الأقباط متحدون | هل نحن حقاً شعب مبارك؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:١٨ | الخميس ١٨ نوفمبر ٢٠١٠ | ٩هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢١٠ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

هل نحن حقاً شعب مبارك؟

محمد عبد المنعم الصاوي | الخميس ١٨ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٧: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

سؤال أطرحه لجذب الانتباه، فلاشك أننا بالفعل شعب مبارك. وحتى لا يستمر اللبس فى أذهانكم، أوضح أنى لا أتحدث اليوم عن الرئيس مبارك ولا عن مبارك الابن، وإنما قصدت التساؤل حول مقدار البركة بيننا.. أتساءل - هذه المرة - بدرجة كبيرة من حسن الظن والتفاؤل.. شعور غريب ملأنى وأنا أتأمل مدى تمسك المصريين بصيام يوم الوقفة.. تأملت الناس من حولى وكأنى أكتشفهم لأول مرة!

المصريون بخير، يصومون وقفة عرفات وكأنه يوم من أيام رمضان المعظم، ولا يبخلون بأموالهم سراً وعلناً.. يتزاحمون فى الكنائس، ولا يفرطون فى جمعة... نحن حقاً شعب مبارك.. شعب يحفظه الله ويرعاه، وإلاَّ فبم تفسرون ما نحن فيه من نعمة على الرغم من كل أشكال الفساد التى نعانيها؟

نشكو انتشار الرشوة والبلطجة والسرقة والغش والعدوان على الأنثى وإهدار الموارد والتراخى الشديد فى العمل والتعلم... مظاهر عديدة يكفى نصفها لانهيار الأمم، أما نحن، فباقون بفضل هذا الفيض من الإيمان، وهذا الحب للرحمن. البركة تتجلى فى كل لحظات حياتنا، ولنأخذ الطريق الدائرى مثالاً.

ينجينا الله وحده من إهمال الدولة فى إتمام الطرق لتصبح مطابقة للمواصفات. حفرة هنا، وطوبة هناك، خطوط لا تتصل وعواكس متناثرة، أضواء مضحكة، مواقف سيارات وتجمعات بشرية، حتى أكمنة الشرطة مظلمة، دماء تسيل ولكنها أقل بكثير من التوقعات العلمية. الفارق: بركة!

صفاء الذهن فى الصيام أعاننى على اكتشافٍ أسعدنى، وأَلَحَّ علىَّ كى أعرضه عليكم، لعله يشيع فى نفوسكم البهجة قبل انقضاء العيد.. اكتشفت أن أنصار الخير والحق والعدل والجمال والفضيلة والأخلاق الحميدة، أكثر كثيرًا من عصابة الشر والبطش والبلطجة والظلم والفحش والرذيلة وسوء السلوك. نعم، وإليكم مجموعة أدلة:

فى ملعب كرة القدم يتابع ستون ألفًا لعبتهم المفضلة فى سلام تام، حتى يظهر فى أحد الأركان عشرون بلطجياً يندفعون بين الناس.. يضربون، ويمزقون الملابس، وينتهكون الحرمات، فيحدثون ذعرًا وفوضى عارمة فى كل أنحاء الملعب.. عشرون يرهبون ستين ألفًا، أى بنسبة واحد إلى ثلاثة آلاف!! لو ظهر مجنون أو مدعٍ للجنون فى قاعة بها ألف عاقل.. ماذا يحدث؟ يتدافعون هاربين، والنسبة واحد فى الألف!!

مثال آخر شهير: يظهر بلطجى شاهرًا مطواة «قرن غزال» فى الأتوبيس.. يلوح بالمطواة بحركات سريعة تؤكد قدراته الإجرامية، ويصرخ فى الركاب مطالبًا بتسليمه المحافظ والموبايلات.. يملأ كيسًا أسود، ويقفز من الأتوبيس مختفيًا فى الزحام.. لم يُصِبْ أحدًا والحمد لله!!

«يا خيبتكم!» أو «يا خيبتنا جميعًا»، ما هذا الْجُبْنُ والضعف؟ لست بطلاً، ولكنى مقتنع تمامًا بأن انتشار البلطجة يعود لرد فعلنا الجبان.. يعود لاستسلامنا المخزى؛ ماذا لو واجهنا المعتدى؟ فى أسوأ الفروض سيقتل واحدًا، ويصيب اثنين قبل أن يسيطر الباقون عليه.

 سيحدث هذا مرة أو مرتين، ويتوقف بعدها نهائياً، لن يتجرأ أحد بعد ذلك على تهديد وترويع الآمنين، إذا ساد هذا المنهج فى حياتنا، فستختفى البلطجة إلى الأبد. دعونا نواجههم ونقضى على الهجَّامين والبلطجية والمغتصبين فى وضح النهار. بالشجاعة والحكمة نقضى على السرقة بالإكراه و«التثبيت» وهتك الأعراض، فحينما سأل سائل سيدنا محمدًا، صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجلٌ يريد أخذ مالى؟

 قال: فلا تُعْطِهِ مالك، قال: أرأيتَ إن قاتلنى؟ قال: قَاتِلْهُ. قال: أرأيتَ إن قتلنى؟

 قال: فأنت شهيد. قال: أرأيتَ إن قتلتُهُ؟ قال: هو فى النار». حكمة نبوية بالغة تُغَيِّبُها موروثات حمقاء كـ«الْجُبْن سيد الأخلاق» و«من خاف سِلِم»... وغيرها.

يبدو الأشرار أكثر وأقوى من حقيقتهم، فالهدم دائمًا أسهل من البناء.

أقول - محسنًا الظن بنفسى - إننا أكثر منهم وأقوى، وعلينا أن نواجههم بمنتهى الشجاعة والإقدام. بهذه الروح فقط سنقضى على السرقة بالإكراه، وبها نقضى على البطش واستغلال النفوذ والرشوة والتحرش وتلويث النيل والإرهاب... بهذه الروح نقيم الدليل على أننا قادرون على حل مشكلاتنا بأنفسنا، وأننا لسنا فى حاجة إلى قانون طوارئ أو قوات أمن داخل الجامعات.

يستطيع الشرفاء - لو اتحدوا - تقويم كل اعوجاج، وتصحيح كل انحراف فى شعب مبارك.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :