الأقباط متحدون | الحداثة والتقدم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٥٧ | الاثنين ٢٢ نوفمبر ٢٠١٠ | ١٣هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢١٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الحداثة والتقدم

الاثنين ٢٢ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عاطف الفرماوي
ياترى ما هو سبب تقدمنا للخلف بينما يتقدم غيرنا للأمام ليشارك فى صنع الحضارة الانسانية وأصبحوا مبدعين ومنتجين ومصدرين للتكنولوجيا بينما نحن راضين وقانعين أن نكون مستهلكين تابعين أذلاء نفخر بماضى أجدادنا على حساب حاضرنا ومستقبلنا ؟؟؟
فالغرب يصنع السيارات والطائرات ونحن نشتريها ونستخدمها فى تنقلاتنا
والغرب يصنع التليفزيون ونحن نكتفى بمشاهدته .. الغرب يصنع الهاتف بأنواعه المختلفة ويضيف كل يوم جديد ونحن نكتفى بالاستفادة من خصائصه ........ وقس على ذلك كل مستحدثات الثورة التكنولوجية التى لم نشارك فى صنعها ونستهلكها دون خجل أو تأنيب للعقل أو الضمير .
ألسنا أعضاء فى الأسرة الإنسانية ؛؛؛ ألسنا من بنى الانسان الذى اختصه الله بملكة العقل والتفكير أم أن لنا عالم أخر وتوصيف أخر ؟؟؟
لماذا توقف المشروع النهضوى الذى بدأه محمد على باشا والى مصر الذى قضى على المماليك القادمين الينا من أسواق الرقيق فى عصور الانحطاط  ليحكمونا ويقتلون فينا روح الوطنية والانتماء ويحرمون بلادنا من جيش وطنى قوى يدافع عن حضارته العريقة ويمهد الطريق للتنمية والتقدم والحداثة والتطوير .

وبالرغم من أن محمد على باشا كان أحدهم من القادمين الينا من ألبانيا ولم يكن مصرياً أصيلاً  ولكنه أدرك مدى القهر و الظلم الذى يتعرض له المصريين وأدرك بالإلهام سبب تخلف مصر عن الركب العالمى للحضارة الانسانية بالرغم من أنه كان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة لكنه كان يمتلك الطموح صانع المعجزات .. يمتلك المرونة العقلية والروح الوثابة المتحررة من كل صور الجمود والتخلف لذلك أدرك سر تخلفنا وشخص أسباب المرض ووضع خطة العلاج بمهارة حاذقة وذكاء خارق لا يتمتع به كثير من كبار الساسة والمثقفين .
قام محمد على باشا بإعادة النظر فى مراجعنا الفكرية ومناهجنا القيمية وهى ما تصنع ثقافة الشعوب وهذه الثقافة قد تكون هى الدافع للتقدم والتحضر أو تكون سبب التخلف والركود والتبلد فلا شك أن العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية ومراجعنا الثقافية والدينية وتصوراتنا عن ذواتنا واحلامنا بالمستقبل وطموحاتنا والارث التاريخى والتجارب التى نمر بها هى صانعة الشخصية للانسان والتى تحدد قدره ومسيرته لهذا كان لزاماً أن نراجع ثقافتنا ونعيد النظر فى دور هذه الثقافة فى تخلفنا وعاهاتنا الاجتماعية وأمراضنا السياسية للاستفادة من هذه الدراسة بتحديد التشخيص السليم ووضع خطط العلاج للنهوض من كبوتنا للقضاء على الردة الحضارية التى تفصلنا عن الحضارة والتحديث  .
وقام محمد على باشا بتحجيم سلطة رجال الدين وحصرها داخل دور العبادة لتكريس مفهوم الدولة المدنية بعد أن اكتوينا بويلات الدولة الدينية التى نشرت الدجل والشعوذة ومارست الظلم والقهر والتمييز على أساس العقيدة الدينية وكانت أحد مرتكزات الجهل والتخلف .
وبعد تحجيم سلطة الكهنوت بدأ اللحاق بالركب العالمى للحضارة الانسانية بإرسال البعثات التعليمية الى أوروبا وخصوصاً فرنسا فى جميع التخصصات حتى تنتج الكوادر الفنية والعلمية اللازمة لقيادة المشروع الحضارى التنموى التنويرى النهضوى على أسس علمية ونبدأ من حيث انتهى الآخرون .
ثم قام محمد على باشا بإعداد جيش وطنى قوى وبدأ عصر الصناعة فى مصر فقد كانت مصر دولة زراعية من قديم الزمان ولكنه لم يهمل الزراعة أيضاً فقد استقدم سلالات جديدة من الخضر والفاكهة من دول عديدة وأصبحت محاصيل رئيسية أخذت طابع الأصالة وبدأ عصر التطوير والتحديث بالاستفادة والتفاعل مع الجديد من مستحدثات العصر فى جميع دول العالم .
وظهر من كوادر البعثات التعليمية رفاعة رافع الطهطاوى الذى أسس مدرسة الألسن لتشجيع الترجمة التى تساعد بالاستفادة من التراث العالمى وهو من مستلزمات النهضة والتقدم .

وطالب الطهطاوى بتعليم البنات حتى نستثمر النصف المعطل فى التنمية والبناء على غرار ما رأه فى فرنسا من الاهتمام بتعليم الاناث
إذا كان الإسلام قد حرر المرأة بمنع وءد البنات فقد كان العرب يقتلونهم أحياء إلا أن الكهنوت الرجعى قام بوءد البنات بحبسهم فى البيوتات حتى يصابوا بالتخلف العقلى ويصيبوا المجتمع بالشلل والانهيار  ولهذا اقتضت الحكمة تحجيم الكهنوت الرجعى للتحرر من ثقافة الجهل والتقهقر
وبدأ عصر مدارس البنات فقد كانت ثقافة المجتمع تحرم الاختلاط بين الذكور والاناث بفعل الثقافة المريضة التى عمقها الكهنوت الرجعى فى باطن العقل الجمعى للثقافة الشعبية بما تحمله هذه الثقافة من ارهاصات العقد الجنسية .

ثم ظهر قاسم أمين الذى دعى الى تحرير المرأة التى شاركت فى ثورة 1919 م وتحررت من البرقع وقدمن تضحيات فى طريق التحرير من الاستعمار الاجنبى وسجل التاريخ صفحات ناصعة وظهرت عالمة الذرة نبوية موسى وخلعت المرأة صور القوامة الرجعية للرجل الشرقى العتيق وظهرت سهير القلماوى أستاذة القانون وتفوقن على كثير من الرجال ودحضن كل المفاهيم الرجعية عن تخلف ودونية المرأة التى روجها الكهنوت الرجعى .
أين أنت يا محمد على باشا ؟ فقد ظهر بيننا فى هذا القرن البديع من يدعو لعودة المرأة للبيوتات لينحصر دورها بين المطبخ والفراش لاشباع نهم الرجل وتخلفه وغلفوها بالكفن الأسود حتى انتظار الكفن الأبيض فى بيت الزوجية .

وبدأ قاسم أمين فى المطالبة بحقوق المرأة وبعد كفاح طويل ضد الثقافة الشعبية المتغلغلة فى عقول الأغلبية بدأت المرأة تحصل على حقوقها تدريجياً رويداً رويداً بفعل الاستنارة والتنوير .
وفى نهاية حكم أسرة محمد على زادت مظاهر البذخ والاسراف ووقعنا فريسة للقروض التى تسببت فى أعطاء شرعية  لتغذية طموحات غير شرعية للاستعمار العالمى فجاءت فرنسا ورحلت وجاءت بريطانيا
فإذا كان العامل الأول فى انهيار المشروع النهضوى الذى ىبدأه  محمد على باشا هو فساد بعض حكام أسرته فقد كان الاستعمار هو العامل الثانى فى اجهاض مشروع الحداثة والتطوير
وبعد سلسلة من تضحيات قادها الساسة ورجال الفكر المصريين تحقق استقلال مصر عن الاحتلال الاجنبى إلا أن قوى الاستعمار تركت حامية عسكرية فى قناة السويس لحماية حقوقهم المادية فى قناة السويس باعتبارها ممر عالمى مرهون مالياً وفاءاً للقروض الاجنبية لمؤسسات المال العالمية التى تهيمن عليها الدول الاستعمارية .
وظهر المد الثورى بين الوطنيين العسكريين وانطلقت شرارة الثورة من نادى الضباط لتتخلص من حكم أسرة محمد على والوصاية الاجنبية بعد الاعمال الفدائية التى تم تنظيمها ضد الحامية البريطانية فى قناة السويس لضمان عدم تدخلها لاجهاض ثورة العسكر الوليدة

وبدأت مصر عهداً جديدً بإدارة وطنية مصرية خالصة واسبشرت الجماهير خيراً لتنطلق من كبوتها بعد إذ توقفت عجلة الزمن حيناً من الدهر ليبدأ مسيرة المشروع النهضوى ونكمل طريق الحداثة والتطوير الذى بدأه محمد على باشا
وبدأت الثورة بمشروع السد العالى والاصلاح الزراعى للقضاء على الاقطاع وتشييد المصانع وبدأت عجلة التاريخ للحاق بالركب العالمى للحضارة الانسانية
إلا أن مسيرة عبد الناصر نحو التحديث والتطور صاحبها كثير من التعقيدات التى ترجع للخلفية الثقافية وطموحات الزعامة .
فقد أمن بفكرة تصدير الثورة ومحاربة الاستعمار قبل أن يمتلك مقومات تقنية وامكانيات علمية تؤهله لتحقيق هذا الهدف أو الطموح فقام بمساندة ثورة الجزائر ضد فرنسا وقدم مساعدات للكنغو وارسل الجيش لليمن للقضاء على الرجعية العربية وتهديد السعودية التى تمثل حسب تصوره الدولة العميلة المتواطئة مع الامبريالية ضد قوى التحرر المساندة للأنظمة الرجعية العربية التى تعوق طموحاته فى تحقيق الوحدة العربية التى بدأها مع سوريا وقد عمق فكرة القومية العربية لتصير له الريادة فى قيادة العرب .

وهذه الطموحات التى لم تكن تقابلها إمكانيات واقعبة تحقق لها التنفيذ والنجاح بدأت نتائجها باستعداء الغرب للثورة الذى بدأ بالعدوان الثلاثى لفرنسا وانجلترا واسرائيل بعد تأميم قناة السويس ولولا تدخل أمريكا لصالح مصر واستنكار الاتحاد السوفيتى لحدثت كارثة تعيد مصر للوراء عشرات السنين ثم فشل مشروع الوحدة مع سوريا وثبت أن فكرة القومية العربية ما هى إلا سراب تبخر فى أول إختبار كما فشلت فى السابق دولة الخلافة وكلها تجارب دفع الشعب المصرى ضرائيها خصماً من موارده وامكانياته ودماء أبنائه وعطلت حقه المشروع فى النهضة والتقدم
وانتهى مشروع عبد الناصر بنكسة 67 وبدأت الثورة تأكل بنيها وتصفى نفسها بنفسها وظهرت مراكز القوى وتم احتلال سيناء من جانب اسرائيل وسقط المشروع الناصرى وسقط عبد الناصر كقيادة وزعامة أمنت بالاوهام ودفع بالوطن الى اعماق المجهول .
رجال الثورة جاءوا من خلفية ريفية من أسر بسيطة فحملوا ثقافة القرية وفرضوها على المدينة فكيف يدفعون هؤلاء بالمجتمع للتقدم والنهضة الحقيقية ؟
ولأن ثقافة الريف أسيرة للثقافة الدينية الغيبية فقد كان عبد الناصر والسادات أعضاء فى جماعة الاخوان المسلمين قبل الثورة وقد قام الاخوان المسلمين بدور لمساعدة الثورة بتنظيم صور المقاومة والعمليات الفدائية ضد القوات البريطانية حتى تمنع مجرد تفكيرها فى اجهاض الثورة
وعلى ذلك اعتقد الاخوان أن لهم حق مشروع فى اقتسام الكعكة مع رجال الثورة فى إدارة البلاد ولكن عبد الناصر نحى الاخوان واحتكر حكم مصر بمفرده فكان ذلك دافعاً لتفكير الاخوان لللتخلص من عبد الناصر بتصفيته جسدياً فى حادث المنشية بالاسكندرية وبعد المحاولة الفاشلة لاغتياله بدأ التخلص من الاخوان ووضعهم فى السجون ومحاربة كل صور نشاطهم

وتقييم الأحداث يؤكد أن الخلاف بين ناصر والاخوان ليس خلاف ايديولوجى عقائدى بل خلاف يتعلق بالطموح الفردى والمصالح بين الطرفين
وقد كان السادات أيضاً نبت الثقافة الريفية المتعاطفة مع الثقافة الدينية لذا تصالح مع تيار الاخوان المسلمين وأخرجهم من السجون وأعطاهم حرية التعامل مع الشأن العام وأصدروا مجلة الدعوة وأفرزوا جماعات أكثر تشدداً أنهت حياة السادات بطريقة مأساوية خلال احتفاله بعيد نصر اكتوبر
ونجد النظام السياسى الآن ينافس الاخوان فى المتاجرة بالدين ويستغل الفرص لاثبات اهتمامه بالدين بدلا من صياغة مشروع ثقافى يخلص مصر من العنكبوت الرابض كعقبة فى سبيل تقدمها

فتجد الدستور المصرى يحمل بين جنباته مواد متناقضة أشد التناقض تجنح أحيانا لمفهوم الدولة الدينية التى تقوم على التمييز على أساس العقيدة الدينية كما هو وارد فى المادة الثانية بالدستور الشريعىة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وأحياناً تجنح مواد الدستور لاتجاه الدولة المدنية حيث تنص المادة الأولى على حقوق المواطنة وعدم التمييز وتنص مواد أخرى على المساواة فى الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين المصريين

وبهذه البلبلة يفقد المشرع البوصلة وتجنح التشريعات لأهواء المشرعين وثقافتهم وكذلك يفعل القضاة فى  إصدار الأحكام وتحدث فوضى قانونية تشريعية ليضمن النظام أنه ممسك بالعصا من المنتصف فلا هو دينى ولا هو مدنى ولكنه يطمح فى كسب الجميع بتناقضاتهم واختلافاتهم لتحقيق مصالحه الشخصية بالاستمرار على كرسى الحكم الى ما شاء الله ولا عزاء لنهضة مصر وتقدمها




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :