الأقباط متحدون | في مسألة "كاميليا شحاتة"..مخزون الغضب
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:٠٣ | الاربعاء ٨ سبتمبر ٢٠١٠ | ٣ نسئ ١٧٢٦ ش | العدد ٢١٣٩ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

في مسألة "كاميليا شحاتة"..مخزون الغضب

الاربعاء ٨ سبتمبر ٢٠١٠ - ٣١: ٠٦ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عوض بسيط
كيف تحوّلت مسألة اختفاء زوجة غضبانة إلى قضية أمن قومي ومسألة طائفية؟ كيف تجمّع المئات خلال ساعات في الكاتدرائية للتنديد باختطاف سيدة غير مختطفة؟! ولماذا يهدّد مئات المسلمين بالتظاهر عقب صلاة عيد الفطر من أجل عودة سيدة مسلمة، لم تُشهر إسلامها!
كل الروايات المفبركة وأنصاف الحقائق المنشورة والمتداولة حول "كاميليا شحاتة"، تُزكّي نار الفتنة! فلماذا وصلنا لهذه الدرجة من الحدة والريبة في التعامل بين أقباط مصر (مسيحيون ومسلمون)؟ أعتقد أن هناك مخزونًا من الغضب ينفجر في هذه الأزمة، والأسباب– من وجهة نظري- متعددة:
 
أقلية مضطربة
الطفل القبطي يرضع الشعور بالاضطهاد ويُفطم عليه، فاضطهاد القبط حدث متكرر، ويكاد يكون نمطيًا في تاريخهم، يجعل هناك حالة من التوجس والريبة تترسخ في الذهنية القبطية تجاه تصرفات الدولة والأغلبية المسلمة. فعندما يُحرم طالب متفوق من التعيين بسبب ديانته، وعندما يثور مسلمو قرية بسبب "شائعة" بناء كنيسة، وعندما تُرشق جنازة من قُتلوا عشية عيد الميلاد بالحجارة..كل هذه أحداث تجعل القبطي يتشكك في أصابع يديه..
 
وسط هذا الاضطراب، يتخذ البعض من الاضطهاد "شمّاعة" لتعليق أخطاءه عليها؛ فالطالب الذي لم يذاكر يقول: إنه رسب لأنه قبطي. وإذا فُصل من العمل لإهماله، يرى أنه مُضْطَهد! وهنا تتوه الحقائق.
 
أغلبية مُستنفَرة
عندما يصبح الطريق إلى الجنة هو عدم مصافحة القبطي، وعدم تهنئته بعيده- وإن أمكن هدم كنائسه- تصبح الذهنية الإسلامية الوهابية مُستنفَرة تجاه كل من يحمل علامة الصليب! وكما يرضع الطفل القبطي الشعور بالاضطهاد، يرضع الطفل المسلم الشعور بالاستنفار، فيتعلم أن القبطي الذي يُطرد من الفصل أثناء حصة الدين، يعامل هكذا لأنه كافر (في بعض الأحوال مشرك!)، وإنه لا يستحم، وأن رائحته غريبة، وأسرته تمارس الزنا في الكنيسة!! فليس من المنتظر أن تقوم تلك العقلية بالتحليل المنطقي للأحداث، بل الحالة الذهنية الجهادية هي التي تقود صاحبها.
 
نظام يقوم على القمع
منذ انقلاب 1952 والنظام المصري يقوم على سياسة القمع، والكل هنا مُضّطهد (إلا أن القبطي مضطهد مرتين)؛ فقانون الطواريء لا يميز بين مسلم ومسيحي. وكذلك ثلاجات أقسام الشرطة، بل بالعكس تجد ترحيبًا مضاعفًا إذا ما كان طرفي الخلاف– أي خلاف- مسلم ومسيحي، فيتم تهديدهم بالتحويل لأمن الدولة مالم يتم التصالح المُهدِر- عادة- لحقوق أحد طرفي النزاع. وهنا إذا كان المتضرر مسلمًا يقنط على الكنيسة التي تقوم بلي ذراع الدولة احتماءً بـ"أمريكا" و"إسرائيل"!! وإذا كان قبطيًا فيكفي تكرار الجملة الشهيرة "البلد بلدهم"، وهنا يزداد التوتر الذي لا يقلل من حدته القبلات، ولا موائد الإفطار.
 
دولة بوليسية

العقلية الأمنية هي التي تحكم "مصر"، فلماذا لا تعلن الدولة تعداد الأقباط وكأنه سر عسكري مهيب؟!! لماذا الملف القبطي هو ملف أمني بجانب ملفات البدو والنوبة والشيعة... وغيرها من الملفات؟ لا تفسير إلا أن النظام– لسبب أو لآخر- لا يحب الحوار! فتبقى سياسة العصا والجزرة هي الوسيلة المفضلة للدولة البوليسية. فكما كان إلغاء جلسات النصح والإرشاد هو العصا لعقاب الأقباط عقب حادث "وفاء قسطنطين"، ربما تكون أحداث "كاميليا شحاتة" هي الجزرة قبل انتخابات الرئاسة.. لتواصل الدولة رسالتها المفضلة للأقباط: "أنا الملاذ الوحيد لكم..أنا ومن بعدي الإخوان".
 
لا ضمانات لحرية العقيدة
على الرغم من نص الدستور المصري على حرية العقيدة (مادة 46)، ونص الميثاق العالمي لحقوق الإنسان أن "لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده" (مادة 18)، إلا أن هذه المواد تظل حبرًا على ورق فيما يتعلق بحرية التنصر، أو حتى العودة للمسيحية. فحرية العقيدة في "مصر" تجري في اتجاه واحد فقط وهو الإسلام، في حين أن البهائيين مثلاً يقاسون الأمرين لاستخراج أوراقهم الثبوتية، أما عن القرآنيين واللادينيين والملحدين، فهؤلاء قد يُزَج بهم في السجون في أي وقت تذرعًا بالمادة الثانية من الدستور.
 
لماذا تختفي الفتاة القبطية التي تشهر إسلامها؟ ما الجهات التي تقف وراء هذه العمليات أحيانًا؟ وما دور الأمن في إخفاءها وحماية الطرف الآخر إن كانت قاصرًا؟ كل هذه أسئلة تضع حرية العقيدة في مأزق..ولعلها كانت المبرِّر لتدافع الأقباط إلى الكاتدرائية احتجاجًا على شائعة اختطاف زوجة الكاهن.
 
إعلام طائفي
لماذا تتصدر خانة الديانة عناوين الأخبار في الصحف الخاصة، والمواقع الإليكترونية؟ لماذا تكتب صحيفة ديانة السارق أو القاتل إذا كان مسيحيًا في عنوان الخبر؟ لماذا يتحول "مقتل شاب مصري" إلى "مقتل شاب قبطي"؟ لماذا يتحول الاختفاء إلى اختطاف؟ لماذا تتصدر قصة هداية "فلان" إلى الإسلام الصفحات الأولى؟ لماذا تُنشر الفيديوهات المسيئة للطرفين على الإنترنت؟
 
كل هذه الأسباب– في نظري- أدت إلى الاحتقان الذي انفجر في الكاتدرائية، والذي ظهر أمام مسجد النور..ومازلت الدولة تنكر أن هناك أزمة طائفية..وربما تنكر أن هناك أقباطًا في مصر!.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :