الأقباط متحدون | ترويض الوحش الإعلامي
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٢٢ | الجمعة ١٢ نوفمبر ٢٠١٠ | ٣هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٠٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس مع رئيس التحرير
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
٢٥ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

ترويض الوحش الإعلامي

الجمعة ١٢ نوفمبر ٢٠١٠ - ٢٨: ٠١ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: عزت بولس
الحياة والتطور بمعنى التغيير مفردات مترابطة مع بعضها البعض فليس هناك حياة بلا تطور ولا يمكن للتطور أن يوجد خارج إطار الحياة،ومع تطور الحياة وتغييرها عبر العصور المتباينة سياسيًا وزمانيًا تحدثت وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة حتى أصبحت بعصر اليوم الذي نحياه واحدة من أهم أدوات المعرفة للإنسان لاتقدم له فقط تفاصيل أحداث تدور حوله، وإنما تساهم بشكل كبير أوسع مما كان بالماضي في تنمية توجهات بعينها داخل المتلقي لها، أحيانًا تنتهج تلك الوسائل المباشرة ومرات أخري بأشكال غير مباشرة أكثر احترافية من حيث التأثير.
 الألمان يعدوا من أوائل الشعوب التي أدركت مدى قدرة الإعلام على التأثير في المتلقي،وحقيقة برع ساستهم في استخدامه خلال الحقبة"النازية" لشحن شعوبهم وتعبئتها بنزعات عرقية من صنع الفوهرر"ادلف هتلر"، وبالفعل نجح هذا الهتلر في جعل شعبه تحت طاعته، بل أنه يمكنني القول بأنه نجح في جعل نمط تفكيره هو توجه وتفكير شعبه بأكمله، مما جعل طاعة الأوامر السياسية وغيرها من قبل الشعب الألماني لزعيمهم تتم بانصياع تام ودون مجهود يُذكر من قبله.

 لا يمكننا الحديث عن هتلر وننسي "جوزيف جوبلز" وزير إعلامه الشهير والذي وظف بعبقرية شيطانية كل وسائل الإعلام المتاحة له في ذلك الوقت للترويج لسياسة زعيمه المدمرة، وجوبلز هذا مؤسس لمدرسة إعلامية كبيرة قوامها الرئيسي"الكذب" والرجل لم يتجمل و أكد إيمانه بأساس مدرسته مرارًا عبر مقولات تاريخية عديدة منها"كلما كبرت الكذبة كلما سهل تصدقها" و"أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس" وبذلك الاستثمار التسويقي الكبير للكذب أستطاع "جوبلز" بمهارة فائقة تضليل الشعب الألماني لفترة ليست بالقليلة من الزمن.

لنترك الألمان قليلاً ونسأل هل مدرسة"جوبلز" الإعلامية لها تلاميذ أو أتباع نشطاء بالعالم العربي؟ بلا فخر الإجابة هى نعم هناك أتباع كبار لتلك المدرسة،والإعلامي "أحمد سعيد" يعد برأيي النسخة العربية الأولى أو لنقل الأكثر شهرة من "جوبلز" والجميع يتذكر حرب يونيو 1967 والعدد الهائل الذي تم إسقاطه من الطائرات الإسرائيلية والوهم السعيد الذي عشنا فيه عبر أثير إذاعة "صوت العرب" ومن خلال موجات تردد صوت"أحمد سعيد" لنفيق على كارثة هزت وجدان كل مصري بعنف بعد وهم إعلامي أساسه كان "الكذب" مع سبق الإصرار والترصد.
الأجيال الجديدة والتي لم تعاصر إذاعة"صوت العرب" بالستينات يمكنني أن أقرب لها الفكرة محور حديثي بـ "جوبلز" العراق الشهير ألا وهو السيد " سعيد الصحاف" وزير الإعلام العراقي والذي أخذ يؤكد بكذب احترافي أمام الكاميرات انتصار القوات العراقية على مثيلتها الأمريكية أثناء حرب تحرير أو غزو العراق كما تريدوا تسميتها فليكن،الأكثر أهمية لي الآن هو موقف ذلك الإعلامي والذي تحول بسبب إدعاءاته الكاذبة لمسخ لشخصية كوميدية مماثله لـ"ابو لامعه" فشار مصر الشهير.

واقعنا الإعلامي اليوم يقول أن العشر سنوات الماضية شهدت طفرة تكنولوجية كبيرة غير محدودة، واكبها على الجانب الأخر موجة كاسحة من النمو للإعلام المرئي تحديدًا،حيث انتشار الفضائيات بكافة أنواعها وأهدافها وسياستها، وبالطبع مع كل ذلك تولدت مساحات جديدة للحريات وخاصة تلك التي تتعلق بالحق في التعبير،ومع تعدد الفضائيات تحديدًا والصحف المستقلة على نحو واسع نسبيًا أقبل الشباب على التوجه للعمل الصحفي وأعتبر كثيرين منهم أن الأمل المهني هو إنفراد ببرنامج جريء وموضوعات جذابة لمساحات لم يتم الخوض بها بالسابق عبر شاشات التلفزة،وبالفعل نجح الكثير من هؤلاء الشباب في تحقيق مايطمحون إليه مهنيًا.

ليأتي السؤال الصعب هل حققت مساحة الإعلام الجديدة تلك بمصر جزء من الموضوعية وبعض من المهنية، أم استغلت المتاح لها من مساحة لترويج أفكار وتوجهات بعينها دافعة لتأجيج الفتن الطائفية والعقائدية وزرع الكراهية والبحث عن فرص للتحقق بالحياة الأخرى في العالم الغير منظور؟ برأيي ومن واقع متابعتي أن مساحة الإعلام الممنوحة حاليًا وظفت بجانب كبير منها بالشكل الخاطئ الذي يدفع بالمجتمع لحروب دينية وطائفية كارثية،إضافة لكونه يدفع بالمواطن المصري البسيط للبحث عن سبل التحقق أو الكسب إن جاز التعبير في العالم الأخر بعد الموت وذلك يعنى إغراق بالغيبيات غير مبرر وهروب غير سليم من واقع يحتاج لشجاعة التغيير وليس جبن الهروب.

ارتباط الإعلام بالإعلان بشكل وثيق وتسابق أصحاب الأموال فقط وليس العقول لامتلاك فضائيات، أحد أهم أسباب حالة التدهور الإعلامي الذي نعيشه في غالبية فضائياتنا الإعلامية، حيث تجد برامج يستقطب مقدميها شخصيات بعينها لمهاجمة رموز دينية أو وطنية أو اجتماعية هامة بالمجتمع، ويتحول الأمر لسباب وعراك وتشويه صورة بشكل يدعو للأسف لقيم هامة إنسانية أولاً ومصرية ثانيًا والجميع سعدا غير مكترثين لما صنعت يداهم بالمتلقي من تشويش وإسفاف،المهم هنا وقياس النجاح حجم الإعلانات التي تخللت تلك الفضيحة الإعلامية التي حققت لمالك الفضائية الكثير من الأموال التي هى حتمًا ستعود بجزء من النفع على المُقدم الهمام النشيط في تأجيج الكراهية وتعميم الإسفاف والتشويش في أدمغة المتلقين.

المُقدم أو المحاور أو المذيع أيًا كانت المسميات بتلك الفضائيات يفتقد مع الوقت لحساسية الفصل بين الجراءة والسفاهة، حيث يقود ضيوفه بإحترافيه الشر إن جاز التعبير لتعزيز وجهه نظر بعينها خادمة فقط لمصالح من أتوا به خلف الشاشة فقط، دون مراعاة مسئوليته الاجتماعية والأدبية تجاه أبناء مجتمعه.
إذا كان حال الفضائيات التي يملكها مصريين بالوضعية التي أشرنا لها بالأعلى،فالفضائيات العربية حدث ولا حرج تشارك بفاعلية في توظيف أثيرها الفضائي لغرس الطابع الوهابي ذو الثقافة الهمجية في نفوس المصريين لمحو هويته أولاً كاستهداف رئيسي ثم سائر شعوب المنطقة فيما بعد.
أخيرًا أو لنقل فجأة ولأسباب غير معلومة كلها اتخذت الحكومة المصرية خطوة لمنع بث بعض الفضائيات التي تبث سمومها ليل نهار في نفوس المصريين وتحثهم لا بل تدفعهم دفعًا لكراهية بعضهم البعض عبر فتح نقاشات عقائدية غير مجدية،حقيقة شعرت بالغبطة في أول رد فعل لاستقبالي تلك الأنباء لاعتبارات عديدة من ضمنها انتمائي لأقلية دينية تعاني كثيرًا داخل وطنها من كافة أشكال التمييز،  ولكن بعد نظرة إلى خريطة الأقمار الفضائية المنتشرة في مختلف المدارات الكونية تحت إدارات مختلفة لم تعد غبطتي لغلق تلك الفضائيات كاملة،فأصحاب تلك المنابر الفضائية الهادمة فقط سيغيرون قمرهم المصري لأخر والمنع المصري سيؤجج في نفوس المعتادين لمتابعة تلك الفضائيات وغيرهم لمزيد من البحث عنها فالممنوع دائمًا مرغوب وهنيئًا لشهداء ذلك المنع والذي سيستفيدوا إعلانيًا أولاً ومتابعين جدد ثانيًا أكبر مما نتوقع بكثير.

الإعلام الآن وحش يجب ترويضه ليكون في خدمة بناء المجتمع، وذلك لن يأتي بالمنع والكبت والحجب وإنما بمواجهة الفضائيات الهادمة بأخرى قوية بناءه على أن يدخلوا بتنافس حر متكافئ الفرص للوصول المتلقي....من المهم فهم دوافع توجه المصريين لفضائيات الوهم والتضليل الديني ومعالجتها بتضافر جهود كافة مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الإعلام الواعي العلمي المنهج الذي يبحث عن القيمة وليس حفنة أموال.
في حقبة التسعينات من القرن الماضي نجح الإعلام في أن يستثمر موارده وطاقاته في التصدي لظاهرة الإرهاب بذات الوقت، ونزع أي تعاطف جماهيري غير سليم مع أناس يتاجرون بالدين لصالح أنظمة سياسية بعينها،وذلك يؤكد أن الإعلام متى قام بدوره على نحو سليم دافعه المسؤلية أولاً يحقق مايريد.
 همسة بأذن كل إعلامي شاب غير واعي لهدف من يستخدموه هناك خيط رفيع فاصل بين النقد المتبصر والمتهافت ...هناك خيط رفيع بين الشأن العام واختراق الخصوصية....هناك خيط رفيع بين الموضوعية والهمجية فهل تدرك ذلك الخيط وتحافظ عليه هذا هو السؤال والبداية معًا.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :