- تنفيذ أحكام القضاء … بين تحايل الحكومة … وقهر الضعفاء
- "عودة السلفية".. بين الدعوة الدينية والمطامع السياسية
- مجدي صبحي: تبرير الدكتور نظيف بأن زيادة الأجور يساهم في ارتفاع الأسعار يتناقض مع الواقع
- خبراء وحقوقيون يناقشون معايير اختيار الاحزاب لمرشحيها
- الحزب الوطني باستبعاده "قليني" وترشيحه "الغول.. هل يتحدى مشاعر الأقباط؟
ارتفاع الأسعار بين جنون الطماطم .. وطموح الحكومة
أجر العامل في 1978 في شهر يشتري كيلو ونصف طماطم اليوم!!
د. "حمدي عبد العظيم": سياسة الاحتكار التي يتبعها بعض التجار يزيد من تكاليف شراء المواد الغذائية
"مجدي صبحي": على الحكومة أن تفتح المجال للمنافسة وعدم الاحتكار فينتج انخفاض في الأسعار من خلال زيادة المنافسة داخليـًا وخارجيـًا
"صفوت جرجس": ما يحدث من الحكومة هو بمثابة جس نبض لإلغاء الدعم على بعض السلع الأساسية
تحقيق: عماد نصيف
جاء اليوم الذي تفتخر فيه "حكومة مصر" الزراعية؛ متمثلة في "وزارة الزراعة والتجارة" بطرح 15 طنـًا من الخضر الطازجة في منافذها الثابتة والمتنقلة بأسعار الجملة، وطموحها العظيم أن يستمر هذا الإجراء لمدة شهر قادم، بهدف كشف مدى جشع التجار وتلاعبهم بالأسواق، فقد بلغ سعر البيع للمستهلك في هذه المنافذ 475 قرشـًا فقط لكيلو الطماطم، و3 جنيهات لكيلو الفاصوليا، و175 قرشـًا لكيلو البصل، في حين كانت الأسواق قد شهدت مؤخرًا ارتفاعـًا غير مسبوق في أسعار الخضروات والفاكهة والسلع الرئيسية، خاصة الطماطم التي تراوح سعر الكيلو منها في الأحياء الشعبية من 10 إلى 12 جنيهـًا، وفي الأحياء الراقية إلى 15 جنيهـًا بعد أن كان سعرها جنيهـًا ونصف الجنيه، وسط توقعات باستمرار موجة الغلاء في سوق الخضروات والفاكهة لفترات ليست بقصيرة، وذلك بسبب موجات الحر المتتالية التي شهدتها البلاد، واحتراق المحاصيل الزراعية، هذا بالإضافة إلى التناقض والتفاوت بين أسعار ضروريات الحياة وأجور ودخول المواطنين.
وبحسب دراسة أعدها الدكتور "أحمد السيد النجار" الخبير الاقتصادي، فقد تم وضع حد أدني للأجر 18 قرشـًا في اليوم بعد ثورة 1952، وكان هذا الأجر يشتري نحو 5 كيلو جرامـًا من اللحم، وقد ارتفع الحد الأدنى للأجر الأساسي الإسمي للعامل في القانون47، 48 لسنة 1978 إلي 16 جنيهـًا، بدون إضافة الحوافز والعمولات والبدلات والمكافآت والأرباح، وكان ذلك الأجر الأساسي للعامل يشتري نحو 18 كيلو جرامـًا من اللحم البلدي؛ ثمنها حاليـًا نحو 900 جنيهـًا!!
كما أن القدرة الشرائية للحد الأدنى للأجر الشامل في 1978 توازي أكثر من 1900 جنيهـًا مقارنة بالوقت الراهن، وحدد قانون العمل لسنة 81 الحد الأدنى للأجور بـ35 جنيهـًا، بينما قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 لـ"المجلس القومي للأجور" وضع حدًا أدنى للأجور، وهي الخطوة التي يتم اتخاذها حتى الآن، وطالب البعض بالرقم 1200 جنيهـًا كحدٍ أدنى للأجور لتحقيق حياة كريمة للعامل الذي يعول في المتوسط ثلاثة أفراد.
ولأن الأمر يحتاج إلى وقفة وتفسير من الخبراء، وطريقة للخروج من هذه الأزمة والاقتراب منها لمعرفة الأسباب والحلول، قمنا بالاقتراب أكثر من المشكلة وطرحها على الخبراء والمتخصصين.
ارتفاع الأسعار في الوقت الحالي غير طبيعي
فمن جانبه يرى الدكتور "حمدي عبد العظيم" -الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، والخبير الاقتصادي- أن ارتفاع الأسعار في الوقت الحالي غير طبيعي ولم تحدث منذ سنوات كثيرة، وأن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة في الفترة الحالية هو المحاصيل والأسمدة الفاسدة التي يتم استيرادها، هذا بالإضافة إلى الأجواء والمتغيرات المناخية، والتي تؤثر تأثيرًا كبيرًا على الخضر والفاكهة أكثر من غيرها.
وأضاف "عبد العظيم" أنه بالإضافة إلى هذه العوامل فإن تعدد المراحل التي تمر بها عملية بيع الخضر والفاكهة متعددة، من المزارع إلى تاجر الجملة إلى تاجر التجزئة إلى المستهلك، وبالتالي فإن كلاً من هؤلاء يضيف هامش ربح يزيد من تكاليف المنتج، وبالتالي يرتفع السعر النهائي للمستهلك.
موضحـًا أنه إذا كان كيلو الطماطم بـ2 جنيه عند الفلاح، فإنه يصل إلى المستهلك بـ8 جنيهات؛ لأن كل وسيط في مرحلة البيع يحصل على هامش ربح عالٍ، ونتيجة لعدم وجود ضوابط للسوق المحلي أو الأسعار أو آلية لمراقبتها؛ فتنتج عن ذلك فوضى ارتفاع الأسعار، كما أن سياسة الاحتكار التي يتبعها بعض التجار تزيد من تكاليف شراء المواد الغذائية، وبالتالي زيادة هامش الربح لعدم وجود هذه الضوابط.
ويرى "عبد العظيم" أن "جهاز حماية المستهلك" به قصور في الغرض من إنشائه، حيث أنه يراقب جودة السلع وليس الأسعار، وهو ما يحتاج لتدخل طرف آخر في الرقابة على الأسعار، هذا بالإضافة إلى "المحكمة الاقتصادية"، والتي عليها أن تضع قانونـًا يحدد هامش الربح بنسبة محددة.
واستبعد "عبد العظيم" أن يكون ارتفاع الأسعار في هذا التوقيت كجس نبض من الحكومة لرفع الدعم، لأنه قاصر على السلع التموينية والخبز والبوتاجاز، كذلك ليس له أية أبعاد سياسية، لأن المفروض في الوقت الحالي ومع الانتخابات البرلمانية أن يتم تخفيض الأسعار وليس العكس، خاصة من قِبل "الحزب الوطني" الذي يخاطب ود الجماهير، وحتى لا تستغل المعارضة هذه الأزمة.
غياب المنافسة عن السوق
بينما يرى "مجدي صبحي" -الخبير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية- أن غياب المنافسة عن السوق أدى إلى سيطرة مجموعة من التجار على السوق، فعندما تعلن الحكومة أن كيلو الطماطم بـ4.5 جنيهـًا؛ شاملة كل التكاليف بما فيها النقل وهامش الربح، وتصل إلى 10 جنيهات في الأسواق، فإن الربح هنا يكون أكثر من 100%، وهو ما يكون قد حقق هامش ربح عالٍ لتاجر لا يجد مَن ينافسه بسبب احتكاره للسوق.
ويرى "صبحي" أن حل هذه المشكلة يكون سهلاً في السلع الأخرى التي يمكن استيرادها من الخارج، لكن فيما يتعلق بالخضار والفاكهة فالأمر يكاد يكون مستحيلاً بسبب تعرضها للتلف، ولكن على الحكومة أن تجد بدائل لهذه السلع؛ مثلاً يتم استيراد الصلصة، هذا بالإضافة إلى فتح المجال للمنافسة وعدم الاحتكار، وأن يكون هناك عدد كبير من التجار، وبالتالي ينتج عن ذلك انخفاض في الأسعار من خلال زيادة المنافسة داخليـًا وخارجيـًا، مثلما حدث مع أزمة الحديد والأسمنت عندما فتحت الحكومة الاستيراد فانخفضت أسعارهما، كذلك قرار منع تصدير الأرز وإلزام التجار بالبيع للسوق المحلي خفَّض سعره، ومن المنتظر أن ينخفض أكثر في الشهور القادمة.
ارتفاع الأسعار والسياسة
في حين يرى "صفوت جرجس" -رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان- أن للأمر شق سياسي غرضه انشغال المواطنين عن مجريات الأمور السياسية، والمتمثلة في الانتخابات البرلمانية القادمة، ثم الانتخابات الرئاسية في العام المقبل، وذلك من خلال إلهاء الناس عن المرشح المنتظر للرئاسة، في ظل ما يُقال عن عملية التوريث، والصراع المحتدم بين المعارضة المتمثلة في تيارات سياسية مختلفة؛ مثل "الأحزاب"، و"الإخوان"، و"الجمعية الوطنية للتغيير"، و"البرادعي"، و"الحكومة".
ويضيف "جرجس" أن الحكومة وصلت بالمواطن لأن يفكر فقط في الطماطم وضروريات الحياة، هذا بالإضافة لإعطاء المواطن فرصة لتلقي الرشاوى الانتخابية من رجال أعمال "الحزب الوطني"، والتخلي عن انتمائه الحزبي أو السياسي مقابل الحصول على أرز وزيت وسمن!!
ويشير "جرجس" إلى أنه من الملاحظ أنه مع جشع التجار وقصور الحكومة؛ فإن أسعار الضروريات ترتفع في حين الكماليات ينخفض سعرها، وهو ما يعبر عن استغلال احتياج المواطن في ظل غياب دور الحكومة الرقابي، والتي لا نجدها إلا في مطاردة الباعة الجائلين ومصادرة بضائعهم، في حين أنها تترك التجار المحتكرين وتساعدهم بقوانين تخدم أغراضهم، والوحيد الذي يدفع الثمن هو المواطن.
واختتم "جرجس" حديثه مطالبـًا الحكومة بإصدار قانون يلزم التجار بهامش ربح محدد، خاصة في الضروريات وليس الكماليات، وأن ما يحدث من الحكومة هو بمثابة جس نبض لإلغاء الدعم على بعض السلع الأساسية، والتي ربما يقبلها البعض متصورًا أنها الحل الأمثل لمكافحة ارتفاع الأسعار، مثلما يحدث في وسائل النقل عندما تلغي الحكومة سيارة معينة بحجة توفير بديل أفخر منها، والمواطن عليه أن يختار، وفي الوقت ذاته تختفي السيارات العادية فلا يجد أمامه سوى السيارة الفاخرة المميزة الأغلى؛ فيضطر للموافقة عليها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :