الأقباط متحدون | فتنة تقترب‏..‏ وحكمة تبتعد‏!‏
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٨:٢٧ | الاربعاء ٦ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢٦ توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٦٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

فتنة تقترب‏..‏ وحكمة تبتعد‏!‏

الأهرام - بقلم: د. وحيد عبدالمجيد | الاربعاء ٦ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

عندما يقترن احتقان شديد في المجتمع بتعصب ديني‏.‏ علي نحو يجعل الفتنة تقترب‏,‏ تصبح الحكمة ضرورة قصوي لتجنب اشعال نار يتراكم وقودها يوما بعد آخر‏.‏

فالتراكم يعني‏,‏ في هذه الحالة‏,‏ ان ينشأ الجيل الاحدث في ظروف اكثر تشبعا بأجواء الفتنة من الاجيال الاسبق‏.‏
ومن الطبيعي ان الجيل الذي يشب عن الطوق الان ويتابع معركة كليبات الاسلمة والتنصير التي تبث عبر الفضائيات وشبكة الانترنت ليس مثل الجيل الذي كان يسمع شائعات من هنا وهناك‏,‏ ففي عصر الصورة‏,‏ صار شحن النفوس وإلهاب القلوب ايسر بكثير مما كان قبله‏,‏ ولذلك تقترن معركة الكليبات بمظاهرات دار معظمها في الاسابيع الاخير‏,‏ حول حالة سيدة مسيحية اختفت فراجت حولها قصص وروايات لاتنتهي‏.‏
فما اخطر الوضع حين نجد قسما كبيرا في المجتمع لايشغله الا لماذا اختفت‏,‏ وهل خطفت فعلا ام هربت من بيتها بسبب خلافات عائلية‏,‏ وهل عادت علي اساس اتفاق لحل هذه الخلافات ام اعيدت مرغمة‏!!‏
وفي غضون ذلك‏,‏ لم يهتم الا اقل القليل بأسئلة من نوع‏:‏مااهمية مشكلة سيدة‏,‏ اية سيدة‏,‏ تعتنق اي دين‏,‏ لاتعتنقه‏,‏ وسط فائض المشاكل التي يعاني منها مجتمع مثقل بالهموم؟
أما السؤآل الاكثر اهمية علي الاطلاق‏,‏ والذي مازال خارج دائرة الاهتمام‏,‏ فهو عن مغزي ابتعاد الحكمة وقلة الحكماء الذين يمكن ان يتصدوا للعوامل المغذية للاحتقان المجتمعي والتعصب الديني حين يمتزجان‏.‏
غير ان الاكثر خطرا من انصراف الحكماء عن دورهم في هذا المجال هو مساهمة بعضهم‏,‏ او من يفترض ان يكونوا كذلك‏,‏ في انتاج وقود سريع الاشتعال‏.‏
وهذا هو ماحدث في اطار ما أسماه البعض معركة العوا ـ بيشوي في اشارة الي خطأين ارتكبهما كبيران ينتظر منهما غير ما اتيا به‏,‏ لان احدهما‏(‏ سليم العوا‏)‏ فقيه اسلامي مستنير ذو علم ومكانة والثاني‏(‏ الانبا بيشوي‏)‏ رجل دين مسيحي رفيع المستوي‏.‏
وليس في الامر معركة بالمعني الدقيق‏,‏ بل قذائف كلامية كان اعنفها واكثرها خطرا ماصرح به الانبا بيشوي وماورد في عظته الدينية التي نشرت في كتيب‏,‏ فقد اساء كلامه المنطوق والمكتوب إلي المصريين جميعهم‏.‏ وليس فقط الي المسلمين منهم‏.‏
كان خطأ العوا صغيرا للغاية في احدي المقابلات التليفزيونية حين سئل عن معلومات بشأن تخزين اسلحة قادمة من اسرائيل في بعض الكنائس‏,‏ فقد اكتفي بالتنبيه الي مامعناه ان اسرائيل تسعي الي اشعال الفتنة في بلادنا‏,‏ دون ان ينتبه هو الي ان السؤال نفسه يمكن ان يخلق وقودا لهذه الفتنة بالرغم من أن هذه ليست المرة لاولي التي يثار فيها الموضوع‏.‏ فكان الافضل هو ان يقول كلاما يهديء الخواطر من نوع ان الاغلبية الساحقة من مسيحيي مصر ومسلميها لا يقبلون اشعال النار في بلدهم‏,‏ ويرفضون اسرائيل من حيث الاصل والمبدأ‏.‏
اما خطأ بيشوي فهو اكبر بكثير‏,‏ بل يصل الي مستوي الخطيئة‏,‏ لان حديثه غير المسئول عن ضيوف واصحاب بلد يعرض المسيحيين الي خطر يعرفونه قبل غيرهم‏,‏ لانه يهدم مبدأ الدولة المدنية التي يكون مصيرهم مؤلما في غيابها‏.‏
كما انه سمح بتداول عظة تتعلق بصميم العقائد الدينية في كتيب خلال مؤتمر مفتوح وليس مغلقا علي المشاركين فيه‏,‏ وخالف الحكمة القائلة ان مناقشة الخلاف في العقائد علنا لاتؤدي الا الي المهالك‏,‏ وبموجب هذه الحكمة كان هناك تفاهم‏,‏ منذ ان ظهرت فكرة حوار الاديان علي ان هذا الحوار لايتعلق باختلاف العقائد لان احدا لن يقنع الآخر بغير عقيدته‏,‏ بل يهتم بالبحث عن المشتركات الاخلاقية والقيمية بين هذه العقائد‏.‏
كما خالف حكمة اخري مستقرة منذ قرون طويلة‏,‏ وهي ان بعض مايمكن تناوله في اوساط الخاصة لايصح ولايجوز طرحه علي العامة‏.‏
ولذلك حرص بعض كبار الفقهاء في عصر الفتنة الكبري علي نصح الدعاة والوعاظ بعدم الخوض في مسائل العقائد والفقه حتي لايصبوا زيتا علي نار هذه الفتنة‏.‏
ولايمكن مطالبة الانبا بيشوي بعدم مناقشة اختلاف العقائد في جلسات خاصة‏,‏ او في عظة كنسية وان كان تجنب مثل هذا الاختلاف مفضلا في الدروس الدينية في اوساط المسلمين والمسيحيين بوجه عام‏.‏ ولكن ماينبغي ان يلتزم به‏,‏ ولابد انه يعرفه‏,‏ فهو عدم طرح مثل هذه الامور علي العامة في اي سياق‏.‏
اما المثقفون‏,‏ الذين صبوا زيتا علي هذا الوقود الذي يسهل اشعاله‏,‏ فقد ارتكبوا خطأ بدورهم‏.‏ فكان نقد موقف الانبا بيشوي واجبا‏.‏ ولكن الفرق كبير بين النقد الحكيم الذي يهدف الي احتواء ازمة ومحاولة اعادة العقل الي من يفقده‏,‏ والهجوم الحاد الذي يفاقم اية ازمة بسبب عنفه لفظا ومضمونا‏,‏ وقد وصل هذا الهجوم الي حد ان بعض دعاةالدولة المدنية بدوا وكأنهم يحملون معاول لهدم مابقي في مشروع هذه الدولة‏.‏
ولذلك اصبح ضروريا مراجعة المنهج المتبع في معالجة فتنة لم ينجح في معالجتها بل فاقمها‏,‏ واعادة النظر في الذهنية التي يعيش اصحابها في عالم افتراضي يقيمون فيه لقاءات الوحدة الوطنية بكلماتها الرنانة ومآدبها العامرة ويعقدون جلسات عرفية تساوي بين الهجوم والضحية بدلا من تأكيد سيادة القانون‏,‏ ويخرجون علينا بين حين واخر باكتشافاتهم العبقرية بشأن المحاولات الاجنبية الفاشلة لاثارة الفتنة وضرب الاستقرار‏.‏
فعندما تصبح الفتنة قريبة‏,‏ لايصح ان تكون الحكمة بعيدة‏.‏ وتتطلب الحكمة‏,‏ الي جانب مراجعة منهج معالجة الاحداث الطائفية عملا سياسيا واجتماعيا جادا لتبريد المجتمع الذي وصل الاحتقان فيه الي حد ينذر بالغليان‏.‏
المهنية بين الاهراموآخرين‏!‏
ربما كان ممكنا ان صدق من رأوا ان اجتهاد احد صحفيي الاهرام في معالجة صورة نشرتها الصحيفة يعتبر خطيئة لو انهم معنيون بالخطايا الحقيقية التي تعج بها صحف اخري‏.‏
وها هي صحيفةالكرامة تقدم فتحا جديدا في هذا المجال عبر العناوين التي وضعتها علي حوار اجرته مع كاتب السطور ونشرته في عددها الصادر الاسبوع الماضي‏.‏ فهي لم تكتف بالخطيئة التي صارت شائعة‏,‏ وهي تحميل العناوين دلالات تتجاوز منطوق الحوار‏,‏ بل اختلقت عناوين ليس لها اصل في نص هذا الحوار‏,‏ واقحمت في هذه العناوين اسماء شخصيات لم يذكروا مرة واحدة في النص المنشور‏.‏ كما وضعت تلك العناوين في حجم يقترب من نصف المساحة التي نشر فيها الحوار‏.‏ فما رأي حماة المهنية‏!‏




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :