مصر بوشّين
بقلم/ ايهاب شاكر
تظاهر المئات من المسيحيين، أمام الكاتدرائية الكبرى بالعباسية، منددين ببعض شيوخ الإسلام، الذين تطاولوا على الكتاب المقدس ونعتوه (بالمكدّس) والمحرّف، وكان المتظاهرون قد أمسكوا بأيديهم صور هؤلاء الشيوخ، وأخذوا يضربون الصور بالأحذية، وكانت الصور للشيخ الشعراوي، وزغلول النجار، وسليم العوا، وأبو إسلام وغيرهم ممن تطاولوا على المسيحية وكتابها المقدس.
كان المتظاهرون أيضًا يهتفون متلفظين بأقوال يعاقب عليها القانون منها مثلا: "يا زغلول يا فشار إنت و أهلك حطب النار" ، " يا زغلول يا كداب يا مؤيد الإرهاب" ، " يا سليم العوا العوا انت صنفك م السلعوة" ، " يا أبو إسلام يا أبو إسلام باليمين خطي الحمّام" والكثير من أمثال هذه الهتافات ضد هؤلاء الشيوخ.
الغريب في الأمر أن الأمن كان يحمي المتظاهرين هذه المرة، رغم كل ما يفعلونه من سباب وأفعال ضد القانون، وكأنه موافق على كل كلمة وعلى كل تصرف.
عزيزي القارئ، بالطبع كل ما سبق وقلته لم يحدث على الإطلاق، أو ليس على إطلاقه، بمعنى أن المتظاهرين في هذه الحالة لم يكونوا مسيحيين، لأنه ببساطة لم يعلمنا الكتاب المقدس، ولا شخص الرب يسوع، أن نتعدى بالكلام أو الأفعال على أحد. ولو حدث كانت الدنيا قامت كالعادة ولم تقعد إلا بالدماء والتخريب.
لكن الذي حدث بالفعل هو مظاهرات أقل ما يقال عنها، مظاهرات رعاع وغوغاء يريدون حرق هذه البلد، مظاهرات كلها سباب وألفاظ لا تليق بالمهذبين والمحترمين، مظاهرات من بعض المسلمين، أو المتأسلمين، لأن الكثير من المسلمين عقلاء ومحترمين. كانت المظاهرات تتهم قداسة البابا شنودة بالعمالة للأمريكان، وهو المشهود عنه من الجميع(المحترمين والمنصفين) أنه الرجل الوطني الأول في مصر، وهو صاحب المقولة الشهيرة، والذي يتخذها موقع الأقباط متحدون شعارًا لهم" إن مصر ليست وطنًا نعيش فيه، بل وطنٌ يعيش فينا".
لم يكتفِ المتظاهرون بالسباب والنعات القبيحة، بل أخذوا صورة البابا واستمروا بضربها بالأحذية، وبهذه التصرقات والسلوكيات التي لا تصدر إلا من بلطجية وغوغائين، هم لا يهينوا شخصه فقط، بل هم يهينوا كل مسيحيي مصر، بل وفوق الكل هم يهينوا شخص المسيح الذي له كل المجد والكرامة.
الغريب في الأمر بالفعل هو موقف الأمن، فتخيلوا معي لو حدثت المظاهرات من مسيحيين وكما تصورتها في صدر المقال، ماذا سيكون رد فعل الأمن، بل ورد فعل الشارع نفسه؟!
اعتقد أن الإجابة معروفة ومتوقعة، كانت ستحدث مجزرة ضد هؤلاء المتظاهرين المسيحيين، من الأمن ومن الذين ينصرون الإسلام وشيوخه سواء كان ظالما أو مظلوما.
لكن رجال وضباط وعساكر الأمن الأفاضل، لم يحركوا ساكنًا ضد هؤلاء المتظاهرين الذين قاموا بسب البابا والكنيسة، وضرب صورته بالأحذية، بل وكانوا يظهرون وكأنهم يحمونهم، ولا أدري مِن مَن.
أإلى هذا الحد وصل الاستهتار بنا كمسيحيين؟!! أإلى هذا الحد وصلت الاستهانة بنا، ونُعامل ليس حتى كمواطنين من الدرجة الثانية؟!! بل كأسرى حرب، وليست حرب واقعة تحت القانون الدولي في معاملة الأسرى، لأنه قانون محترم، وأسمى من قوانين كثيرة يدعون أنها سماوية.
(بلاها الحكومة والأمن) أين أنت يا رئيس كل المصريين، وأبو كل المصريين(كما يحلو للبعض أن يتشدق)
أين أنت يا مبارك مما يحدث لنا كمسيحيين؟؟
فبتاريخ 6 – 9 – 2010 نشر الأهرام تحت عنوان"مبارك يحذر من التطاول علي الإسلام"
وجاء في صدر المقال:
"حذر الرئيس حسني مبارك أمس من مخاطر التطاول علي الإسلام وتشويه صورته وتعاليمه ليس في الدول الغربية فحسب, بل داخل بلادنا, واتهم المتطاولين علي ديننا الحنيف بأنهم جهلاء أو من طالبي الشهرة والمال."
والآن، أين مبارك مما يحدث من تطاول على المسيح والمسيحيين ورمز عظيم من رموز المسيحية بمصر، بل والعالم أجمع؟!!
أم أن مصر الآن أصبحت "بوشين" " وش" تتعامل به مع من هم ضد الإسلام، فتندد وتحذر وتقوم المظاهرات ضد أي معتدي، ولو شخص واحد فقط في الداخل أو الخارج. ولكن عندما يتعلق الأمر بمسيحي أو مسيحيين بل وعندما وصل الأمر لأبشع من ذلك بالاعتداء على رمز المسيحية في مصر، يكون الأمر وكأن شيئًا لم يكن.
يا خسارة يا مصر بقيتي بوشين
ومحدش بقى عارف، أو يمكن خايف
يقول الحق، واتنزعت م القاموس كلمة لأ
محدش بقى بيميز بين أبو قرش أو قرشين
يا خسارة يا مصر بقيت بوشين
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :