الأقباط متحدون | مسلك العقلية الشرقية فى تحليل الوقائع التاريخية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:١٤ | الثلاثاء ٩ نوفمبر ٢٠١٠ | ٣٠بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٠١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

مسلك العقلية الشرقية فى تحليل الوقائع التاريخية

الثلاثاء ٩ نوفمبر ٢٠١٠ - ٢٤: ٠١ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: محمد عبد الفتاح السرورى
يكثر الحديث من حين لآخر حول أحد الاحداث التاريخية الهامة التى وقعت فيما مضى فى زمننا التاريخى أو واقعنا الجغرافى فمن إنتصارات الإسلام الأولى
 إلى الفتوحات التى أعقبت وفاة الرسول...... من سيطرة الأسر الإسلامية الحاكمة على إختلاف مسمياتها إلى الحروب الصليبية وهى الحروب التى كانت علامة فارقة فى علاقة الشرق والغرب ومن قيام دولة الخلافة العثمانية إلى سقوطها ومن تفتيت الدول الإسلامية إلى دويلات وأخيرا من الإقتتال الداخلى بين مواطنى الدولة الواحدة الى دعوات الإنفصال العلنية والتى ترعاها الدول الكبرى بين كل ما سبق كان مسلك العقلية الشرقية فى التعاطى مع كل هذه الوقائع مسلكا لا يخرج عن كونه مسلكا تفسيريا اكثر منه مسلكا تحليليلا وهو يعد أيضا مسلك ظاهرى قشرى الإسباب أكثر منه مسلك باطنى جوهرى المسببات
يقول المشخصون أن مجتمعاتنا الشرقية فى مجملها تميل لكونها مجتمعات إجابات اكثر من ميلها لكى تكون مجتمعات أسئله وهذا التشخيص فى تقديرى صحيح الى حد كبير فعملية طرح السؤال عملية شاقة لا ينوء بها إلا أولى العزم من الناس وفى سبيل طرح الأسئله قد يغامرون بما يملكون من عمل ومتاع وقد يغامرون بأعمارهم ذاتها فى مجتمعات أخرى لا تطيق الخلاف وقبول الآخر.

هذا غير المغامرة بالحرية وهى الثمن الشهير المدفوع لمحاولة الكثيريين لطرح أسئله لم يعتاد عليها المجتمع الذى يفضل دائما الإرتكان الى الموروث الآمن المستقر وذلك على عكس المجتمعات الغربية والتى إختارت ومنذ أمد بعيد من عملية (الإستفهام ) دربا من دروب الحياة اليومية حتى أمست عملية التساؤل الدائم تتم بصورة تلقائية فى ذهنية الغربيين ويظهر هذا واضحا فى مقدار العنت الذى يواجهه بعض الساسة الغربيين عندما يكونوا بصدد مهمة إقناع شعوبهم ببعضالإجراءات اوالسياسات غير المتعارف عليها
والفرق بين العقلية الممنهجة على كيفية تأسيس السؤال وبين العقلية الملقنة على تلقى الإجابات المقولبة يتجلى أشد ما يتجلى فى التعامل النفسى والفكرى مع التاريخ وأحداثة والماضى ووقائعة فعندما نكون بصدد حدث تاريخى معين مثل الإنتصارات الأولى للإسلام نكون أمام احد تفسيرين أولهما التفسير الشهير أن ذلك يرجع الى قوة إيمان المسلمين الإوائل (وهو التفسير الذى ينتمى لعالم الإجابات) والتفسير الثانى هو التفسير الذى يجعل من هذه الإنتصارات خاضعة لجميه مسببات الإنتصارات أيا كان عرق او دين المنتصرون

صحيح أن قوة الأيمان تلعب دورا هاما فى الحوب والمعارك ولكن من الموكد أيضا أن الطرف الخصم كان يملك من الإيمان بصدق موقفة ما حفزه لخوض الحرب التى إنهزم فيها أى اى قوة الإيمان هنا متوفرة لدى الطرفين ولكن العقلية الشرقية دائما ما تنحو نحو التفسير العلوى للأحداث التاريخية وتسلك مسلك عاطفى فى تفسيرها لهذه الاحداث ولكن هذه العقليات لو نحت منحى آخر تجاه المنهج التحليلى لوجدت نفسها امام أسباب أخرى للنصر أو للهزيمة أسباب أخرى لقيام الدول وزوالها أسباب مختلفة تبين مسببات دعوات الإنفصال فى مجتمعات غالبا ماتكون مجتمعات لم تنل حظ وافر من المدنية والحضارة ومسببات الوحدة والتعاضد فى المجتماع التى نالت حظا وافرا من إستيعاب دروس التاريخ
تميل العقلية الشرقية دوما فى تفسيرها لوقائع ما حدث إلى أسباب قدريه وغالبا ما تتجسد هذه الأسباب فى سبب واحد ألا وهو مدى قرب أو إبتعاد شعوب المجتمع عن الإلتزان بالأوامر والنواهى الدينية وقد يكون هذا صحيح فى احد جوانبة ولكن لا يصح إضغام كل الاسباب فى سبب واحد وحيد تؤول إليه تفسير احداث التاريخ وتبيان وقائع الواقع
إن المجتمعات العربية والإسلامية اليوم تحتاج وبشدة إلى إعادة النظر فى فى طبيعة منهجها الحياتى العام هذا المنهج البعيد كل البعد عن الأسلوب العلمى فى التحليل والتشخيص

والمشكله تتبلور أكثر عندما يجد جديد على هذه المجتمعات من أحداث ومتغيرات تستلزم منها الإستبصار التاريخى بما (حدث) حتى تستطيع أن تتعامل تعاملا ناضجا مع ما (يحدث ) وهنا يبدو متجسدا مرامنا فى مقامنا هذا, صحيح أن التاريخ لا يعود للوراء ولكن من المؤكد ان المسببات التاريخية متشابهة فى بعض منها وإن لم تكن متطابقة بطبيعة الحال وهذه المسببات التاريخية هى ما تفتقد العقلية الشرقية الإلتفات إليه وأعنى بالمسببات التاريخية ذلك الكل المتكامل من العوامل الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والدينية القائمة أثناء حدوث الحدث محل الدراسة سواء كانت هزيمة أو إنتصار فلا يمكن إغفال جانب دون جانب قد يتقدم عامل ويتأخر آخر ولكن لا يمكن فهم سبب حدوث الحدث التاريخى بمعزل عن نسق الحياة والفكر إبان حدوثة قبل ورغم أن ما نقوله قد يندرج تحت بند البديهيات إلا أننا نؤكد أنه يتراءى لنا كثيرا أننا لازلنا نعيش فى مجتمع ما قبل البديهيات وتلك -لعمرى - واحدة من ملامح الواقع الشرقى ومسلكه فى الفكر والفعل
من المعروف أن عالم الإجتماع الشهير إبن خلدون قد أوجز نظريته فى علم العمران فى مبدأ (أسباب ماحدث) أى أنه من السهل معرفة ما حدث ولكن يجب أن نلتفت إلى الأسباب التى سببت ما تم حدوثة
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن وبقوة ترى هل وعينا منهج وفكر إبن خلدون أم أننا لازلنا فى مرحلة ما قبل البديهيات نتعامل مع الاحداث وكأنها أقدار لامفر منها على الرغم من أن هذه الأحداث قد لا تكون جديدة على التاريخ ولكن من المؤكد أنها جديدة علينا




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :