية.
مصطلح (آلو) الذي كان يقوله الناس عند بدء الحديث التليفوني تحول إلى "السلام عليكم"، المفارقة أن الكثيرين من كبار السن لا يزالون يقولون كلمة آلو التي اعتادت عليها ألسنتهم، ولا يستسيغون مثلنا السلام عليكم، ويرون أنها من قبيل التنطع الذي لا معنى له.
أما الملاحظة التي تتجسد فيها بالفعل كل معاني اختلال المعادلة في حياتنا، هي تلك العادة التي استشرت في ملاعبنا المصرية، والتي أصبح اللاعبين يمارسونها كإجراء عادي، وأعني به السجود في أرضية الملعب عقب إحراز كل هدف.
إن لم تخني الذاكرة إن أول من فعل هذا كان الكابتن "مجدي عبد الغني" عندما أحرز الهدف من ضربة الجزاء المشهورة في مباراة مصر وهولنا، وكان هذا منذ ما يقرب من عشرين عامًا، وكان هذا الفعل وقتها فعلاً استثنائيا وكان أيضًا مقبولاً إلى حد كبير، نظرًا لظروف المباراة والضغط العصبي الكبير على اللاعبين، وإلى هنا وانتهى الأمر، وعادت الأمور إلى طبيعتها.
وفجأة ولا أحد يعرف كيف أضحى السجود في الملاعب عادة عادية، يقوم بها أي لاعب يحرز أي هدف في أي مباراة، وهنا لنا كلمة:
الملاعب ليست مكانًا للسجود، والسجود ليس مكانه الملاعب، هذا غير أن السجود يعد إشهارًا للهوية الدينية، وهذا الأمر ليس له محل في الملاعب الرياضية على الإطلاق.
إن رسم الصليب على الصدر أمام الكاميرات، والسجود في الملاعب يعد عملاً من أعمال الرياء الديني، وهذا أمر مرفوض من حيث المبدأ، لأن ف ذلك ترسيخ لأفكار نحن في غنى عنها.
إن شكر الله والتبتل إليه أمر رائع ومحبب ومطلوب، وواجب أيضًا، ولكن هذا الشكر له محله المعروف، وميقاته المناسب، ومن المؤكد أن أرضية الملاعب التي تدوسها أحذية اللاعبين طوال المباراة، والتي تمتلئ أيضًا بالبصق منهم لا تعد مكانًا مناسبًا، ولا محلاً للسجود.
متى تعود المعادلة للتوازن؟ متى يعود كل شئ إلى نصابه الصحيح؟ كيف نقبل أن تتحول الملاعب إلى مكانا لصراع الآلهة والأديان بين ساجد على الأرض، وراسمٍ للصليب على الصدر!! ما أجمل السجود لله في وقار وانفراد، أو في مجموع مصلي، وما أجمل الصدور حين تتحلى برسم الصليب في وقار وهدوء، وما أجمل أن تتزن المعادلة، وأن يعلم الجميع أن لكل مقام مقال ولكل حادث حديث.
وأن الملاعب بكل صخبها وتجاوز المشجعين بالألفاظ والهتافات، ليست مكانًا مناسبًا على الإطلاق للسجود الذي أصبح يمارس في كثير من الأحيان، من قبيل التقليد وليس من قبيل الشكر لله.
الله الذي أخللنا بجلاله وعظمته، واستبحنا شعائرة في الملاعب الصاخبة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :