ذكريات.. العمر اللي فات - الأخيرة 2-1
بقلم: أنطوني ولسن
ثانيا: في أستراليا..
ذكريات.. العمر اللي فات، هي محطة استراحة فكرية، أنزل فيها من قطار الحاضر محاولا الاسترخاء والتجوال في شوارع وحدائق حياتي. اثناء تجوالي أحكي للقارئ حكاية من هنا او من هناك.. اربطها بحكاية اخرى او حكايات. وان اقتضي الأمر العودة الى قطار الحاضر.. سأفعل ذلك لإستمرارية التفاعل مع الحاضر الذي سيصبح يوما.. ذكريات العمر اللي فات..
دعونا الآن نكمل الحكاية..
وصلنا الى مجيئ ابني ليخبرني عن استاذ احد المواد بالجامعة (جامعة ولنجونج) هو نفسه عميد وبروفيسور جامعة (برزبن) طلب منه العمل معه كمساعد ومتابع له.. واراد ابني ان ياخذ رأي في هذا الشأن.. فكان ردي:
- شي جميل بالطبع ومشرف لكن انت إيه رأيك؟
- يا بابا انا جاي اخد رايك.. مش تسألني انت عن رأي!
- شوف حبيبي انا متأكد انك عارف رأي.. لكن الحقيقة انت ادرى بامورك عني.. انت ابن البلد استراليا وتعرف مصلحتك فين..
- يعني يا بابا مش شايف ان دي اول خطوة علشان اكون بروفيسور وعميد في يوم من الأيام؟
- أكيد ودا شيء مشرف.. لكن مصلحتك انت فين!.. قوللي
- داد.. حلو الكلام معاك.. انا لا أهتم كثيراً بالمناصب.. لكن اهتمامي بالعمل وخاصة العمل الحر.. أنا دلوقتي بشتغل في وظيفة بمرتب مغري وقد تم اختياري وانا لسه لم انهي دراستي ومن بين ما يقرب من 5 آلاف متقدم تم اختيار25، فقط وابنك منهم.. تفتكر يا بابا أفضل العمل الجامعي المحدود والمتعب واترك مثل هذه الوظيفة التي تتماشى مع دراستي في الهندسة الرياضية والكومبيوتر والمجال مفتوح امامي للترقي؟
- كلامك جميل .. وهذا ما كنت اريد ان اصل اليه.
بالفعل إستمر في عمله بعد التخرج وارتقى في عام واحد الى مناصب متعددة مما دفع باحدى الشركات ان ترسل له من يتفاوض معه للعمل معهم (وقد دفعوا للمكتب الذي ارسل الموظف ليتفاوض مع ابني مبلغ 7 آلاف دولار).
وطبيعي وافق ابني وترك تلسترا ووقع عقدا غير ملزم من طرفه بمدة محددة للعمل معهم.
وايضا لم يمر العام حتى جاءه عرض آخر اكثر إغراء ماليا ومعنويا (وقد دفعوا 15 الف دولار للمكتب الذي اجرى مفاوضات مع إبني لاقناعه) وقد وافق واخذ يطوف دول العالم واميركا للاطلاع على احدث ما وصل اليه عالم الرياضيات والكومبيوتر.
وفي استراليا اوكلت اليه شركة فوكس تل عندما بدأت في بناء قناتها التلفزيونية بالاشراف التام على الجزء الفني الالكلتروني الخاص بالقناة وله مطلق الحرية في اختيار فريق العمل.. قص عليّ قصة ظريفة انه كان يقوم بالعمل مع من اختارهم من المهندسين الالكترونيين وغيرهم.. جاءه احد مدراء القناة وطلب منه ان يخبر المهندس المسؤول باجراء تعديل معين.. والغريب ان الرجل اخرج من جيبه ورقة من فئة الـ 20 دولار وأعطاها له.. نظر اليه ابني وابتسم ومد يده واخذ النقود شاكرا له ذلك، لم يتأفف ولم يغضب وابتسم ولم يقل له شكرا انا المهندس المسؤول.. لا غضب لعدم معرفة الرجل له، بل عاد الى العمل الذي كان يقوم به.
بعد تخرجه اراد ان يترك صديقته زميلة الدراسة ورفيقة السنين والايام بحجة انه ما زال صغيرا وفي بداية حياته العملية.. كنت اتفق معه في انه بالفعل صغير السن وفي بداية حياته.. لكنهما تواعدا على الزواج.. بل اشتريا اول بيت لهما قبل التخرج واتفقا ان يكون بيت الزوجية.
اقنعته بضرورة اتمام الزواج.. وقد تم بالفعل الزواج بالكنيسة الارثوذكسية اليونانية حسب رغبة عائلتها.
اترك الحديث عن الاولاد ونتحدث عن المصريين..
في نهاية عام 1987 واتتنى الفرصة ان يكون لدينا نادي يمكن ان نطلق عليه النادي المصري.. شددنا الهمة جميعا وتماسكنا وبدأنا في الاستيلاء (بهذا المعنى) على النادي (بولينج) هذا النادي خاص بكبار السن لقضاء وقت في لعبة البولنج واقرب تشبيه لها هو لعبة (البلي) للاطفال مع اختلاف هو بدل البلي كورة كبيرة يمسك بها اللاعب او اللاعبة ويدحرجها على ارض معدة خصيصا لهذه اللعبة.. طبيعي لم العبها ولا مرة في حياتي. انتخابات النادي على الأبواب فإذا إشتركنا وفاق عددنا عدد الاعضاء يصبح النادي لنا ويمكننا تحويله الى نادي ترفيهي للجالية المصرية مع الاحتفاظ بممارسة لعبة البولنج وعدم إهمال الأرض المخصصة للعب لأن لها عناية خاصة. اشترك كل من المهتمين بهذا الشأن هو وعائلته وأصدقاءه.. بل دفعنا من جيوبنا اشتراكات لم يكن اصحابها من المشجعين ولكن لا مانع إذا دفعنا لهم الاشتراك.
وبالفعل تم الاستيلاء على إدارة النادي وتكون مجلس ادارة ولم ارشح نفسي لعضويته ولكن احتفظت لنفسي بحق حضور الاجتماعات.. بل والمشاركة في ابداء الرأي.. تكونت لجان مثل لجنة المرأة واسند رئاستها للسيدة روز سوريال واللجنة الفنية وإسند رئاستها للدكتور وفيق لطيف ولجنة الثقافة اسند رئاستها لي وكذا لجان اخرى.. لكن مع الأسف لم ينشط من تلك اللجان غير لجنة المرأة والمستمرة حتى اليوم وبرئاسة السيدة العظيمة روز سوريال مع تغير الأسم الى جمعية السيدات المصريات الأستراليات، ولها نشاطات متعددة.
اما لجنة الفن فكانت تهتم بالحفلات الغنائية والاتفاق مع الفنانيين سواء المحليين او من مصر وكان للفنان هاني شاكر نصيب الاسد وإصرف يا نادي وإعمل حفلات وهات فرق موسيقية وشجع الفن العربي في المهجر واصبح لنا نادي. أما لجنة الثقافة فحط عليها «مجور» واردم.. ثقافة إيه إللي انت جاي تدور عليها.
حدث عندماحصل الاديب العالمي نجيب محفوظ على جائزة نوبل العالمية للأداب ان جاءني الاستاذ كامل المر رئيس رابطة إحياء التراث العربي بأستراليا والتي كنت احد اعضائها لفترة زمنية وقد رشحت الدكتور رفعت السعيد للحصول على جائزة جبران خليل جبران والتي وافق المجلس بالاجماع على الترشيح وتم اعلام الدكتور السعيد بذلك وحضر بالفعل لإستلام الجائزة وتشرفنا بلقاءه وبالصداقة المستمرة بيننا.. اقول ان الاستاذ كامل المر جاءني واعضاء من الرابطة يستأذنونني كرئيس للجنة الثقافة المصرية باقامة ندوة يشيدون بها بأعمال العملاق الأديب نجيب محفوظ.. شكرتهم على المبادرة واخبرتهم انني سأعرض الأمر على مجلس الادارة.. لكن مجلس الانس والفرفشة والنعنشة ماله ومال الثقافة.. زهقت من كل مطالبتي بإنشاء مكتبة صغيرة نلحقها بالنادي.. وطبيعي كان الأمر عن ندوة للأديب العالمي نجيب محفوظ لا مكان لها عند المجلس.. مجلس إدارة الأنس والفرفشة.. إذا حدث مرة ان سمع احد من مدعي الفن او الغناء ومر امام باب النادي ودخل وطلب يشارك بالغناء.. كان رئيس اللجنة الفنية يوافق في الحال ويأمر بصرف مبلغ من المال ينفق على موهبة المحروس او المحروسة.. لكن ثقافة وأدب.. دا كلام ما ينفعش مع مجلس ادارة الفرفشة والنعنشة والأنس.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :