عطور ميريام ليسوع الناصري
بقلم: عساسي عبدالحميد
كان فجر عينيه يلامس القلوب الواهنة تماما كما يلامس نور الصباح كروم الجليل المثقلة بعنب أيلول، وكانت رنة صوته كهمس الساقية المترنمة بين الصخور وكنسيم الشمال المنسل بين ثنايا المساء في غرة نيسان، ذات مرة سمعته يتحدث لليعازر أخي و اثنين من تلاميذه عن الزارع الذي يستودع حفنة من روحه مع بذور الخريف الأولى في قلب الأرض المفلوحة، وعن عيون صغار الكرامين المتوهجة بأنشودة الفصح المجيد، وعن وليمة العشار التائب للغرباء والمارة ...
وحدثهم أيضا عن فرحة الراعي بحمل الحظيرة العائد وعن قوة الإيمان التي تقهر الأسقام وتغلب الموت.... يقولون، أني سكبت عليه الناردين النفيس بيدين طائعتين غير مرتجفتين بيد أنه في الحقيقة هو من كان يسكب، نعم هو من كان يسكب من طيبه الفريد المصنوع من عبق الأحلام المستيقظة في مساءاتنا العتيقة ومن عبير أشواقنا المتمايلة حينا والساكنة حينا في قلب الفصول النابضة، هو من كان ينثر بعطف متناه بذور زهوره فوق تلالنا المنسية ويسيجها بخيزران لامع و بصفصاف يانع، هو من أنشد على مسامعنا أغنية المساء المعطرة بعبق أرز لبنان وسنديان بيسان، هو من سكب لنا جميعا خمرته المعتقة الفواحة ومسح جبين المتعبين والثقيلي الأحمال بأريجه السماوي الذكي، فكان لزاما علي أن أسكب على رجليه عطوري الثمينة رغم أن الكثيرين هنا في بيت عنيا ومنهم تلاميذه من عاتبني على تصرفي وتبذيري ، فالعريس سيمضي والفقراء باقون، أفلا يحق لنا الاحتفاء بالعريس؟؟
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :