الأقباط متحدون | لا مبرر لخلط الأوراق
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:٠١ | الجمعة ١٠ ديسمبر ٢٠١٠ | ١ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٣٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

لا مبرر لخلط الأوراق

الجمعة ١٠ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.حمدي الحناوي
جاءتنى دعوة للمشاركة فى وقفة احتجاجية للتضامن مع ضحايا حادث العمرانية، لكننى لاحظت أن هناك خلطا للأوراق، فقررت ألا أستجيب. تضمن بيان الدعوة أن الدولة تتبع سياسة فرق تسد وأنها تفعل ذلك بمباركة أمريكية، والوقفة من هذه الزاوية تضيف أسبابا جديدة للاحتقان إذ تبنى على اتهام الدولة بأنها تتعمد تفتيت وحدة الأمة، ولا أرى أى مصلحة فى توجيه مثل هذا الاتهام. وإذا كانت هناك سياسة خاطئة تتعلق ببناء دور العابدة فلتكن الوقفة دعوة مفتوحة للاحتجاج على ذلك بالتحديد دون أن تفرض على المحتجين قضايا لم يناقشوها.

أكتفى بهذا فيما يتعلق بتلك الوقفة الاحتجاجية، وأتناول ما يقال عن سياسة الدولة. ربما نتفق على أنها غير متسقة، وقد حاولت الدولة يوما أن تستميل إلى جانبها حركات الإسلام السياسى، لكن الطرفين اكتشفا أن مصالحهما لا تتفق. وحين أفاقت الدولة على الحقيقة أعادت رفع الشعار التاريخى "لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة"، وكان ذلك قبل اغتيال رئيسها عام 1981 بيد عصابة تتخفى تحت راية الإسلام. أما سياسة فرق تسد فكانت سياسة الاستعمار، وقد واجهتها الحركة الوطنية منذ عام 1919، وتنبه لها الأقباط وشاركوا فى محاربتها ومحاربة الاستعمار، ورفعوا الرايات التى يتعانق فيها الهلال والصليب.
المشكلة الحقة أن الدولة قامت على الاستبداد منذ انقلاب 1952، فلم تعد تتقن غير المواجهات البوليسية والحملات الإعلامية المفرطة فى السطحية والكذب المكشوف. وهكذا ارتكزت على حالة الطوارئ، ومارست الاعتقال والتعذيب، ودخلت فى سباق إعلامى لترويج الفكر الدينى. وهذه مواجهات لا تصلح لإنزال الهزيمة بعصابات الإسلام السياسى، فهى تضفى على أصحابه مظهر ضحايا الاستبداد، فيزداد الناس تعاطفا معهم. وتظل الدولة بهذا النهج عاجزة عن المواجهة الفكرية والسياسية. لكن هذا لا يبرر اتهامها باتباع سياسة فرق تسد.

رغم ذلك، تفرق الدولة بين المسلمين والأقباط فى بناء دور العبادة، وهذه التفرقة ليست جديدة، فهى تراث باق من القرن التاسع عشر، حافظت عليه الدولة بعد استقلال مصر فى خمسينيات القرن الماضى، وإذا كان هناك من جديد فى العقد الأخير، فهو بداية تعديل تلك السياسة، ولكن تلك البداية تأتى بعد استفحال خطر الإسلام السياسى، وظهوره كأكبر قوة سياسية منظمة. وقد رتبت الدولة لإقصائه وعزله فى الانتخابات الأخيرة، ولا يمكن التنبؤ الآن بما يترتب على عزل وإقصاء لا يرتكز على تجفيف منابع الشعبية، بل ارتكز على مناورات لم تكشف طبيعتها تماما حتى الآن.

من هنا، أعتقد أن ميدان العمل الرئيسى لن يكون الوقفات الاحتجاجية، بل تجفيف شعبية تيارات التعصب الدينى. وهذه مسألة تتجاوز الإعلام المكتوب والمسموع والمرئى، وترتبط ارتباطا وثيقا بتغيير نمط الحياة الاجتماعية، وإعادة بناء ثقافة المجتمع. ومحور العمل فيما أرى تطوير قيم اجتماعية عصرية، تحترم العلم وتشجع استخدامه لحل مشكلات حياتنا. وهذا يستلزم تطوير التعليم بالقضاء على أساليب التلقين أولا، ثم توحيده ليكون بوتقة تصهر أبناء المجتمع معا فى نسيج واحد. وأقصد بتوحيد التعليم القضاء على الازدواجية الحالية بين تعليم دينى وتعليم عام. وهذه الازدواجية مشكلة يتجاهلها معظم المتحدثين عن مشكلات التعليم.
سوف يحدث هذا التغير آجلا أو عاجلا، وسوف يعجل به العمل على تبلور نخبة ديمقراطية لا يتبع أفرادها سياسة الإقصاء تجاه بعضهم البعض، ولا يفترض أى منهم أنه يملك الحقيقة المطلقة أو أنه البطل الملهم الذى يجب أن يتبعه الجميع. وبعيدا عن الشعارات، يجب أن يدار أوسع حوار ممكن للاتفاق على المفاهيم قبل الخروج للشارع.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :