الأقباط متحدون | الشيخ الطيب وتصريحه غير الطيب
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:٠٠ | الاثنين ٢٣ نوفمبر ٢٠١٥ | ١٣ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٥٥ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

الشيخ الطيب وتصريحه غير الطيب

الاثنين ٢٣ نوفمبر ٢٠١٥ - ٣٠: ٠٨ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى
كنت، وما زلت، انظر للشيخ أحمد الطيب على انه انسان طيب.  وأذكر انه عند تعيينه شيخا للازهر كتبت مقالا عنوانه "يا راجل يا طيب" أهنئه فيه على الاختيار للمنصب وامتدح طيبته التى تعبر عن سماحته ودماثة اخلاقه.  واسعدنى ان اعلم انه قال عن موعظة السيد المسيح على الجبل انه كان يقرأها وكانت تدمع عيناه.
ولكن يبدو ان الطيبة قد شطت عند شيخنا الطيب كما راينا فى تصريحه الاخير.  لقد شعرت بعد قراءة ذلك التصريح انه ما كان يجب ان يصدر عن رجل فى قيمة وقامة الشيخ الطيب الذى يجلس على قمة مشيخة الازهر الذى يتفاخر مشايخه بانه منارة الاسلام السنى الوسطى فى العالم.
قال فضيلة الشيخ فى تصريحه ان "الاسلام يتفق مع الحضارة اكثر من غيره" واضاف "عندما ترك الغرب الدين تقدم وعندما تركنا نحن الدين تاخرنا".
التصريح فى صميمه يقارن بين المسيحية والاسلام.  وهو يوصم المسيحية بالتخلف فيقول ان الغرب تقدم عندما تركها، وينسب للاسلام التحضر فيقول ان العرب تاخروا عندما تركوه.  وبديهى انه من حق الشيخ ان يمتدح دينه كما يشاء ولكن ليس من حقه ان يذم دين الغير.  وبما انه فعل فهذا يعطينا الحق ان نناقش كلامه طبقا لمعايير العقل والمنطق وحقائق التاريخ.
 
الشق الاول: هل عندما ترك الغرب دينهم المسيحى تقدموا؟
الغرب يا سيدى لم يتركوا الدين المسيحى يوما حتى ينسب تقدمهم الى تركهم للمسيحية.  وفى الفترة التى يشير اليها الشيخ الطيب شهد الغرب نهضة دينية اكبر من اى فترة اخرى فى تاريخهم.  ما فعله الغرب فى تلك الفترة ليس ترك الدين المسيحى بل فصل الدين عن السياسة فوضعوا الدين داخل الكنيسة ليكبر وينمو وتركوا السياسة فى اروقة الحكم ايضا لتكبر وتنمو.  وفصل الدين عن السياسة حرر الاثنين من امكانية طغيان الواحد على الآخر.  وهذا العمل حفظ للدين قدسيته على اساس انه يتعامل مع الثوابت التى لا تقبل التغيير وايضا حفظ للسياسة حقها فى الفحص والتجريب والتغيير. 
ما عمله الغرب لم يكن الغاء الدين المسيحى من حياتهم بل الرجوع الى اصل الدين المسيحى الصحيح كما رسمه السيد المسيح.  فالسيد المسيح لم يأت ليؤسس نظاما سياسيا بل ليرد الناس الى معرفة الله ويوفر لهم طريق الخلاص الابدى.  والسيد المسيح لم يطالبنا بنبذ السياسة او الدين ولكنه طالبنا ان لا نخلط بين الاثنين "اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" مرقس 12: 12  اما هو فقد رفض ان يصبح زعيما سياسيا فلم يقبل ان يتوج ملكا وعندما راى انهم يريدوا ان ياخذوه ليتوجوه عنوة اختفى عنهم.  واعلنها بوضوح "مملكتى ليست من هذا العالم" يوحنا 13: 36
 
والشق الثانى: هل عندما ترك العرب دينهم الاسلامى تأخروا؟ 
بالمثل العرب لم يتركوا يوما دينهم الاسلامى حتى ينسب تاخرهم لهذا الترك .  ما تركه العرب هو الغزوات الاسلامية التى اوقفت المصدر المالى الذى كانوا يتمتعون به فى يوم من الايام.  وهذا ما اعلنه احد السلفيين عندما قال ان المعاناة المالية  للمسلمين حدثت بعد توقفهم عن الغزوات.
ومع ذلك فالشيخ الطيب كان يجب ان يعلم ان المسلمين لم يتوقفوا عن الغزوات بسبب طيبة قلوبهم وباختيارهم الحر ولكن عن اضطرار.  فقد جاء الوقت الذى تدهورت فيه القوة العسكرية للمسلمين وانهزموا بعد ان كانوا يظنون انهم فى طريقهم لاخضاع العالم كله تحت هيمنتهم. 
كانت الهزيمة الاولى بعد ان عبروا مضيق جبل طارق من شمال افريقيا فى طريقهم الى اوروبا فاحتلوا اجزاء من اسبانيا والبرتغال وحوالى ثلث فرنسا ووصلوا الى مسافة 125 ميل من باريس ولكنهم انهزموا سنة 732م امام قوات اوروبا الغربية بقيادة تشارلس مارتل. 
وبعد نحو الف عام حاولت الامبراطورية العثمانية غزو اوروبا من ناحية الشرق فاستولوا على اليونان ويوغسلافيا وبلغاريا واجزاء من رومانيا والمجر وفى سنة 1683م وصلوا الى فيينا.  ومرة اخرى انهزموا امام جيوش اوروبا الشرقية بقيادة ملك بولندا جان سوبيسكى وولوا الادبار.
واستمروا فى الانحدار الى سنة 1856 حيث اضطروا الى قبول ما املته عليهم اوروبا بالغاء قوانين اهل الذمة للبلاد التابعة للخلافة.  وانتهت الامبراطورية العثمانية بالسقوط والتى اطلق عليها لقب "رجل اوروبا المريض".  ومن وقتها تحاول الجماعات الارهابية اعادة وهم الخلافة ولن ينجحوا.
فضيلة الشيخ الطيب كان يجب ان يعلم ان تقدم الغرب كان نتيجة تمسكهم، وليس تركهم، لمبادىء الدين المسيحى التى تعلى من قيم الامانة والعمل والاجتهاد.  والمسيحية هى التى غرست فى الغرب حب الخير وحب الغير ففى كل كارثة تلم بالانسان فى اى مكان تجد الغرب المسيحى يتصدر عمليات الاغاثة بالدواء والغذاء والمتطوعين دون قيد او شرط.  وعلى الشيخ ان يلقى بنظرة حوله ليرى ما يصدره الغرب لنا فبدل المتفجرات سيجد المدارس الناجحة من الحضانة للجامعة.  وبدل القتل والجرح سيجد المستشفيات والراهبات ملائكة الرحمة اللاتى كرسن حياتهن لعلاج المسلم قبل المسيحى.  وهو يعلم ان الاعانات للدول الفقيرة الاسلامية تاتى من الدول الغربية المسيحية.
فى المقابل كان على الشيخ الطيب ان يعلم ان تاخر العرب كان نتيجة زيادة الجرعة الدينية وليس قلتها.  نعم معظم المسلمين ليسوا ارهابيين ولكن معظم الارهابيين مسلمين يرتكبون الارهاب يوميا باسم الاسلام وبناء على نصوص تحض على الجهاد وكتب التراث التى تنشر الخرافات وتدرس بالازهر.  وهو يعلم ان القدرية من اركان الاسلام وتقنع المسلم ان كل شىء مقدر ومكتوب له وانه لا يستطيع عمل اى شىء لتحسين احواله.  ولذلك اعتمد العرب على الغرب فى تصنيع كل شىء حتى ابرة الخياطة، وفى غرورهم اعتقدوا ان الله سخر الغرب لخدمتهم.  وهو يعلم ان فعل الخير فى الاسلام لا يقدم لغير المسلم المحتاج الا تحت بند "المؤلفة قلوبهم" اى من ابدوا الاستعداد لاعتناق الاسلام.
وبعد، فهناك الكثير مما يمكن ان يقال فى الموضوع ولكن الحيز المتاح يضطرنى الى التوقف عند هذا الحد.  لعل الرسالة تكون قد وصلت.

 
Mounir.bishay@sbcglobal.net 
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :