- الطبق الجزائري الذي يجب أن تجربه ولو مرة واحدة في حياتك
- تجمعا السلام العالمي والعراق الجديد يدينان حادث كنيسة سيدة النجاة بـ"العراق"
- رسالة من قبطي على تهديد تنظيم القاعدة لأقباط مصر
- عبد الرحيم علي: إيران وراء تلك اللعبة القذرة من التفجيرات بنسبة 99%
- اليوم بالأزبكية: الكنيسة الإنجيلية تفتتح دوري "خليك كسبان"
الأقباط صنّاع سلام (8) فى التعامل مع المواقف الشائكة
بقلم: القس لوقا راضى
فى ظل الأجواء المتوترة في الفترة الحالية، بعدما اُعلن عن تهديدات من قبل بعض العناصر للأقباط. وكان قد اتصل بى عددٌ من المؤمنين متأثرًا بما حدث لإخوتنا بـ"العراق" من أحداث استشهد فيها ما يزيد عن خمسين شهيدًا أثناء القداس بكنيسة سيدة النجاة بـ"بغداد"؛ أجبت نفسي وأجبتهم إننا سنرحل من الأرض إلى السماء يومًا ما، ونحن لا نخشى الموت أبدًا؛ لأننا نعلم إننا لابد أن ننطلق من ههنا، وشعارنا "لى اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا".
وهذا التهديد جعلنى أفكِّر في الآتى:
+ كيف يتعامل الأقباط كصنَّاع سلام مع تلك التهديدات؟
+ ما هى أساليب التعامل التى اُستخدمت في القديم، وأيضًا فى الفترة الحديثة مع مثل تلك المواقف؟
+ هل هناك مواقف من التاريخ القبطي تعرَّض لها الأقباط مثل هذا الموقف؟
+ ما نتائج التعامل مع هذه المواقف؟
الأقبط صنَّاع سلام لا يلجأون إلى العنف، بل يلجاء الأقباط للدفاع عن أنفسهم إلى السماء؛ بالصوم والصلاة التى تغلب الشياطين، والتى تنقل الجبال، والتى تشق في البحر طريقًا، والتى تنبع من الصخرة ماءًا، والتى تسد أفواه الأسود، والتى تجعل النار بلا لهيب.
وأخذت أبحث فوجدت الآتي على الأقل:
الموقف الأول: فى هذا الموقف تعرَّض الأقباط إلى الفناء التام، أو تغيير ديانتهم!!! فماذا فعل الأقباط؟ نُقل جبل المقطم!
كان "المُعِز لدين الله الفاطمي" رجلاً مُحِبَّاً لمجالس الأدب، والمباحثات الدينية.. وكان هناك رجلاً يهوديّاً متعصباً، اعتنق الإسلام لينال منصبه، وكان اسمه "يعقوب بن كلس". وكان مبغضًا للمسيحيين، خاصة "قزمان بن مينا الشهير بأبو اليمن". وفي يوم من الأيام أرسل الخليفة للأب البطريرك ليحدِّد موعدًا ليُحاجِج اليهود أمامه.. فاصطحب معه الأنبا "ساويرس بن المقفع" أسقف الأشمونين (بالصعيد).. فبدأ الأسقف باتهام اليهود بالجهل! وأفحم اليهودي باستشهتاده بالآية القائلة: "الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه. أما إسرائيل فلا يعرف! شعبي لا يفهم!" (إش3:1). وكان من أثر ذلك أن تضايق الوزير "بن كلس" للغاية، وأخذ هو ورفيقه "موسى" في التفتيش في الإنجيل عن أي آية ترد له اعتباره.. فوجد "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شئ غير ممكن لديكم" (مت 20:17)؛ فأسرع وأراها للخليفة، وطلب منه أن يجعل النصارى يثبتون صحة هذا الكلام.. فأُعجب الخليفة بالفكرة- وخاصة أنه فكَّر في إزاحة الجبل الجاثم شرق المدينة الجديدة (القاهرة)- أما إذا عجز النصارى عن تنفيذ هذا الكلام، فهذا دليل على بُطلان دينهم، ومن ثم تحتَّم إزالة هذا الدين!!
فأرسل الخليفة للبابا "ابرام بن زرعه" وخيَّرهُ ما بين تنفيذ الوصية، أو اعتناق الدين الإسلامي، أو ترك البلاد، أو الموت! فطلب البابا "ابرام" من الخليفة ثلاثة أيام، ونادى بصوم وإعتكاف إلى جميع الشعب.. وفي فجر اليوم الثالث ظهرت السيدة العذراء للبابا، وأرشدته بأن يخرج، والرجل الحامل الجرة الذي سيراه هو الذي سيتمم المعجزة على يديه.. وبالفعل خرج وقابل القديس "سمعان"، وتحدَّث معه، عن حياته وروحياته، وسبب فقده لعينه.. إلخ. فقال القديس للبابا أن يصلي مع الشعب كيرياليسون 400 مرة، ويصلي صلاة القداس وهم يحملون الأناجيل والصلبان والشموع.. وهو سيقف معهم خلف البابا كواحد من الشعب. وبعد ذلك يجب على البابا السجود مع الكهنة، ويرشم الجبل بعلامة الصليب المقدسة.. وسيرى مجد الله.. وبالفعل تم كل هذا بالضبط.. وبعد رفع البابا يده ورسم علامة الصليب المقدسة، إذ بزلزلة عظيمة تحدث، ومع كل قيام من سجدة يرتفع الجبل، ومع كل سجدة يندك الجبل وتظهر الشمس من تحته وهو يتحرك.. وإنزاحت الغُمة.
وهكذا انتهت القصة بتمجيد اسم الله. والقارئ للتاريخ سيدرك أن الأقباط تمتَّعوا فيما بعد بفترة هدوء وسلام إبان حكم "المعز" وابنه.
الموقف الثانى: وهذا الموقف من التاريخ الحديت أثناء السبعينات. أراد فيها النظام الحاكم تحت حكم الرئيس "السادات" أن يفرض على الأقباط الشريعة الإسلامية.
فى 17 يناير- كانون الثانى- 1977 عُقد أخطر اجتماع مسيحي قبطي فى تاريخ "مصر" منذ ستة وستين عامًا، وأصدر المؤتمر بياناً لم يُنشر قال فيه:
دعت الضرورة لعقد هذا الإجتماع هيئة مؤتمر ممثلى الشعب القبطي بـ"الإسكندرية" مع الآباء الكهنة الرعاة؛ وذلك لبحث المسائل القبطية العامة. وتفضَّل قداسة البابا المعظم الأنبا "شنودة" بحضور جلسة الإجتماع الأول، وكانت بتاريخ 17 ديسمبر 1976 فى الكاتدرائية المرقسية الكبرى، بحث المجتمعون الموضوعات المعروضة، كما استعرضوا ما سبق تقريره فى اجتماع اللجنة التحضيرية لكهنة الكنائس القبطية فى "مصر" الحاصل بتاريخ 5 , 6 يوليو 1976 "ووضع الجميع نصب أعينهم– رعاة ورعية- اعتبارين لا ينفصلان أحدهما عن الآخر: أولهما: الإيمان الراسخ بالكنيسة القبطية الخالدة فى "مصر"، والتى كرَّستها كرازة "مرقس الرسول" وتضحيات شهدائنا الأبرار على مر الأجيال. والثانى: الأمانة الكاملة للوطن المفدي الذى يمثل الأقباط فية أقدم وأعرق سلالاته، حتى إنه قد لا يوجد شعب فى العالم له ارتباط بتراب أرضه وقوميته مثل ارتباط قبط مصر. والمسائل المطروحة للبحث هى:
• حرية العقيدة • حرية ممارسة الشعائر الدينية • حماية الأسرة والزواج المسيحى • المساواة وتكافؤ الفرص • تمثيل المسيحيين فى الهيئات النيابية • التحذير من الإتجاهات الدينية المتطرفة.
وقد طالب المؤتمر فى بيانه بالأتي:
• إلغاء مشروع قانون الردة • استبعاد التفكير فى تطبيق الشريعة الإسلامية على غير المسلمين • إلغاء القوانين العثمانية التى تقيد بناء الكنائس • استبعاد الطائفية من الوظائف العامة على مختلف المستويات • حرية النشر.
التوصـــيـات الـــتـنـفــيـذيـــة: صـــوم انـقـــطـاعــي لــثـلاثــة أيـــــام من 31 يناير إلى 2 فبراير، واعتبار المؤتمر فى حالة انعقاد مستمر لمتابعة ما يتم فى مجال تنفيذ فقراته وتوصياته بالنسبه لجميع المسائل القبطية العامة، وأعلن البابا "شنودة" على الفور الصوم والصلاة فى جميع الكنائس؛ حتى يتحنن الرب على المسيحيين ويرفع هذه الضيقة عنهم، وقام ملايين الأقباط بالصلاة والصوم الإنقطاعى؛ لإحساسهم بالإضطهاد الشديد والتعصب الديني.
وفي 5-9-1977، بناءًا على نداء من البابا "شنودة الثالث"، بدأ الأقباط صيامًا (وهو تقليد ديني قديم عند الأقباط والمسيحيين عامة، يلجئون إليه عندما يواجهون محنة شديدة)، استمر الصوم لا لثلاثة أيام بل خمسة أيام صومًا انقاطعيًا ينتهى بصلوات القداس الإلهي، وتدخَّلت عناية السماء، وبعد الضغوط والمفاوضات بدأت تتراجع السلطة المصرية.
وفي 12-9-1977 زار "ممدوح سالم"- رئيس مجلس الوزراء المصري- البابا "شنودة" في مقره البابوي، وقدَّم له ضمانات رسمية بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية.
إذن ادراكنا أن الأقباط حين يواجهون أزمات يقولون الآتي: ليس لنا يا رب ليس لنا لكن أنت تعطى القوة. نحن نصمت ليتحدث الله. نثق فى عمله. نثق فى عنايته. نرفع الأمر لمن بيده الأمر، وهو يتولى كل شى؛ فهو المحامى والمدافع والأمين، والرب القادر فى كل شئ.
كان الأقباط ولا يزالون صنَّاع سلام حتى فى أهلك الظروف. هنيئًا لأرواح شهداء كنيسة سيدة النجاة. وصلاة حارة من أجل أن يرحم الرب قاتليهم. وصلاة حارة لهؤلاء الذين أرسلوا التهديدات. نطلب من الرب إلهنا ألا يقم لهم خطية ويسامحهم. ونقول "اغفر لهم يا أبتاة؛ لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. الرب معكم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :