المسيح يحضر جنازة الشهداء
بقلم: كابي يوسف
كان وقع الخبر يفوق كل الصواعق. ويخل بكل موازين الإنسانية. جريمة يرتكبها في العراق الجريح أشخاص تجردوا من أبسط قيم إنسانيتهم. وهم يظنون أنهم يدافعون عن مبدأ وعقيدة، ولا ريب فالسيد المسيح قالها يوماً لتلاميذه وها صدى ذاك القول يتردد اليوم : \" تأتي ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله\". والخدمات البشرية التطوعية لصالح الإله تعددت في عالمنا اليوم من المسلمين والمسيحيين واليهود وكأن الله الكلي القدرة، خالق الكون من عدم يحتاج إلى جهود بشر ضعفاء.
يا للسخرية الناس يدافعون عن الإله ويقدمون له الدعاية ، ويحاولون أن يعرفوا الآخرين عليه بدل أن يسلكوا بمخافته وبحسب وصاياه المقدسة. فتزداد العداوات وترتكب الجرائم الوحشية والشعار البراق الدائم هو: إعلان مجد الله ونصرة الدين الحق. لذلك أحب السيد المسيح كعادته الدائمة، أن يشارك في تشييع ضحايا المجزرة الأخيرة . فهو قريب من كل متّألم و مجروح ، يشاركه آلامه وأحزانه، يعزيه بفيض من روحه القدوس. يداويه لأنه الطبيب العظيم ولا فرق عنده بين عربي وأعجمي. شرقي وغربي. مسلم ومسيحي فالجميع أبناء الله يدعون وإخوة له في الإنسانية. الجموع تسير في الجنازة ، ساحات العراق تغص بالمصلين والمستنكرين مسيحيين ومسلمين. ويسوع المخلص العظيم يمر بين الجموع يُذكر المسيحي بأن الله محبة. وقد علمه أن يسامح إلى مالا نهاية. ويلتفت نحو المسلم ليخبره أنه ابن لله أيضاً. ويطالبه بالابتعاد عن الاحتقان وتأجيج مشاعر الغضب. ويؤكد له أنه لن يحاسبه على عمل لا إنساني لمرتزقة. بل يدعوه نحو المزيد من الحب والإخاء ومد يد العون لأخيه المسيحي في وطن حكمه إسلامي لكن شعاره: الدين لله والوطن للجميع. يسوع يسير في الجنازة يحتضن ذوي الضحايا، يكفكف دموعهم ويدخل إلى قلوبهم الحزينة ليجبر ما انكسر فيها وليعطيها نعمة النسيان. يجلس مع الأطفال ليعوضهم حنان الأب المفقود. ويعدهم ( ووعوده صادقة وأمينة) بغد أفضل ومستقبل أكثر إشراقا. يدخل يسوع الكنيسة ويقترب من نعوش الشهداء الذين نالوا إكليل البر لإيمانهم . يهمس في أذني كل من الآباء وسيم وثائر قائلاً: يا بني كنت أميناً في القليل فادخل إلى فرح سيدك . ويلتفت المعلم العظيم نحو الحشود الكبيرة في الكنيسة وخارجها على امتداد الوطن العربي والعالم صارخاً : لقد وعدتكم بالطوبى إذا عيروكم أو اضطهدوكم أو قالوا عنكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين. ألا تذكرون إني أبلغتكم أنه في العالم سيكون لكم ضيق، لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم. ألا يزال صدى كلامي يسمع في آذانكم اليوم لتثقوا بما أعلنته لكم: من آمن بي وإن مات فسيحيا. ما حصل اليوم ضعف بشري صارخ. فقايين فعل هكذا مع هابيل. ولا يزال الصراع مستمراً. لكن ثقوا إني معكم في كل حين . وها أنا اطلب مجدداً من الرب الإله ألا يخرجكم من العالم بل أن يحفظكم من الشرير. عودوا الآن إلى منازلكم ، وعيشوا بسلامي الذي أمنحكم إياه في أوطانكم المعذبة بظلم الحكام والتي تفوح منها رائحة الفقر والخيانة. احملوا صليبكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب، واتركوا لي النقمة لأني أنا أجازي وليس أنتم. لكن تذكروا أنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. عندها ستقدرون أن تتوجهوا لمن ارتكب كل هذه الجرائم بالقول: اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يعلمون ما يفعلون. فتجدوا تعزية وراحة لنفوسكم. بقلم: كابي يوسف - مونتريال
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :