يا حبايب مصـر
بقلم: هيام فاروق
فى صباح اليوم و بينما كنت أرتشف قهوتى الصباحية و أولادى يتناولان فطورهما ، سألتهما إذا كان يرغب أحدهما فى حضور ندوة معى فى منتدى الشرق الأوسط للحريات . . فاعتذر إبنى الأصغر و هو فى الثانوية العامة لحضور درسه فى نفس ميعاد الندوة .. أما إبنى الأكبر و هو فى المرحلة الجامعية بكلية الإعلام تساءل عن عنوان الندوة و أسماء القائمين بها .. و بعد إجابتى فاجأنى بقوله : ( أنا أصلا مش ناوى أحضر بس حنصحك نصيحة لوجه الله و الوطن .. فُكك من الندوات دى .. لا بتودى و لا بتجيب ) . و كان هذا هو بداية الحوار
أنـــــا : لمــــاذا ؟ هذه ندوة ثقافية للإستفادة الفكرية و توسيع المدارك و الإطلاع على أفكار الآخرين .
هــــو : لا .. إن كان عندنا مفكرين تظنين أنهم يريدون فائدتك .. فكله ( أكل عيش ) .. يوهموكى بأنهم يريدون حركة تحرير و تغيير و ثقافة و لكنهم فى الأساس متربحون من وراء هذه الندوات .
أخوه الأصغر : و ماله ؟ هم يربحون مال و يُربحوك علم ومعرفة فالمعلومة لا تقدر بمال .
هــــــــو : يا بنى كن واقعيا .. و ماذا ستُكسبك المعلومة سوى شعارات × شعارات .. فكر أولا كيف ستحصل على المال الذى يجعلك تعيش حياة كريمة و تسد أبسط متطلباتك اليومية ، و بعدين تبقى تدور على المعلومة
أنــــــــا : لماذا أنت مادى هكذا ؟ أنت بهذا الفكر ستمحو إنتمائك و وطنيتك و ستحول مجتمعك إلى صراع على المال فقط . و لكن لا مانع من بحثك عن المال و المعلومة فى وقت واحد .
هـــــــو : و من قال لكِ أن المجتمع ليس هكذا ؟ اللى معاه قرش = قرش .. لكن اللى معاه فكر دون قرش ماذا يساوى ؟ لا شىء .
تعالى لطفولتى .. أدخلتمونى مدارس لغات خاصة لعلمكم و يقينكم بتدنى مجتمع المدارس الحكومية و عدم أداء المسئولين فيها بواجباتهم ، ناهيكى عن المادة العلمية نفسها .. إن كانت كيمياء أو فيزياء أو بيولوجى فهى جميعها تطرح النظريات الأولية التى بُنيَت عليها العلوم الكيميائية أو الفيزيقية أو البيولوجية .. و لم ندرس أى منهجيات جديدة أو إبتكارية عن الذى درستموه أنتم فى أيامكم . وحتى المناهج الأدبية .. ماذا قدمت غير حشر تاريخ مؤرخ ليس له أى أساس من الصحة لا يخدم إلا مصالح أشخاص و أديان .. و عليكِ أن تصدقى . و اللى مش فاهمه إحفظه و بلاش وجع دماغ .
التعليم هنا فى مصر بات كابوسا مزعجا .. ليس لنا فحسب بل ولكل أم وأب ، اللذان يتكبدا عناء مصاريف ينوء بها كاهل كل مصرى .
ثم بعد التخرج ماذا عسانى أن أفعل ؟ لابد أن أبحث عن وسائط هنا و هناك لكى أعمل ، مهما كان تقديرى فى التخرج فإنى أتساوى بمن لا تقدير له . كلنا سواسيا . و قد رأيتِ بعينك طالب الطب الذى يعمل كعامل سيراميك باليومية .
فى نهاية كلامى يا أمى الحبيبة أريد أن أقول لكِ إن أردتى الذهاب إلى مثل هذه الندوات عليكِ ألا تذهبى و فى مخيلتك فكرة أنكِ ستستمعى إلى من يحبون مصر و كلام النت و الجرائد هذا .. إذهبى و تأملى فى هؤلاء كيف يعيشون و بما يتكلمون . سترى متناقضات كثيرة فى كل منهم .. أقوالهم المعسولة عن الحرية و الإنتماء و الوطنية لم تكن هكذا فى بدايات حياتهم .. و كان لابد لهم من التملق و الإلتواء الفكرى لكى يصلوا إلى ما وصلوا إليه الآن من مراكز فى الإعلام و الصحافة . أخرجى من قوقعة المكتوب و المقروء إلى واقعنا المُعاش حاليا . ستجدينه مختلفا تماما .
أنــــــا : أنا حزينة لفكرك عن مصر و المصريين
هـــــو : لا تحزنى يا أمى .. فأنا أتمتع بصراحتى معكِ و لكنى أتملق الآخرين حين يحتاج الموقف هذا .. و أساير البعض حين أحتاج إلى هذا .. وإن لم أفعل هكذا فى هذا المجتمع فلن أستطيع مواصلة الحياة إلا بتعقيدات شخصية ستقودنى إلى مستشفى الأمراض النفسية .
الشعب المصرى كله تمثيل × تمثيل .. و( متقولش إيه إدتنا مصر ..... قول حتدى إيه لمصر ) هذا هو سبب تأخرنا لأننا كمصريين نعيش دائما الوهم و الخيال و لا ننجز شيئا على الإطلاق .. و ليس أدل على هذا من أقرب مَثَل أمامنا و هو الإخوان المسلمين .. أفحمونا بأجندتهم الكاذبة بحب مصر و المصريين و المواطنة و ما إلى غير هذا من سلسلة الأكاذيب المعتادة منهم .. و فى أول محك لهم أصدروا تهديداتهم بحرق مصر .
أخوه الأصغر : أنا أحب مصر .. و لن أتخيل حياتى بعيدا عن مصر و تراب مصر و سماء مصر و أرض مصر . مصر جميلة .
هـــــــو : إنت مسكين يا بنى .. لا تترك نفسك هكذا و عليك بالذهاب فورا إلى طبيب معقد مثلك .
أرأيتم كيف وصل بنا حال أبناؤنا الآن !!!!! و ماذا سيكون عليه حال الأجيال القادمة إذا إستمر الوضع هكذا ؟
ارحمنا يا الله كعظيم رحمتك .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :