الأقباط متحدون | الزراعة والصناعة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢١:٠١ | الجمعة ١٩ نوفمبر ٢٠١٠ | ١٠ هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢١١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الزراعة والصناعة

الجمعة ١٩ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: حمدي الحناوي
بدأت الثورة الصناعية الحديثة منذ ثلاثمائة عام، لكننا لم نلحق بها حتى الآن، وبقينا نشترى المصانع ومنتجات الصناعة من الدول التى حققت تلك الثورة. وقد نميز بين قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات ونتساءل لأيها الأولوية، وهذا تمييز نظرى، فالعمل فى أى قطاع يعتمد الآن على الصناعة، حتى العمل الإدارى والمكتبى. مع هذا توجد تحفظات، ففى بدايات التنمية ننفق أموالا كثيرة قبل أن تظهر ثمار النمو، وهذا يرفع الأسعار وخاصة أسعار الغذاء. لذلك فإن الاهتمام بالصناعة لا يعنى إهمال الزراعة لأن إهمالها يرفع أسعار الغذاء ويحتم رفع الأجور، فتزيد تكلفة المشروعات الصناعية.

هذه هى القاعدة، ولكل قاعدة استثناء تحدده خصوصيات كل بلد. وبتأمل خصوصيات  الزراعة المصرية يتبين أن مشكلتها الأساسية ليست عدم إدراك أهميتها أو نقص الاستثمارات التى توجه إليها. مشكلتها الأساسية نقص المياه، وهو ما يعوق التوسع الأفقى، ولهذا نفكر دائما فى التوسع الرأسى، حيث ارتفاع إنتاجية المحاصيل يعطى عائدا أكبر من نفس المساحة، وبنفس كمية المياه أو بمياه أقل. لكن التوسع الرأسى مهما بلغ مداه لا يغنى عن زيادة المساحة المزروعة، والآن يعيش سبعون مليون مصرى على نفس المساحة التى كان يعيش عليها عشرون مليونا منذ ستين عاما، وتوسع العمران يلتهم كل عام عشرات الآلاف من الأفدنة.
من خصوصياتنا أن نعيش ملاصقين للنيل، مصدر المياه الرئيسى سواء للشرب أو للزراعة. وقد زدنا كفاءة إنتاج المحاصيل وكفاءة استخدام حصتنا من مياه النيل، وبنينا السدود لتخزين فائض المياه الموسمى، ووصلنا فى هذا إلى أقصى الحدود، حيث نستهلك الآن كامل حصتنا من مياه النيل، وحين نفكر فى زيادتها نكتشف كأنما لأول مرة، أن أمما كثيرة غيرنا تنافسنا، ولها الحق مثلنا، فى استخدام مياه النهر الخالد.

صار علينا أن نعيد استخدام مياه الصرف الزراعى، ومياه الصرف الصحى، وأن نبحث عن مصادر أخرى للمياه. ولدينا مياه جوفية لكن جزءا منها مصدره النيل ذاته. وقد يكون بعضها مخزونا قديما لا يتجدد منذ العصر المطير، وليس معروفا على وجه اليقين إن كانت هناك مصادر متجددة لبعض تلك المياه. وحتى تلك المياه الجوفية تنافسنا فى استخدامها أمم أخرى. هذه أزمة المستقبل، لا مخرج منها سوى ثورة تكنولوجية تبدأ بهندسة المحاصيل وهندسة الرى، لتعميم الرى بالتنقيط والرى بالرش ومضاعفة المساحة المزروعة بكميات المياه الحالية. تمتد الثورة التكنولوجية بعد ذلك إلى البحث عن مصادر بديلة للمياه، وأتصور حتمية التوسع فى تحلية ماء البحر، باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية. هذه ثورتنا الصناعية، فنحن من أكثر الأمم احتياجا للمياه، ولن ندخل حروبا لإعادة تقسيم ماء النيل، فلسنا الحاكم بأمره فى هذا العالم، أما زمن التهديد بالحرب فقد انتهى.

لا تقف مشكلة الغذاء لدينا عند هذا الحد، فكثافة زراعة الأرض تستدعى استخدام كميات هائلة من المخصبات، والمخاطر الصحية للمخصبات الكيماوية تستدعى استخدام الهندسة الحيوية لتقليل الاعتماد على الكيماويات. وفى النهاية لا يكتمل إنتاج الغذاء بمجرد إنتاج المحاصيل، فهناك مراحل صناعية لتجهيزها. وباختصار، لم يعد الغذاء مسألة زراعية، بل صناعة بمعنى الكلمة، لإنتاج المياه وتنظيم استخدامها، وإنتاج المعدات، وبناء السدود ومحطات الطاقة، ومعالجة التربة، ثم تصنيع المحاصيل.

لا يكفى أن نلحق بثورة التكنولوجيا الحيوية، ويتعين أن نعوض ما فاتنا من الثورة الصناعية، ثورة إنتاج الآلات والمعدات الميكانيكية، وثورات الإلكترونيات والكيمياء والمعلومات والاتصالات. هذه قضية يتعين أن نتصدى لها بلا إبطاء، وأن نعطيها أولوية مطلقة، وهى قضية كل المصريين بلا تمييز.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :