الأمم المتحدة أم الأمم (الإسلامية) المتحدة؟
تقترع الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار غير ملزم باسم "تشويه سمعة الأديان"، وقد حاولت الدول السبع والخمسين التي تشكل «منظمة المؤتمر الإسلامي» بمختلف الأشكال في السنوات العشر الماضية إقناع الأمم المتحدة باعتماد مشروع القرار.
لندن: ستقترع الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من الشهر الحالي على مشروع قرار غير ملزم باسم «تشويه سمعة الأديان». وتبعا لصحيفة«واشنطن تايمز» في افتتاحية لها، فإن القرار يأتي مغلّفا بلغة الأمم المتحدة المعتادة التي تتخذ نسيجها من مفردات حقوق الإنسان.
لكن الواقع هو أن المشروع سيقدم المباركة الدولية للاضطهاد الديني السائد في الدول ذات الأغلبيات المسلمة، ويعطي الضوء الأخضر للإجراءات القمعية التي توظفها الحكومات الإسلامية، في الغالب الأعم، لتكميم الأفواه الناقدة للطوائف المرْضي عنها. وهذا يعني إضفاء الشرعية الدولية على العقوبات الجنائية التي يواجهها اولئك الذي يمارسون شعائرهم الدينية «المختلفة» علنا.
وقد حاولت الدول السبع والخمسين التي تشكل «منظمة المؤتمر الإسلامي» بمختلف الأشكال في السنوات العشر الماضية إقناع الأمم المتحدة باعتماد مشروع القرار. وتبعا للصحيفة فإن قوانين هذه الدول تستند الى أحكام في الشريعة تتعامل بأقصى درجات الصرامة عندما يتعلق بالعبادة العامة وتنزل عقوبات قاسية على اولئك الذين لا يلتزمون بالتيار الديني السائد. ولذا فإن «الإسلام» هو الدين الوحيد المشار اليه بالاسم في مشروع القرار.
وتأتي في صياغة المشروع وجوب ألا توجه الإدانة لمنفذي هجمات 9/11 وأن يتم التركيز بدلا عن ذلك على «الاستهداف الذي عانت منه الأقليات الإسلامية خارج أوطانها بعد الهجوم، وكان جزءا من تكثيف الحملة العامة الرامية لتشويه صور الأديان والتحريض على الكراهية الدينية عموما».
ويقول المشروع: «يُربط الإسلام غالبا وخطأ بانتهاكات حقوق الإنسان وبالإرهاب». وبالنظر الى هذا يعبر المشروع عن «الأسف إزاء القوانين أو الإجراءات الإدارية المشرّعة خصيصا لمراقبة الأقليات الإسلامية والسيطرة عليها».
وتقول الصحيفة إن المشروع لا يشير، مثلا، الى القوانين السائدة في الدول الإسلامية التي تقتل المرتد الى المسيحية. بل يدعو الأمم المتحدة «للإبلاغ عن سائر مظاهر الإساءة الى الأديان وخاصة المضامين الخطيرة المرتبطة بالذعر المَرَضي من الإسلام». ومع هذا فإن الواقفين خلف المشروع يظلون صامتين إزاء معادة السامية الشرسة التي تروج لها دولهم في مدارسها ووسائل إعلامها.
ويقر المشروع بأن «لكل فرد الحق في التفكير الحر وتبني ما يختاره من آراء بدون خوف، والحق في حرية التعبير». لكنه «يخفف» فورا من هذين الحقّين قائلا إن التمتع بها «يحمل معه واجبات ومسؤوليات خاصة، وبالتالي فهو عرضة لبعض القيود من أجل احترام حقوق الآخرين وسمعتهم وحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق أو الرفاه العام». وتبعا للصحيفة فإن هذه الفقرة المطّاطة توفر لرجال الدين وسائل لا حد لها لتقييد الحريات الدينية وغيرها باسم الشعب الذي يقمعونه نفسه.
مشروع قرار «تشويه سمعة الأديان»، تقول الصحيفة، عبارة عن «سم» بالنسبة للمبادئ الغربية. فهو يسعى لحماية حقوق أديان معينة بدلا عن حقوق المقهورين، وهذا شيء لا يقبله العقل والمنطق. وما يعتبره زعيم ديني تشويها يستدعي محاكمة جنائية، قد يعتبره آخرون انتقادا مشروعا لنظام ديني يمارس القهر بلا رادع.
المسؤولون في الدول الإسلامية يبذلون قصارى جهدهم من أجل تكميم الأفواه منعا لأي انتقاد لدينهم بغض النظر عن موضوعية النقد ومعقوليته... ربما كان حريّا بهم انتهاج سياسة أخرى ظلوا يحرصون على تفاديها وهي: مزيد من الانفتاح.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :