الأقباط متحدون | أبو الإصلاح القبطى فى مصر الحديثة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٠:٤٨ | الاثنين ١١ اكتوبر ٢٠١٠ | ١ بابه ش ١٧٢٧ | العدد ٢١٧٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أبو الإصلاح القبطى فى مصر الحديثة

كتب :رامي عطا - الشروق | الاثنين ١١ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

يحمل التاريخ الكثير من الحكم والعبرات، ومن خلاله يتعرف الإنسان على الكثير من التجارب والخبرات، فضلا عن أنه يحقق قيمة التواصل بين الأجيال، كما أنه يمكن استعادته واستدعاء رموزه للمساهمة فى مواجهة الأزمات التى تطل على المجتمع بين الحين والآخر. ومن ثم فإن الاحتفاء بأحداث التاريخ وكذا رموز الوطن من رواد التنوير فى شتى المجالات إنما يُمثل واجبا قوميا يؤكد معانى الإخلاص والولاء، كما إنه يُنعش الذاكرة الجمعية للمواطنين الذين يجمعهم نضال مشترك.

فى هذا الإطار فإنه تنبغى الإشارة إلى واجب الاحتفاء بالمصلح الكبير البابا كيرلس الرابع (1816 1861م) والذى يُعد واحدا من رواد التنوير والإصلاح الذين عرفتهم مصر فى تاريخها الحديث والمعاصر. لقد عاش فى أواسط القرن التاسع عشر، بكل ما حفل به هذا القرن والذى يبدأ به المؤرخون تقريبا تاريخ مصر الحديث من انتصارات وانكسارات. حيث استحق أن يُلقب بأبى الإصلاح القبطى، بسبب أفكاره التنويرية وأعماله الإصلاحية التى شملت الجميع، إذ ليس الأقباط وحدهم هم الذين استفادوا من إصلاحاته.


لقد كان البابا كيرلس الرابع، وغيره ممن آمنوا بالإصلاح والتنوير وإعمال العقل، كالشيخ حسن العطار والشيخ رفاعة الطهطاوى وعلى مبارك، يمثلون نجوما سطعت فى سماء مصر، أضاءت بقدر ما استطاعت وأنارت بقدر ما حاولت وأصلحت بقدر ما جاهدت.
وفى لمحة عن حياته فإن البابا كيرلس الرابع ترهب بدير الأنبا أنطونيوس، ولما صار رئيسا للدير اهتم بتأسيس مكتبة فى مقر الدير فى عزبة بوش ببنى سويف، وأنشأ هناك مدرسة، ولما أراد أن يرمم مقر الدير فإنه اهتم بترميم الجامع معه.

تمت سيامته بطريركا (بابا) عام 1854م، فاهتم بالتعليم حيث أسس عدة مدارس لتعليم البنين والبنات وكانت مدارسه مجانية وللجميع دون استثناء بسبب الدين أو الجنسية. كما أنه رتب للقساوسة اجتماعا أسبوعيا كل يوم سبت فى مدرسة الأزبكية، لحثهم على المطالعة والقراءة والبحث فى الأمور الدينية، وكانت محاولة جادة ومبكرة لتأسيس الكلية الإكليريكية. كما اهتم بألحان الكنيسة. ومن أعماله أيضا أنه اهتم كثيرا بحالة الأوقاف القبطية، وكان مسالما لجميع الطوائف المسيحية. قام بأداء مهمة وطنية عام 1856م حيث سافر إلى الحبشة بتكليف من سعيد باشا، وكان ملك الحبشة قد تعدى على بعض الجهات من إقليمى هرر وزيلع، اللذين كانا تابعين لحكومة الباب العالى، فأوعز السلطان عبدالمجيد إلى سعيد باشا بأن يرسل بطريرك الأقباط إلى الحبشة لعقد اتفاقية سلام وصلح مع ملكها، وكان اختياره يرجع إلى العلاقة الوطيدة التى تربط بين الكنيستين المصرية والحبشية، وقام بمهمته بنجاح. وكان يؤمن بمعيار الكفاءة الشخصية، وبأن الأقباط مصريون تربطهم مع إخوانهم رابطة الوطنية والجنسية.

اهتم بإنشاء مطبعة، استوردها من انجلترا، واختار أربعة من شبان الأقباط وجعل لهم رواتب شهرية وملابس سنوية، وحصل لهم من سعيد باشا على أمر بقبولهم فى مطبعة بولاق حتى يتعلموا صناعة الطباعة وفنها، لنشر الكتب المفيدة بأسعار زهيدة.

وكان يتمتع بالعديد من الصفات الطيبة، مثل شدة حرصه على الوقت، وكرهه للطلاق وميله للمحافظة على سلامة العائلات، وقد أمر بألا يكون الزواج قبل الرابعة عشرة من العمر، مع ضرورة أن يعترف العروسان اعترافا صريحا بأن الزواج قد تم بالرضاء التام وأنه ليس فيه إكراه، وكان يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة.

الجدير بالذكر أن الجمعيات الأهلية القبطية احتفلت به فى عام 1912م بمرور خمسين سنة على رحيله (وذلك بدلا من الاحتفال به سنة 1911م، حيث تأخر الاحتفال بسبب ذكرى وفاة بطرس باشا غالى الذى كان قد أُغتيل سنة 1910م وحلت ذكراه السنوية سنة 1911م)، وفى عام 1961م احتفلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى عهد البابا كيرلس السادس (1959 1971م) بمرور مائة سنة على رحيله بحضور كمال الدين حسين وزير التربية والتعليم آنذاك.

ولكن كم بالأولى أن نحتفى اليوم بذلك المصلح العظيم، لاسيما أننا نحتاج الآن وربما أكثر من أى وقت مضى إلى أن نتذكر هؤلاء المُصلحين وإصلاحاتهم، فنعرف رؤاهم ونتعلم منهم، حتى يكونوا قدوة صالحة أمام الشباب. ولكن لا أقول أن يحتفى به الأقباط فقط، ولا أن تحتفى به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وحدها، بل ينبغى أن تحتفل به الثقافة المصرية، وأن يحتفى به المصريون جميعا.

ذلك لأن البابا كيرلس الرابع لا يُحسب على الأقباط وحدهم، ذلك أن قيمته الحقيقية إنما تكمن فى أنه جمع بين المجالين الخاص والعام، إذ أحب كنيسته القبطية الأرثوذكسية محاولا أن يعيد لها مجدها القديم، كما أنه أحب وطنه مصر حيث أخلص له وخدمه فى تعبير عملى عن معنى الانتماء للوطن.

وهو من ثم مواطن مصرى أولا وأخيرا يضرب بجذوره فى الأرض المصرية الصلبة، كما أنه وكمواطن مصرى قدم إصلاحاته لجميع المواطنين المصريين دون تمييز، ومن ثم فإنه رجل يعتز به كل مواطن مصرى ينتمى إلى تلك الأرض الطيبة والمباركة.. مصر.

إنها دعوة لأن تهتم المؤسسات الثقافية المختلفة.. الرسمية منها والمدنية، للاحتفاء بذلك المصلح الكبير، من خلال تشكيل لجنة تهتم بالاحتفال بمرور مائة وخمسين عاما على وفاته حيث ستحل ذكراه فى 30 يناير المقبل (1861 2011م)، فتُعقد الندوات والمحاضرات وتُقدم الأبحاث التى تُبين عظمة هذا الرجل ومكانته فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :