- في ذكراه الأولى.. شهادات حية عن الراحل العظيم "عدلي أبادير"
- نافعة: الرئيس في مصر لا يرحل إلا بالموت أو الاغتيال
- أنباء عن نقل مستشفى العباسية للأمراض النفسية.. وجرجس: "سنقاضى وزارة الصحة على ما تفعله في المرضى المصريين"
- قطر تفوز بتنظيم كأس العالم ومصر تحتفل !!
- غضب قبطي بسبب تجاهل الحديث عن دور العبادة الموحد.. وترحيب بالتأكيد على مدنية الدولة
تنفيذ أحكام القضاء … بين تحايل الحكومة … وقهر الضعفاء
"السنوات الأخيرة صدرت فيها أحكام كثيرة لصالح المواطنين، لكنها أظهرت تجاوزات الحكومة في التحايل على القانون والعدالة"
"محمد منيب": القانون في مصر لا يطبق إلا على الفقراء.
"طاهر أبو النصر":الحكومة الآن تتبع نظرية التحايل بشكل قانوني من خلال مستشارين قانونيين كل شغلهم الشاغل هو التحايل على القانون .
"ممدوح نخلة" :يجب تطبيق نص المادة 123 من قانون العقوبات والتي تنص على حبس وعزل من لا ينفذ أحكام القانون .
تحقيق : عماد نصيف
"من الأفضل أن تخسر"بريطانيا"الحرب على أن يقال إنها لا تنفذ أحكام القضاء" هكذا كان هذا رأى"تشرشل"في أيام الحرب العالمية الثانية، حيث كان هناك مطار حربي بجوار احدي المحاكم بـ"بريطانيا"، ونظرًا لكثرة هبوط وتحليق الطائرات أدي الصوت إلي التشويش علي أعمال المحكمة، مما دفع القاضي إلي إصدار حكمًا بنقل المطار إلي مكان آخر"برغم ظروف الحرب الطاحنة"، فرفض قائد المطار تنفيذ الحكم واشتكي إلي"تشرشل"رئيس الوزراء فرد عليه بهذه العبارة الشهيرة .
وهو عكس ما نراه في"مصر"هذه الأيام خاصةً من قبل الحكومة نفسها، حدث هذا في حكم الإدارية العليا فيما يخص عقد أرض مدينتي فقد جاءت تصريحات د."أحمد نظيف"رئيس الوزراء غير مقنعة، وحاول تفسير الحكم علي طريقته فجانبه الصواب، ثم جاء المهندس"أحمد المغربي"وزير الإسكان ليقع في نفس الخطأ .. خاصة أن في القضية الكثير من تجاوزات الجهاز الإداري للدولة وهم شركاء في ذلك..
و تكرر نفس الخطأ في حكم الإدارية العليا أيضا فيما يخص الحرس الجامعي، وقد سارع رئيس الحكومة للمرة الثانية وأفتي بأن الحكم يقصد إلغاء تبعية الحرس الجامعي لوزارة الداخلية، وهو ما يعنى أن الحكومة لا تريد تنفيذ حكم القضاء.
وهذا هو كل المطلوب لتنفيذ هذا الحكم وكان استنتاج رئيس الحكومة يجانبه الصواب أيضًا.. لأن القضية ليست في الحراسة ولكن القضية في الدور والتأثير واستقلالية الجامعة..
ثم جاء الحكم الثالث الذي قد يثير الكثير من الجدل حول إمكانية تنفيذه وهو الخاص بالحد الأدنى للأجور، كما قدره حكم الإدارية العليا بمبلغ1200 جنيه.. أن هذا الحكم يدخل في صميم مسئوليات الحكومة وهو يقرر حقوقًـا للمواطن كما أنه يرد علي الكثير من الحجج التي تقدمها الحكومة حول مستوي المعيشة، بما في ذلك حكايات الدعم وارتفاع الأسعار وأعباء المعيشة..وهو ما استدعى أن تقوم الحكومة بدعوة المجلس المعطل للأجور لوضع الحد الأدنى، الذي تريده الحكومة ويكون تحايلا على حكم الإدارية العليا.
وبالرغم من أن هذه الأحكام الثلاثة الخاصة بأرض مدينتي، والحرس الجامعي، والأجور، تعتبر أحكامًا تاريخية جاءت في فترة متقاربة وأثارت الكثير من اهتمام الشارع المصري، لتؤكد أن القضاء المصري ليس بعيدًا عن هموم مواطنيه..لكنها أظهرت تجاوزات الحكومة في حق القانون والعدالة .
و في السنوات الأخيرة صدرت أحكام كثيرة لصالح المواطنين ولحساب مؤسسات كثيرة، كانت أجهزة الدولة ترفض تنفيذها حتى لو دفع الشعب ثمن ذلك ولعلنا نتذكر حكم القضاء الإداري بإلزام الحكومة المصرية بدفع7 ملايين جنيه لصالح"وجيه سياج"في قضيته الشهيرة في أرض"طابا"،وقد صرح أخيرًا المستشار"كمال اللمعي"نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإداري، بأن الحكومة رفضت أن تدفع هذا التعويض وكانت النتيجة أن لجأ سياج إلي التحكيم الدولي لأنه يحمل جنسية أجنبية ليحصل علي تعويضات بلغت قيمتها370 مليون جنيه.. وهذا أمر يثير الدهشة حكومة ترفض أن تدفع سبعة ملايين جنيه ويلزمها التحكيم الدولي بدفع370 مليون جنيه..
كل هذا وغيره من الأحكام الملقاة خلف ظهر الحكومة، والتي أصبحت قدوة في التحايل على أحكام القضاء جعلنا نلقى الضوء على تنفيذ الأحكام
ومن جانبه؛ علق"محمد منيب"المحامى والناشط الحقوقي قائلاً :" من حيث المبدأ لم نعد نعيش في دولة يحكمها القانون، فنحن نعيش الآن مجتمع البلطجة والبقاء للأقوى، وصاحب النفوذ والسلطة ، ولعل ما يحدث الآن من انهيار للدولة سببه غياب دور القانون، أو عدم القدرة على تطبيقه على الجميع بنفس الدرجة، وهذا أما لأسباب عمديه متعمدة من أصحاب السلطة والنفوذ، أو لأسباب قهرية، مشيرًا إلى انه في"مصر"فأن الأوضاع متداخلة متعمدة عن طريق رفض الحكومة تنفيذ القانون وأحكامه، وليس لأحكام المحاكم واحترام السلطة وكل مؤسسات القانون، وإنما أيضًا إهدار الدستور ".
وأضاف"منيب"قائلاً :" إننا أمام مجتمع أصبح الضعيف والفقير فيه هو الذي يطبق عليه القانون وأحكامه، فحينما تعجز الحكومة في جمع الضرائب من الأغنياء تزيده على الفقراء، ولهذا فانه لا يمكن تطبيق القانون بل يكرس المواطن جهده لاختراق القانون، وكيف يهرب من تنفيذ الحكم أولاً ثم يهرب من العقاب بأن لا يصل إلى المحاكم أصلاً، وهذا يعنى أننا نعيش في مجتمع عشوائي وليس فقط به مناطق عشوائية، فنحن ليس لدينا مؤسسات أو قانون أو قضاء مستقل بل قضاء تابع للسلطة التنفيذية أو أن افلت منها فأن السلطة التنفيذية التي لا تنفذ القانون-على حد تعبيره- "
وعلى الجانب الآخر؛ تحدث"طاهر أبو النصر" المحامى بمركز هشام مبارك لحقوق الإنسان، عن تنفيذ الأحكام ومدى احتياجنا إلى آلية جديدة لتنفيذ هذه الأحكام في ظل ازدياد نسبة التحايل، وخاصة من قبل الحكومة التي لا تنفذ الأحكام، مشيرًا إلى أنه ليست الحكومة وحدها التي لا تنفذ أحكام القضاء، ولكن أيضًا النقابات فكم من الأحكام صدرت لصحفيين بالانضمام للنقابة والحصول على عضويتها والنقابة ترفض التنفيذ، فالأمر ليس في صدور الأحكام ضد الحكومة أو ضد فرد أو منظمة أو نقابة، ولكن الأمر مرتبط بالية تنفيذ هذه الأحكام .
وأضاف"أبو النصر" أن من مشاكل تنفيذ الأحكام أيضًا أن الوزراء أو أعضاء البرلمان لديهم حصانة، ومن ثم يصعب رفع جنحة مباشرة ضدهم في حالة رفضهم تنفيذ الأحكام حسبما نصت المادة 123 من قانون العقوبات، والتي تنص على حبس وعزل الموظف الذي لا ينفذ القانون، موضحًا أن هذا الأمر لا يحدث في"مصر"لأن الحكومة لها قدسيتها وقوتها، فلا يطبق القانون إلا على الفقراء فقط والمستضعفين، لكن غير ذلك فهم فوق القانون .
ويرى"أبو النصر"أن الحكومة الآن تتبع نظرية التحايل بشكل قانوني، حيث انه لكل وزير أو جهة أو مصلحة حكومية، مستشارين قانونيين كل شغلهم الشاغل هو التحايل على القانون، وإيجاد مخرج لأي حكم يصدر ضد الوزارة أو الجهة التي يعملون لديها، مضيفًا إلى أنه هناك نوع أخر من التحايل بأن يتم التنفيذ الشكلي دون المضمون، فمثلاً في قضية الحد الأدنى للأجور الحكومة تتحدث عن البدلات والحوافز والأجر الثابت، وهنا تتلاعب بالألفاظ وتتحايل على القانون، وهو ما يأخذنا إلى المطالبة بآلية لتنفيذ القانون، وضمانة لأعمال القانون حتى يتم احترام أحكام القضاء .
وفي ذات السياق؛ يرى"ممدوح نخلة" المحامى ورئيس مركز الكلمة لحقوق الإنسان، أن الدولة لا تنفذ الأحكام وتضرب بها عرض الحائط، من خلال تقديمها لاستشكالات للأحكام أمام محاكم غير مختصة للنظر فيها، ويكون الغرض من ذلك عرقلة تنفيذ الأحكام، وخاصة في حالة قضايا الانتخابات حيث تصدر أحكام وتقوم الدولة باستشكال الأحكام أمام دوائر ومحاكم غير مختصة للنظر فيها .
وختامًا أشار"نخلة"بأن الحل يكمن في تعديل تشريعي بأن الاستشكال لو تم رفضه لا يوقف تنفيذ الحكم، موضحًا أن الوضع الحالي ينص على انه بمجرد رفع الاستشكال فانه يتم إيقاف تنفيذ الحكم، ويكون الغرض هنا تأخير المحكمة المختصة والتي تحيله فيأخذ وقت يعيد الكرة من جديد، كذلك لابد انه إذا لم يكن هناك مصلحة وفائدة من رفع الاستشكال، يتم تغريم من يقدمه حتى لو كانت الحكومة نفسها أو أي جهة أو شخصية حكومية، أيضًا ينبغي رفع رسوم الاستشكال في حالة عدم جدواه وخاصة مع الجهات الحكومية أو الأشخاص المسئولين وليس الفقراء والبسطاء من الشعب المصري، وهذا بالفعل يوجد في نص المادة 123 من قانون العقوبات، والتي تنص على حبس وعزل من لا ينفذ أحكام القانون .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :