الأقباط متحدون | حديث البحيرة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٥١ | الثلاثاء ١ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢١ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٦٣ السنة التاسعة
الأرشيف
شريط الأخبار

حديث البحيرة

الثلاثاء ١ ديسمبر ٢٠١٥ - ٢٢: ٠٦ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

زهير دعيم
مرّ الكثيرون من هنا ...مرّوا بجانبي ، وشربوا من مائي ، واغتسلوا من أدرانهم.
 
مرّ القادة من كلّ الأمم بسنابكهم وخوذاتهم وعبوسهم .
 
مرّت الجيوش بجحافلها ومعدّاتها ، فأزعجت سكينتي ، وعكّرت مياهي وحياتي .
 
مرّ الغنيّ والفقير والأرملة والروماني واليهودي والحثّي والآرامي .
 
مرّ النّسر والأسد واليمامة .
 
مرّ المعمدان فصرخ وهدر وتوعّد ، وراح يغسل النفوس بماء التّوبة.
 
مرَّ التّاريخ مُثقلا بالحوادث والحادثات ، يجرّ تارة رجليه جرًّا ، وتارة يركض ويعدو ، وأخرى يغنّي.
 
مرّوا جميعًا وامّحت آثارهم ، محتها العاصفة والهدير ، ولم يبق منهم في ذاكرتي إلا السديم والضباب !!
 
 
ومرّ يسوع ....فغرّدت موجاتي ، وصفّقت أشجار الصّفصاف الصنوبر ، وخشع البرقوق والجوريّ والياسمين .
 
مرّ يسوع بجانبي فاغتسلت جوانحي ، وتطهّر مائي ،" وحملقت" الى فوق ، الى صوت آتٍ من السّماء : " هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا"
 
مرّ يسوع فتسابقت السّمكات لكي تقع في شباك بطرس واندراوس ، وكلّ واحدة تقول : أنا...أنا .
 
مرّ يسوع فهرب البرَص لا يلوي على شيء ، وفرّ الجوع أمام قفف الخبز المُحمّر بالمحبّة.
 
مرّ وكل يومٍ يمرّ بخاطري ...أنا بحر الجليل ، البحيرة الصغيرة  الغافية بين جبال ومروج ارض الميعاد ...كُنتُ نسيًا منسيًا ، كنت بحيرة من آلاف االبحيرات  تمرّ فوقها النسور فلا تلتفت ، ويمرّ بجانبها التاريخ فلا يتوقف الا نادرًا ...إلى أن جاء ذاك المُحمّل بالأزهار والأشواك والآلام والطعنات .
 
جاء فرفعني إلى فوق ...
 
رفعني فوق عمالقة البحيرات .
 
سما بي فوق التاريخ وأهله، وخطّني في كتاب الأيام قصيدة جميلة.
 
جاء " فسرقني " من ذاتي ، وأنساني نفسي ، وهو ينثر درره فوق موجاتي ؛ هذه الموجات التي تمرّدت مرّةً ثم عادت واستكانت كما الطفل في حضن امّه.
 
افترَشني – أنا بحيرة طبريا - بساطًا لو تعلمون ، ومشى واثقًا ، وكدت أموت ضحكًا حين مشى بطرس الصيّاد فوقي خطوات ، ثمّ شهق : إنّي أغرق ..ومدّ السيّد يمينه كما يمدّها كل يوم.
 
لماذا شككتَ ؟ !!
 
مرَّ الكثيرون ونسيتهم الذاكرة !!
 
ومرَّ الله فغنّت جوانحي وأمواجي وما زالت تغنّي.......




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :