الأقباط متحدون | الجالية العراقية في المهجر.. عقدة ثقافية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:٣٩ | السبت ٤ ديسمبر ٢٠١٠ | ٢٥ هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٢٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الجالية العراقية في المهجر.. عقدة ثقافية

السبت ٤ ديسمبر ٢٠١٠ - ٢٦: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : سهيل أحمد بهجت
من المهم لنا كعراقيين مقيمين في الدّاخل أو الخارج أن ندرك أن ما يحيق بنا من خراب أو دمار و فقر، ليس مسألة "قدر إلهي" كما يحلو للبعض أن يصوّر، و هنا لست في معرض الحديث عن الطبقة الغير مثقفة بل المثقفة تحديدًا. و لا بدّ لنا أن نتحدث عن عقلية سائدة بين أغلبية العراقيين في المهجر، هناك استثناءات بالتأكيد، لكن المشكلة تكمن في أغلبية تجسد الجاليات العراقية بكل ألوانها، بحيث تبدو الجالية تمثيلاً واقعيًا لتخلفنا هناك.
في"سان دييغو"، مثلاً، تجد المدينة جميلة منظمة و تتسم بنمط رائع من النظافة، ولكي تعرف أين يعيش العراقيون في"أمريكا" و في مدينة"سان دييغو"يكفي أن تتبع آثار الزبالة، و حيث تنتشر الأوساخ تجد العراقي جنبًا إلى جنب ـ بكردهم و عربهم ومسلمهم و مسيحيهم ـ ينشرون تلك الأوساخ، حالهم حال الصومالي و الأفغاني والباكستاني و المسلمين عمومًا .
 
و ليت الأمر توقف على الزبالة و غيرها من مسائل التنظيم الاجتماعي، بل إنني وجدت العراقي يريد أن يحول هذه البيئة المتطورة العقلانية المتسامحة، إلى نسخة مكررة لعراقنا ـ ذو التاريخ العريق في المرض ـالمبني على عقلية الصراع و ثقافة القومية و التنازع على الأرض "الوسخة"، فتجد أحدهم ينصحك بأن لا ترتاد الشارع الفلاني ـ لأن سمعة الشارع سيئة ـ و فلان شارع معروف عنه النزاهة و السلامة و فلان.. و عليك أن تشك في كل شخص يحدثك لأن هذا الشخص "قد" تكون "سمعته" سيئة و .. و غير ذلك من أوهام و عقلية البيئة المتخلفة التي عشناها.
 
بل إن أحدهم حاول أن ينتقدني لأنني ربما تحدثت مع بعض الفتيات على الشارع، شعرت بالفعل بالأسف و الحزن أن أجد العراقي بدلاً من أن يتمتع بنعمة"الحرية" و"أجواء التسامح" التي نعيشها هنا ليطور قدراته، وجدت أغلبية العراقيين يعيدون نمط حياتهم التافه نفسه، فتجدهم يخادعون السلطات و يزورون التقارير، و يتصنعون حتى المرض و يتقاضون الرواتب، و كأنها هي ذاتها سلطاتنا المحلية المبنية على القومية و العشائرية و الوساطة، و بعد أن ينال أحدهم كل أنواع المساعدات المالية و الإعانات ـ و هو الملياردير ـ يسب و يشتم التاريخ "الأمريكي" و يمدح أحد أبرز منظري الدكتاتورية و الحقد القومي"محمد حسنين هيكل"، بل إن عراقي آخر حاول إقناعي بوجوب "رجم العاهرات" اللواتي يمشين على الشارع ويتصيدن الزبائن، فقلت له متهكمًا:
 
ـ إنهن فاعلات خير يا رجل.."!! فقال متعجبا:
ـ تسمّي العاهرة فاعلة خير.."؟ فقلت له متهكما مرة أخرى:
ـ الملالي"مالك"فتحوا كل أبواب الجّنّة للقاتل الفاجر المجرم صدام.. صعب عليهم
يلقون باب صغير لهذه العاهرة المسكينة؟؟".
و هكذا نجد مرة أخرى أن العراقيين بدلاً من أن يتعلموا من هذه البيئة، و يُصدّروا للعراق عقلية الانفتاح و التطور و التسامح، يريدون أن يكونوا تجارب مكررة لما شهدناه هناك، فنشهد في شارع ماديسون ـ أحد شوارع "سان دييغو" ـ صراعًا بين الكرد و العرب على "أرض متنازع عليها"، أو صراعًا سنيًا شيعيًا في ماغنوليا ـ شارع آخر .
 
إن هذا بالفعل كارثة لأن العراقي ـ مع استثناءات هنا و هناك ـ لم يتعلم ثقافة بلده الجديد و يشكر هذا البلد على الحرية و الحقوق و معاملة الناس الطيبة و كرم
أخلاقهم، فتجد الكردي يكره كل الأمريكيين لأن"أمريكا"ـ لم تقم بإنشاء وطن قومي لهم ـ و العروبي يكرهها ـ لأنها أسقطت صدام ـ و الشيعي يكرهها لأنها ضد الخميني، و الخامنئين والولي السفيه و الشيوعي يكرهها لأنها رأسمالية إمبريالية أسقطت"عبد الكريم" و من بعده الاتحاد السوفيتي، و المسيحي يكرهها لأنها أسقطت صاحب النعمة "طارق عزيز" و السني يكرهها لأنها تقتل "مجاهديه" من قاعدة و بعثية، بوجيز العبارة فإن كل واحد منهم يريد أن يتحول إلى الزعيم الأوحد حتى في عقر دار الديمقراطية.
 
بل إن عراقيًا من الطبقة "المثقفة جدًا" وجدت أن كل أصدقاءه على الفيسبوك عراقيون ـ ليس بينهم غربي واحد ـ بالتالي إذا كنا نعيش هذه العقلية في قمة الحضارة وحيث القانون هو الحكم؟ فكيف نأمل لبلدنا العراق أن ينتعش؟ فحيث ما ذهبنا نحمل معنا أمراضنا و فايروساتنا و نزاعاتنا العبثية و أعرافنا العشائرية!! و إذا كان هذا حال "الطّبقة المثقفة" فكيف سيتعامل أنصاف المثقفين، و الأميون مع هذه المجتمعات المتطورة و مع بعضهم البعض؟؟
كنت في"العراق" (في دهوك) محطمًا لا أملك حتى الحق في أن أحلم كأي إنسان طبيعي، ولولا عائلتي لكنت من الهالكين، و هنا مرة أخرى يريدني العراقيون أن أترك كل الحياة المتاحة أمامي و أن أعود للمربع الأول، حيث العزلة و الموت البطيء، لكن كلا و ألف كلا للعقل المريض، و كلا لبلد يملك تاريخًا عريقًا لكنه يملك حاضرًا مدمرًا و كريهًا، أعيدوا بناء أنفسكم و ستجدون عراقًا يحلم حتى أصدقائي الأمريكيون
بالعيش فيه.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :