الأقباط متحدون | ومن الصمت ما قتل!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:٣٤ | الأحد ٣١ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢١بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٩٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

ومن الصمت ما قتل!!

الأحد ٣١ اكتوبر ٢٠١٠ - ٥٩: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : منير بشاى
      ما تزال أصوات الفتنة الرهيبة تدوى فى أجواء مصر. وما تزال التحريضات تتردد فى وسائل الإعلام المصرية المسموعة والمرئية والمكتوبة على لسان من كنا نظنهم مفكرون وعلماء وعقلاء.
    وفى الشارع ترجمت هذه التحريضات إلى صرخات تهديدية وشتائم وسباب وبذاءات ضد الأقباط ورموزهم الدينية.  ومن سخريات القدر أن تخرج هذه البذاءات من أفواه المصليين السلفيين عقب الصلاة كل يوم جمعة فى عدد من مساجد القاهرة والإسكندرية.
    ولكن على قدر إنزعاجنا لما سمعناه كان هلعنا لما لم نسمعه.  كان طنين صمت المسئولين يؤذى آذاننا أكثر من ضجيج صراخ الغوغاء. لقد كان صمتهم يصم الآذان.
    لماذا التزم المسئولون بالصمت ولم بردوا على الإدعاءات الكاذبة التى يرددها المتظاهرون؟ إن صمت السلطات قد يفهمه الغوغاء على أنه تأكيد على صحة إدعاءاتهم.
    كنا ننتظر أن يتكلم الأمن المصرى ويعلن الحقيقة كاملة لمثيرى الفتنة.  والأمن هو الجهاز العارف ببواطن الأمور فى هذه القضايا ويعرف كل تفاصيلها. على سبيل المثال لقد تعامل الأمن مع قصة وفاء قسطنطين وكامليا شحاتة خطوة بخطوة ومن البداية. أين النائب العام الذى شهدت وفاء قسطنطين أمامه أنها مسيحية وستظل مسيحية وستموت مسيحية - لماذا لم يتكلم؟ وأين الجهاز الأمنى الذى قام بالبحث عن  كامليا بعد إعلان إختفائها - لماذا لم يشرح حقيقة ما حدث؟ وأين الأزهر -  ولماذا لا يصدر بيانا يذكر فيه حقيقة ما إذا كانت وفاء أو  كامليا قد أسلمتا أم لا؟
    وما قصة تكديس الأسلحة فى الأديرة والكنائس؟ إن هذا الأدعاء فى ذاته يعتبر بلاغا مقدما للدولة. وعلى مقدم البلاغ أن يثبت صحة إدعاءاته وبعلن عن مصدر معلوماته؟ وإذا لم يثبت صحة ما يقول ينبغى أن يحاكم بتهمة ترويج بلاغات كيدية كاذبة بهدف إثارة الفتنة فى البلاد. ولكن شيئا من هذا لم يحدث وما زال هذا الأدعاء يتردد دون مساءلة. والدولة مسئولة عن توضيح حقيقة الأمر وعن محاكمة كل من إرتكب جريمة وأيضا من يدعى كذبا بوجود جريمة رغبة فى إثارة الفتنة. هذا خاصة أن هذه الإدعاءات تطعن فى كفاءة الدولة وأداء جهازها الأمنى وتتهمهم بالتقصير.
    وما هذه الإدعاءات التى تتهم الأقباط بأنهم مستغلون يمتصون ثروة البلاد والتى دفعت المتظاهرين بالمطالبة بقاطعة شركات المسيحيين؟ هذه الإدعاءات يجب أن يتم التحقيق فيها ونشر دراسة موثقة بالحقيقة كاملة. ينبغى أن تعلن الحالة المالية للقطاعات المختلفة للأقباط والمسلمين. يجب عمل دراسة علمية عن متوسط الدخول ومصادرها، وإذا ثبت أن نسبة إيداعات الأقباط فى البنوك تفوق نسبة المسلمين، يجب تقديم الأسباب – هل كان هذا ناتج عن أن متوسط عدد الأفراد للأسرة القبطية يقل عن المسلمة، أم لأن للأقباط عاداتهم وأولوياتهم فى الإنفاق والتوفير التى قد تختلف عن المسلمين؟  كل هذه الأمور يجب إعلانها، والصمت فى وجه هذا الإدعاءات لا يساعد على تهدئة النفوس ووقف الإحتقان.

ولكن قد يكون الصمت معناه عدم المبالاة بما يحدث
    الصمت من جهة المسئولين فى توضيح الحقائق وتهدئة الغضب قد يكون معناه أن الدولة لا تبالى بالأمر ولا بتداعياته الخطيرة. وعدم المبالاة قد يكون لأن الأمر فى رأيهم لا يستحق أن تعطيه الدولة الإهتمام  اللازم لدراسة أسبابه ووضع خطة للعلاج.
    وقد يكون الصمت سببه لأن التهديد يخص مجرد أقلية صغيرة ولا يهدد أمن الدولة ونظامها.  ولكن واجب الأمن لبس فقط حماية النظام  بل حماية جميع المواطنين مهما قل عددهم ، وإغفال هذا الواجب هو إنتقاص من دور الدولة ودليل على فشلها فى الإضطلاع بمسئوليتها.

وقد يكون الصمت معناه الرضا عن ما يحدث
    وأتمنى أن لا تكون الأمور قد وصلت إلى هذا الحد. أتمنى أن لا يكون هناك من بين المسئولين من يتفق مع المحرضين على الفتنة ويرضى عن ما يعملون. ولكن للأسف كل الظواهر تؤكد أن التعصب الدينى فى مصر قد تغلغل فى أجهزة الدولة. فهناك مدرسون متعصبون يعلمون الفتنة للتلاميذ داخل المدارس. وهناك رجال شرطة متعصبون يميزون فى المعاملة بين المسلم والمسيحى. وهناك قضاة متعصبون يظهرون تعصيهم فى أحكامهم. وهناك شيوخ مساجد متعصبون يشحنون المصلبن المسلمين بالكراهية ضد شركاء الوطن بإسم الدين. وهناك إعلاميون متعصبون يبثون الفرقة بين الناس فيما يذاع و ينشر فى الصحف.

    إن من يرتكب الجريمة ليس هو فقط من يلكم الآخر أو يضربه بالعصا أو يطعنه بالسكين أو من يضغط على الزناد أو يشهد بالزور أو يسرق ممتلكات الآخر. ولكن مرتكب الجريمة أيضا هو من يرى كل هذا أو بعضه وينظر إلى الإتجاه الآخر ويتظاهر أنه لا يراه. هو من يصم أذنيه عن سماع أنين المظلوم، ومن يغلق فمه عن الدفاع عن المظلوم. إن من يصمت فى وجه ما يرى من جرائم يساعد ويمكن من يرتكبها وبذلك يصبح شريكا معه فى المسئولية ويستحق نفس العقاب.
    وقد صدق من قال إن الساكت عن الحق شيطان أخرس.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :